الجزء الأخير من التحليل لبعض محاور برنامج بُعد الحدث، الذي شا كت فيه..
دور الأمم المتحدة
إن دور الأمم المتحدة يعكس دوله الكبرى، الذي هو في المجمل سلبي، ولذلك فقد طلب المبعوث، حين التقى مؤخراً في الرياض بسفراء الدول الحمس الدائمة العضوية، التوحد في القضية اليمنية، واتحادهم لدعم العملية السياسية وتحقيق وقف إطلاق النار في اليمن..
وكان قبل ذلك قد طالب في احاطته لمجلس الأمن الدولي، بأن يرسلوا رسالة موحدة وواضحة حول أهمية العملية السياسية، ووقف إطلاق النَّار، والضغط للإفراج عن موظفي الأمم المتحدة، إذ يعتبره أمر بالغ الأهمية في خضم هذه الأوقات العصيبة.
تقييم أداء المبعوث الأممي في اليمن
وقبل أن نقيّم أداء المبعوث الخاص الأممي ، يفترض أن نقيّم الأطراف المؤثرة بالأزمة اليمنية؛
فالحوثي مستمر في التصعيد، ورافض الجلوس مع الحكومة الشرعية والمكونات اليمنية الأخرى، وللآسف فإن القوى الإقليمية والدولية في تراجع مستمر في إظهار قوتها وعزمها في الزام الحوثي، بتنفيذ القرارات الدولية الصادرة بحقه؛
وبدلاً من ذلك.. تحاول بعض الدول احتوائه واسترضاءه، وتكثيف الضغوط باستمرار على السلطة الشرعية، للتنازل أكثر فأكثر؛
فتضطر الشرعية لتقديم التنازلات، استجابة للإرادة الدولية، وقد تجد نفسها وقد استنفذت كل مسببات بقائها واستمرارها..فإذا ما نُزعت هيبتها وقوتها، فإن ذلك يعتبر انتزاعاً لشرعيتها، وإعطائه للحوثي المنقلب كمكافئة له على انقلابه!؛
والحوثي عندما يحصل على شيء، فإنه يتنمر أكثر، ويواصل طموحه في الحصول على الأكثر والأكبر.
حالياً هو يطالب بالتوقيع على خارطة الطريق مع المملكة العربية السعودية، وليس مع السلطة الشرعية، وإذا ما حصل على طلبه، سيُعدّه الحوثي اعترافاً به؛
ووفقاً لهذا المتغير الجديد، فلا يقبل التوقيع مع السلطة الشرعية؛
ولذا.. أقول إن أراد العالم حقاً الوصول للسلام في اليمن، فيلزم الحوثي أن يكون مكوّّناً يمنياً، ويجلبه لطاولة المفاوضات اليمنية-اليمنية!
وملحوظ على التحالف العربي، أنه قد تراجع إلى حد ما،
لصالح تمرير خارطة الطريق التي قد أعلن الحوثي موافقته النظرية عليها، وأظن أن أعلانه القبول بها، كـ " تقيه" للحصول على مزايا، حيث في الواقع حتى قبل التوقيع عليها، قد انقلبت عليها عصابة الحوثي بالتصعيد في البحار، كي تتدخل أمريكا وتعطل التوقيع، ويتاح له أن يستمر بالمراوغة، ويمارس هواياته المفضلة بالعدوان على الشعب اليمني؛
وفي نفس الوقت، يبتز ويساوم، في محاولة منه لتحسين شروطه لتثبيتها في خارطة الطريق، بحيث تكون لصالحه بشكل أكبر.. وما التراجعات الأخيرة في قرار نقل البنوك، وعدم التزام الحوثي فينا يخصه، إلا كمؤشر عملي على أنه بعد أن يحقق مبتغاه في المرحلة الأولى، سيتتصل على مراحل خارطة الطريق في المراحل اللاحقة!
ومن التصعيد المثير للاستغراب ، أن محور المقاومة، تعمّد إضافة الحوثي كمكوّن أساسي في محور المقاومة رغم بعد اليمن، فرض الحوثة من قبل إيران على هذا المحور كمحاولة لإخراجه من عزلته وتسويقه على أنه لم يعد قوة محلية يمنية، بل قوة إقليمية ضاربة؛
وإيران هذه التي المفترض بتقاربها مع المملكة - بواسطة صينية-، يستفيد اليمن منها، عبر تهدئة وإجبار الحوثي على تخفيض التصعيد والجلوس للحوار والتسوية.. وكان بإمكان إيران أن تسهم في حل المشكلة اليمنية، لكن بدل ذلك فقد استغلت الهُدن الهشّة في اليمن، واستفادت من توقف الطلعات الجوية للتحالف والتدقيق في البحار، فضاعفت التسليح للحوثي، وراحت ترسل سفيراً لها لصنعاء متحدية الإرادة الدولية، وازداد الحوثي في عدائه للمملكة، واستمر في التصعيد أكثر.
