لم تكن المذهبية يومًا مشكلةً إلا عند من أرادوها كذلك، لأنها باتت من ضروب الماضي الذي كان يجهل الناس فيه القراءة والكتابة وشحة سُبل العلم والمعرفة، كانت في زمن يرحل السائل عن مسألة من إقليم إلى إقليم ومن مصر إلى مصر..
ولم تعد مشكلة في زمن علماء فاقوا في علومهم علم مؤسسي المذاهب الفقهية أنفسهم، وإلا لما أفتى الفقهية بحر العلوم محمد بن اسماعيل العمراني والشيخ فضل مراد في المسألة بحسب رأي الفقهاء ويضيفا رأيهما فيها..ولكان اكتفى أحدهم بما قالوه وامتنع عن الزيادة في تفسير الظاهرة..
من يستمع إلى الدكتور الشيخ محمد بن الحسن الددو سيدرك أنه أعلم أهل الأرض منذ نزول الرسالة وحتى الساعة..أفتى في علوم لم يعرفها سابقوه، علوم لم تصل إلى مسامع من اعتبرهم البعض آخر المعارف وصناع المعرفة الفقهية والشرعية، علوم الإقتصاديات المهولة والعلوم البنكية والمصرفية المعاصرة، علوم التجارة والشركات العابرة للقارات، والشبكات التسويقة العنقودية الرأسية والأفقية، علوم الكون والفضاء وقصر الصلاة على الطائرات بين السحاب في الفضاء والمركبات الفضائية، وداخل الغواصات في أعماق البحار..
وكذلك الفقيه اليمني المجدد الدكتور فضل مراد الذي يتصدى لكل خرافة يطلقها أعداء الوطن ويتصدى لفقهاء شرب أبوال الإبل، والتعفر بالتراب والاتكاء على آراء فقهاء صارت قبورهم عدمًا وتحللت جثامينهم وباتوا عند ربهم أرواح، ويُقعِّدْ شرعًا لأفعال أحرار اليمن وأقيالها وإحياءهم للتراث اليمني تاريخهم والأعياد الوطنية ورفع العلم وإشعال الشعلات إحياءً لذكر ثورة 26 من ستمبر الخالدة..
تجاوزوا خرافات المذهبية التي صنعت أصنام العرقية وتفضيل بشر على بشر، مع الخلو المطلق لدعاواها في كتاب الله وسنة رسوله الصحيحة، والأدلة واضحة وصريحة لا مجال لذكرها، المذهبية التي تدعو إلى تقديس عرقًا بعينه ومشكوك في أصوله، تدعوا إلى تفوقه الجيني وحقه في الحكم في عالم انتشر فيه المسلمون بمختلف أعراقهم وألوانهم ولغاتهم في القارات الخمس بفضل قدماء اليمنيين الأوائل...
ماذا نقول للعالم المتقدم الذي بلغ أهله أساطير المعاريف، أنَّ لنا عرقًا شريف وأنتم دونه شرفًا حُق له أن يحكمكم وانتم عنده زنابيل عكفة وفلاحين ودافعي زكوات، أخماس وضرائب!! بأي وجه سيقابل المسلمين العرب باقي الأجناس والشعوب مع تلك الدعاوى المذهبية والخرافات العرقية؟؟
السؤال هنا ماذا لولم تعرف اليمن المذهبية وفعلت بها حروبها ما فعلت تحديداً شمال شمال اليمن التي لم تقم فيها دولة يمنية حقيقية وتمتعت بالاستقرار منذ سقوط الدولة الحميرية، كيف سيكون حالها؟ أبهذه الحالة المزرية التي نعيشها اليوم؟! أم سيكون حالها أفضل من الآن؟..
