لم يهزم الثورة والجمهورية إلا من تولوها ولم يعرفوا لها معنى، لم يتشربوا قيم الدولة الفتية، لم يكن لهم صلة وثيقة بنضالات الثوار الخُلَّص وتضحياتهم الزكية، لم يحتكوا بمن ربطوا على أحشائهم جوعًا وعطش أثناء خوض المعارك ضد الإمامة، في حصار السبعين يوما وما قبلها.. ولهذا فرطوا..
لم يكن لهم علاقة بمن قالوا "الجمهورية أو الموت" حتى انتصروا على الدول الكبرى التي كانت تدعم عصابات حكم الإمامة. فرنسا، بريطانيا، أمريكا، وإيران، ومن والاهم من دول الإقليم، ولم ينتصروا على مشروع الإمامة ومرتزقتها فحسب، بل انتصروا على إرادة كل تلك الدول بما تمتلك من إمكانيات مادية وعسكرية.. ولهذا تمالأوا وباعوا..
وكان لمشايخ الفيد وفقهاء وادي عبقر وفتاواهم الدور الأكبر في إعاقة قيام الدولة التي نشدها الشعب اليمني، جعلوا من أنفسهم حراسًا للقيم والدين، زعموا أنهم حائط الصد لمحاربة معسكرات الشرق، انقلبوا هزموا إرادة الشعب وكانوا أعوانًا لأعدائه، استخدموا المنابر والخُطب للتحريض على الثورة والجمهورية، قادتها وحملة نواة بنا الدولة، وعلى القيم الإنسانية النبيلة التي جاءت بها ثورة 26 من سبتمبر ودعا إليها الإسلام ذاته..
الثورة التي قامت على الظلم، الطغيان، الجه، العنصرية، والعصبية القبلية، على من لا يريد لليمن أن يطفو على السطح يأخذ مكانه الحضاري بين الأمم، ويظل ذلك المثل الأسوأ للأنظمة الجمهورية في محيط كله أنظمة فرديةً مطلقة، تأبى التحرر والانعتاق من جهالات قرون التخلف والاستعمار والأنظمة الدينية التي كان بعضها يشري القضايا العربية والبعض الآخر يشتري..
تعثرت خطى الثورة واستمرت عليلة لزمن نتاج فعالهم، بعد أن اتحدوا مع فلول الإمامة التي عادت بعد النصر هيأوا لعودتها حتى عادت، عادت الإمامة بغطاء من جمهوريتهم، شردتهم، صادرت مقراتهم أخذت حقوقهم وهدمت بيوتهم،..
غير أنهم لا زالوا في غيهم يعمهون، سينتصر الشعب اليمني سيكسر عودة الإمامة اللعينة وعلى يقين أن أول صراع للشعب اليمني بعد النصر سيكون معهم سيعودون وستتكرر أحداث أعسطس 68، ستفقس بيضاتهم كما تفقس بيض الكناري، وسيقفون مرةً أخرى أمام قيام نظام صافي متجرد من العصبية القبلية والتطرف الديني والجهوي.. تصخُر أيها الرفاق وكأن صخور الجبال جزءً من عقولهم..
لن نخرج مع العُكفة وفقهاء وادي عبقر حملة جلود فقه الاستجمار ومسائل خروج الهوى من الدبر "الضراط" إلى طريقٍ البتة، نسخة مكررة ممن يفتون بحق المتغلب في الحكم حتى لو زنى علنا على شاشات التلفزة! هم ذاتهم الذين شكلوا داعش بتخطيط من المخابرات الأمريكية، وهم أنفسهم الذين دعوا إلى طاعة الحاكم الإيطالي في ليبيا إبان غزوها وقالوا بأن طاعته من طاعة الله..
وهم هم المفتون الذين أفتوا بالحق الإلهي لحكم السلالة، وأنهم خزانات العلم ونواب الله في الأرض، وأنهم القناديل وغيرهم سوقة وعبيد، ومن أطاعهم دخل الجنة ومن عصاهم منافق مستحق القتل ومن واردي النار، هم من يشوهون بسمعة القادة حتى من حرب الإصلاح في مأرب وتعز وكل اليمن وينعتونهم بأشد النعوت ويحرضون عليهم ليل نهار!
ما القصة ما الخلاص؟ ألا خرجوا ودرسوا واحتكوا بالآخر، كما خرج الشيخ فضل مراد؟ احتك، تفقه وأفتى بحق إحتفاء اليمنيين بثورتهم وإشعال الشعلة وتبادل التهاني، وبحق اليمنيين أن يحتفلوا بتاريخهم وحضارتهم بيوم الوعل والمسند، وكل ما يمت إلى الهُوية والحضارة والتاريخ بصلة..
إلى متى ستبقى سطوة عصابات الفيد ودراويش الكهنوت السلالي والمذهبي أداة تهدم في شعب اليمن الحضاري العظيم إلى متى؟؟.
-->