.. إذاً.. التقارب لم يخدم القضية اليمنية، بل جعل الحوثي يتصلب أكثر، ويطالب مطالب أكثر، ويتمنع عن توقيع خارطة الطريق بحجج واهية، وبالتالي الابتعاد كثيراً عن إنجاز اتفاق سلام، ينهي الحرب، ويعيد بناء اليمن، ويعيد الاستقرار والتنمية لربوع اليمن والمنطقة.
وكما تعلمون أن امريكا شكّلت تحالف الازدهار في البحر الأحمر، فازداد الحوثي تصعيداً، ولم تقلص أمريكا القدرات الحوثية، بل ازداد الحوثي تصعيداً وتوسعياً، وتحالف الازدهار المتشكل كأنه جاء لحماية الحوثي في تنفيذ استهداف السفن التجارية في البحار، لا العكس؛
و طمع الحوثي، أو أراد الاستفزاز للامريكان بشكل مباشر، فبدل اكتفاءه باستهداف السفن التجارية المتجهة للكيان الصهيوني أو الآتية منه فقط، صار يتحرش ايضاً بالمدمرات الأمريكية، بهدف رفع رصيده التفاوضي وإملاء شروطه..
واعتقد أنكم رأيتم ذلكم لفلم الهندي لاقتحام السفينة اليونانية من قبل الحوثي، واحراق النفط فيها بذلكم الوقت والتصوير الدقيق وكأن في البحر لا توجد قوة غير قوة الحوثي؛
من خلال هذا الاستعراض يمكننا القول بان المبعوث والأمم المتحدة وإن كانوا ميُسرين إلا أنهم سلبيون، وسلبياتهم ناتجة عن موقف الدول الكبرى، خصوصاً أمريكا فيما يخص الشأن اليمني، والموقف من الحركة الحوثية الإرهابية،
فموقفهم ليس واضحاً وغامضاً، وينبغي على الامريكان تحديد موقفهم بوضوح ويعينوا الأمم المتحدة؛ إما في تحقيق سلام شامل وعادل، أو ترك الحكومة الشرعية ومن يساعدها في انجاز التقدّم والحسم على الأرض.. ولا شيء غير ذلك!!
العودة إلى مربع الحرب
الحرب لم تنتهي حتى يقال، أنه ممكن العودة إليها .. غير أنه في اليمن التقت مصالح المتحاربين والدول على التهدئة، ووافقت عليها لترتيب أوراقها؛
فالشرعية تسعى للم الصفوف وإيجاد اصطفاف وطني واسع، وتسعى لهيكلة القوات العسكرية الموجودة على الأرض؛
والحوثيون وجدوا ضالتهم بدعم واسناد غزة، بعد أن كانوا قد وصلوا للحضيض، فمنشغلين حالياً بهذا الملف لعلّه يأتي لهم بالشرعية بالتحكم في اليمن من خلال مواقفهم واستغلالهم لقضية فلسطين وغزة تحديداً، إذ انه قد يكون من الممكن أن ما ستستقر عليه الأوضاع في غزة سينعكس على الحوثة، إن سلباً أو ايجاباً في نهاية المطاف؟!
وعلى العموم للوقوف عند هذا المحور، لنقف ونحلل ونقول أنه اثناء الهدنة واستمرارها، عمل الحوثي مالم يعمله طوال الحرب:
تسلح أكثر، وأوجد لنفسه منفذاً للهروب لغزة من وضعهم الذي قد كان بائساً، واستهدف منشآت النفط ومنع تصديره، ومارس انتهاكه للهدن بالألاف من الخروقات، وقصف الضالع وتعز ومأرب وفي هذه الأثناء تقدم فجأة وهاجم مواقع الشرعية في المسيمر بلحج؛
ويحتشدون في مختلف الجبهات.. واختطف الطائرات للخطوط الجوية اليمنية وصادر أموالها، واعتقل وعذب الكثيرين بحجة التجسس، ولا يزال يحاكم الدكاترة وموظفو البعثات، وأصدر عُملة معدنية مزورة، وأوجد قوانين ضد البنوك واستغلالها، ويمنع السفن من المرور في البحار اليمنية ويفجرونها بنفطها مما ستتسبب بكوارث بيئة، وما الى ذلك.. فمربع الحرب مستمر ولكن بشكل ناعم قليلاً ربما!!
أختم بنصيحة للشرعية أن هذه المروحة خطأ، فبادروا وأحسموا الموقف حتى تخضعوا الحوثي للتخلي عن فرض الرأي بالقوة، وحتى يقبل الحوثي أن يكون مكوناً من جملة المكونات اليمنية، لا متحكماً باليمن ورقابهم!
-->