جريمة المذهبية الدينية التي لحقها التعصب الجهوي الأعمى الجريمة التي دفع الشعب اليمني ثمنها من ألف سنة حروب ودعوات باطلة أشبعت الأرض مقابر ورفات، وزعت الخراب وهدمت الدور ونسفت آبار المياة غرقاً وأحرقت المزارع حرقا.الأمر الذي جعل اليمن في أسفل قائمة البلدان الأكثر تخلفاً في العالم..
سؤال قد يُقرِّح العرق اليابس عند الملتفين بعباءات التطرف المذهبي تسفيهاً دون نقاش!!لماذ اليمن استثناء في حالتها الثقافية والاقتصادية حتى دون باقي الشعوب المتاخمة لها جغرافيا إسلاما عرقًا وتاريخ؟ ألم يكن التعصّب والتمذهب والغلو هما شرها المستطير..ماذا لو تولى الرآسة الدكتور حسن مكي بعد ثورة 26 من سبتمبر مهندس سياسة ودبلوماسية فك حصار السبعين على صنعاء وانتصار ثورة اليمن على أعدائها التاريخيين..
ماذا لو أتيحت له الفرصة وحكم اليمن نصف مرحلة الهالك يحيى حميد الدين عشرين سنة مثلاً ماذا لو أتيح للقاضي عبدالرحمن الإرياني الحكم وفقًا لرؤيته الوطنية والسياسية ماذا لو أتيح للشهيد إبراهيم الحمدي الذي اتهموه فجورًا عند مقتله بالفحش لتغطية جريمتهم الشنعاء..
كان ولا زال مذهب الهادوية الرسي فقاسة الإرهاب التاريخي كما أطلق عليه الدكتور عبدالله الشماحي، وخرافة الأقلية المذهبية الجوقه التي صدقها الغرب وذرفت الحركة الحوثية دموعها على أبوابهم وتذرعت بأنها تدافع عن حقوق الأقلية الزيدية وتمثلها في اليمن ودعاوى محاربة الإرهاب وهي كل الإرهاب ونصفه!!
هل عَلِمَ أعداء اليمن حَمَلَةْ فكرة المذهبية وزنانبيلها، بغالها وحميرها مآلاتها وسوء نتاجها، وحتى لا يعزي البعض الطرح إلى التحيُز المذهبي للكاتب، فهو لا يؤمن بالمذهبية برمتها لأنها شماعة الفشلة الانتهازيون سياسياً واقتصاديًا وإلا لما عاث السلاطين ومن بعدهم الفرس في أرض العرب الفساد وبإسمها، وأنى لهم ذلك لولا دعاوى العرقية القرشية والاصطفاء وخمس أموال المسلمين، إذ بلغت ميزانية أحد الحوزات الشيعية خمسة مليار دولار!! غير باقي الحوزات الضالة المضلة..
هُدِمت اليمن اقتصاديًا واجتماعيًا ومعرفيًا باسم المذهب الزيدي الذي نسب إلى الإمام زيد بن علي بن الحسين رضي الله عنهما زورًا إذ لم يكن له مذهبًا مدوناً مكتوب أو مدرسة فقهية كباقي المذاهب ولم يقل هو ذاته بالتشيع ولم يدعو إلى المذهبية وغلاتها إذ رد عن سؤال المتشيعين عن رأيه في الشيخين أبو وعمر رضي الله عنهما قال إنهما وزيرا جدي!! فرفضوا قوله فسموا بالرافضة..
ختامًا لماذا هذا التناول والسرد؟ لأن آلات الحرث المذهبية الانتهازية لا زالت تحرث في عقول العرب والمسلمين في اليمن، العراق، سوريا، لبنان وفي كثير من البلدان، وتقتل بعضعهم ببعض وتسفك دماءهم بأيديهم تعصبًا وقتلاً للوقت والأعمار والجهد، عَيَشَتهمْ في عالم آخر خارج نطاق حياة باقي الشعوب والعوالم العلمية والاقتصادية والاجتماعية خارج حكم وسيادة القانون، وسيادة الدساتير وتحكيم العقل في شؤون العامة والخاصة..
-->