أكتوبر بين انتصارات وخيبات! 

د. علي العسلي
السبت ، ١٢ اكتوبر ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٥٣ مساءً

في أكتوبر، تمتزج الأحزان مع الأفراح، لتصنع معاً تاريخاً نضالياً مكللاً بالاستمرار والانتصارات.

 إن شهر أكتوبر عظيم، وأحزانه مقدمات لانتصاراته. فيه يواصل الشعب العربي تضحياته لنيل العزة والحرية والكرامة، ومن أجل الاستقلال والسيادة، ومن أجل فلسطين وبقاء الأمة العربية حاضرة وحيّة.

 

في 6 أكتوبر 1973م، حقق النظام العربي الرسمي انتصاره الوحيد على الكيان الصهيوني المزروع في قلب أمتنا العربية؛ ذلك النصر العربي الكبير باعه بخسًا الرئيس (أنور السادات) في 17 سبتمبر 1978م، فيما عُرف باتفاقية "كامب ديفيد" المشؤومة.

 

إذ كان الهدف من تلك الاتفاقية تحويل ذلك الانتصار إلى هزيمة مدوية، فبتوقيعها، أصيب المواطن العربي بالخيبة والإحباط. وأصبح النظام العربي الرسمي، بسبب انفراد أنور السادات، منقسماً ولم تقم له قائمة بعد "كامب ديفيد"، إلا ما تحققه المقاومة بدمائها الزكية.

 

كما كانت تلك الاتفاقية تهدف إلى فصل القضية الفلسطينية عن سياقها الطبيعي، كقضية مركزية أولى للأمة، كي تصبح شأناً فلسطينياً خالصاً. وخلفت اتفاقية "كامب ديفيد" مولوداً مشوهاً في أوسلو، في 13 سبتمبر 1993م، فيما عُرف باتفاقية أوسلو - عاصمة النرويج - أو معاهدة أوسلو 1، والمعروفة رسمياً باسم إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي، والتي تم توقيعها بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة الكيان الصهيوني في مدينة واشنطن الأمريكية، والتي لم يكن لها أي مردود يخدم القضية الفلسطينية.

 

غير أن 7 أكتوبر 2023، قد قلب الموازين، وأعاد للسادس من أكتوبر بريقه ومضمونه، مشدداً على أن قضية العرب واحدة، وأن عليهم مؤازرة ودعم المقاومين في غزة وفلسطين، والانتصار لقضيتهم الأولى فلسطين ومقدساتها. كان السابع من أكتوبر طوفاناً على كل تلك الاتفاقيات والتوجهات التطبيعية الجديدة، وأعاد الاعتبار للسادس من أكتوبر عام 1973م وأحيى القضية من جديد، ولا تزال المعركة مفتوحة ومستمرة في المنطقة كلها.

 

وفي 14 أكتوبر 1963م، اشتعلت في الجزء الجنوبي من اليمن ثورة مباركة ضد الاحتلال البريطاني، وانطلقت من جبال ردفان بقيادة الشهيد الحر ( راجح بن غالب لبوزة) ، بدعم وإسناد من قيادة وأحرار ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م في الجزء الشمالي من الوطن؛ وحُصنت الثورتان في الثاني والعشرين من مايو 1990م في إطار دولة الجمهورية اليمنية بعد أن تحقق هدفيهما في إعادة تحقيق الوحدة اليمنية.

 

وفي 11 أكتوبر 1977م، أي قبل 47 سنة، اغتيل مشروع الدولة في غدر الوغد الحقير، فكان الوداع الأخير للشهيد الرئيس إبراهيم محمد الحمدي وأخيه، قائد قوات العمالقة البطل، إذ اغتيلا في منزل ذلك الغدار.

 وفي 21 سبتمبر 2014م، جرت محاولة اغتيال الوطن اليمني وليس فقط مشروع الدولة، ولا يزال الشعب اليمني وقيادته الشرعية يتصدون لهذه المحاولة، عازمين على إفشالها ومحاكمة المنفذين.

 

وفي 15 أكتوبر 1978م، قام التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري بانتفاضته محاولًا استعادة مشروع الدولة وتصحيح المسار، وانتقاماً لاغتيال الشهيد وهو ضيفٌ عند قاتليه، لكن المحاولة أفشلت، وحوكمت تلك الكوكبة صورياً، وأُعلن إعدام قادة الحركة وأُخفي آخرون، ولا تزال أماكن دفنهم مجهولة حتى هذه اللحظة، وهذه وحدها جريمة بحد ذاتها لم يرتكب مثلها في التاريخ.

 

 وجاءت ثورة 11 فبراير 2011م لتؤكد صوابية انتفاضة حركة الخامس عشر من أكتوبر، وجرى بعض التغيير وأعيد تشكيل التحالفات، لذا وجب على الأحياء ممن انضموا للشرعية وكان لديهم معلومات عن الشهداء والمخفيين قسراً أن يدلوا بدلوهم، لمكاشفة وإظهار الحقائق ومحاكمة المجرمين القتلة.

 

أختم فأقول: أن شهر أكتوبر يحمل معه احداثاً تاريخية مهمة يمنياً وعربياً. ففيه انتصارات ونضالات، ولا بخلو من أحزان ومنغصات "غدر وخيانات" رافقت تلك الأحداث.

 

إن طوفان الأقصى يُعد نبراساً للنضال العربي المشترك وصوت مدري لإحياء قضية فلسطين من جديد، ودرساً لضرورة تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك والتضامن العربي في مواجهة الاحتلال. إذ لابد من دعم المقاومة والاستمرار في النضال حتى زوال الاحتلال، والتمسك بالهوية العربية.

 

إن النضال لا ينتهي، بل هو مسار مستمر يتطلب التضحية والإصرار لتحقيق الكرامة والحرية للأمة العربية.

ونضالنا مستمر ومضاعف من أجل تحقيق أهداف الثورة اليمنية.

ولا أنسى أن اذكر بضرورة كشف الحقائق المتعلقة بالاغتيالات والاعدامات والتغييب القسري، خصوصًا فيما يتعلق بشهداء الخامس عشر من أكتوبر، لتحقيق العدالة ومحاسبة المتورطين.

 

التهنئة للقيادة الشرعية والشعب اليمني بالعيد 61 لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيد.

 

التحية لثورتي سبتمبر وأكتوبر، والرحمة والخلود لشهداء الثورتين.

 

الفخر والاعتزاز بالسادس والسابع من أكتوبر، والرحمة والخلود لكل الشهداء.

 

والخزي والعار للقتلة والمجرمين والمتآمرين "الوكلاء منهم والعملاء".

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي