تحالفنا غير تحالف ايران!

د. علي العسلي
الجمعة ، ٢٦ يوليو ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٥٤ مساءً

 

جمعة مباركة على أسر الشهداء والأبطال المرابطين، والجرحى المتحملين الألم، وعلى كل واحد صاحب قرار ومتمسك به، وعلى عموم الشعب الغلبان! 

 

وقلنا مراراً أن عدم وجود رؤية واضحة بين السلطة الشرعية واحزابها من جهة، وبين المملكة العربية السعودية وباقي التحالف من جهة أخرى، قد يؤخر تحقيق الأهداف المعلنة، وربما لا يحققها ابداً فلا ينتهي الانقلاب ولا يتم تنمية ولا عمران!؛

ترى لماذا تحالف الداعم للسلطة الشرعية أقرب إلى خذلان الشرعية والخسران، منه إلى الانتصار لها في الميدان؛ وإلى قراراتها تثقيلها في الميزان وإلى السياسة بتدعيمها في التجمعات الدولية والبلدان.. لا الضغط لقراراتها في التراجع؛ وفي السياسة التنازل والإذعان؟!

ولقد أسرفنا في الحديث عن الفرس وتدخلهم وهدفهم في المنطقة؛ بينما جميعنا لم ننبه لخطورة محور إيران ومن انه لن يقف عند حدود اليمن فيما لا تراجع التحالف، بل سيزخف الحوثي نحو الجيران، ولن يغريه كل ما قدّم وسيقدم له بغرض احتوائه.

 

 وبدل الإسراف على إيران، علينا أن ننتقد بربع ما خصصناه من هجوم على إيران باتجاه أنظمتنا العربية وعلى التحالف العربي بشكل خاص، حيث هو الذي اخذ على عاتقه مسؤولية التصدي وتوقيف الزحف الايراني منذ وقت مبكر .. لكنه يتراجع وينحسر ويفاوض من يريدون الأذى لليمن ولدول المنطقة وينتصرون لبعض مطالبهم على حساب الشعب اليمني وسلطته الشرعية وآمن ومصالح المنطقة.. وتقولها بصوت ليس مرفوعاً ولا خافتاًا.. لقد فشل هذا التحالف في تحقيق أهدافه المعلنة من تشكيله قبل تسع سنوات !؛

وبدل الإصرار من التحالف على تحقيق الأهداف المعلنة.. نراه قي تراجع باستمرار.. يفاوض الحوثي المتمرد وغير الشرعي.. عليكم من اجل دولكم الانتصار على الحوثي ولا سبيل لكم من اجل النماء إلا بالانتصار على الحوثي، لا تسليم اليمن لإيران!

فجماعة الحوثي لا يؤمنون.. حتى لو وعدوا أو تعهدوا.. فلا تمنحوهم انتصار بالمجان.. ذلك سيغريهم بالتقدم نحوكم.. قلنا ذلك سابقاً ونقوله مجدداً، مراراً وتكراراً..

 

 هؤلاء المتمردون المنقلبون لو اتحتم لهم الفرصة، سنراهم يتمددون ويؤثر ون؛ وبتصرفات المتراخين من تحالفاتنا سيبقون!

خذ الدرس والعبرة يا تحالفنا العربي.. من أن إيران تتحالف سراً وليس علناً مثلكم.. وقد لا يؤخذها أحداً إن أخفقت كون تحالفاتها غير معلنة.. ومع ذلك فهي لا تفرط بحلفائها واذرعها، حتى لو خالفوا تعليماتها وتوجيهاتها وتوجهاتها.. إيران تتحالف وتسلح أذرعها سراً، ولا يظهر سلاحها إلا عند الاستخدام؛ أما وقوفها الإعلامي والسياسي فهو معلن وبصوت مرفوع، ولا تتنكر لهم أبداً مهما ارتكبوا من جرائم.

ولا شك أنكم ونحن نرى أذرع إيران في المنطقة يتحالفون وينسقون ويستهدفون ضمن رؤية واستراتيجية.. ويستغلون ويوظفون الأحداث لصالحه.. ونراهم لا يفرطون ببعضهم ويحمون بعضهم بعضا !؛

لقد رأيتم دولة سوريا التي هي مدعومة ايرانياً، رغم ما فعله النظام بشعبه.. ولا تزال تدعمه بقوة؛

وترون حزب الله اللبناني وامكاناته واستعراضاته وقوة استهدافهم.. كل ذلك بدعم سخي غير مشروط من إيران..

ولا تزال؛

بينما "تيار المستقبل" التابع للحريري المدعوم عربيا من شدّة الإحباط وصل زعيمه لإعلان الاعتزال السياسي!؛

 

 وترون دعم إيران للحشد الشعبي وباقي والاذرع في العراق ، فقد أصبحت بالعراق دولة داخل الدولة؛

 

وترون دعم إيران للحوثي؛ فهرّبت إليه كل السلاح الذي يطلبه ويحتاجه، على الرغم من صدور القرار 2216 والحصار المطبق من قبل التحالف والأمم المتحدة!

 

بالمقابل ترون أين وصل الحال بالشرعية المدعومة من قبل التحالف العربي الذي شكلته المملكة عندما طلب الرئيس الشرعي منها التدخل، لدعم الشرعية؛ هذه لا تملك وسائل للدفاع عن نفسها ومكتسباتها ؛

وأولئك كل يوم نتفاجأ بقدرات واسلحة جديدة ونوعية ؛ يضربون بها اليمنين والموانئ اليمنية ويهددون بها الجيران والعالم.. وبتهديدهم فإن الشرعية تُجبر على التراجع احتراما للجيران أو ضعفاً لعدم وجود القدرات الدفاعية المطلوبة!

إن مواقف وأحداث كثيرة تبرهن على تراخي التحالف، أدى ذلك الى اضعاف الشرعية وعدم الثقة بها شعبياً،بقدرتها على إنهاء الانقلاب!

والشعب في ذاكرته الكثير من الذكريات الحزينة والمحبة من التحالف .. بذاكرته استهداف التحالف لتقدم الشرعية في الجبهات، وكان دائما ما يوصّف ذلك بنيران صديقة، أو ذلك القصف في نقطة العلم المدخل الشرقي لعدن ؛ والحقيقة أن أي قرار عسكري يتخذ دون الرجوع واخذ الضوء الأخضر يضرب ويستهدف حتى يتوقف الزحف!؛ وكذلك إجبار الشرعية على تنفيذ اتفاق مخزي ومذل في الحديدة والزام الشرعية بإعادة الانتشار وتَقدّم الحوثي لإملاء المكان!؛

 أو عبر بتشكيل جيوش خارج الجيش الوطني وتمكينه بالسيطرة على مربعات في مناطق سيطرة الشرعية، وذلك قبل اعترافهم بالسلطة الشرعية.. ثم ّ تمّ استيعابهم كفاعلين فيها.. ومن بعده بقت الأوضاع في محلها ودون إحراز تقدم في انهاء الانقلاب واستعادة الدولة ومؤسساتها أو في انعاش الاقتصاد، ورفع قيمة العملة، فقد تدهورت كما تلمسون في الواقع !؛

أو الوصاية على السلطة الشرعية والذهاب للتفاوض مع الحوثي والاتفاق معه بالنيابة عنها، على هدن وخارطة طريق ورفع اليد عن التدخل ومن دون تسليح للسلطة الشرعية للاستمرار بتحرير الأرض من تحت يد الحوثي المسلّح بقوة وبكرم وبسخاء وبسلاح نوعي من حليفه إيران!

ثم بعد الهدن وتوقيف الطلعات الجوية.. الحوثي لم يحترم الهدنة واستهدف الموانئ وتقاعس التحالف عن حماية تصدير النفط، وجعل السلطة الشرعية تطلب وتمدّ يدها، كونها بحاجة ماسة للإيفاء على الالتزامات الحتمية والتي لا تُلبى من المملكة إلا ووضعها لا يًحسد عليه، وقد أصبحت أضحوكة وحديث القاص والدان؛

إن قبول الإخوة في المملكة الحديث والتفاوض مع الحوثي بمعزل عن الشرعية، ولقضايا صلب مهام واختصاصات الشرعية.. أفقد الشرعية شرعيتها، وأجبر الشرعية على تنفيذ شيء لم تكن مشاركة فيه.. جعل الحوثي يتفاخر بأنه قد انتزع شيئاً من العدوان ويعد بانتزاع الكثير!؛

والغريب ان المملكة بحجمها تتفاوض مع محمد عبد السلام عبر عًمان!؛ وحتى مع مغمورين في الجماعة كــ"قرشة"، الذي أورد في تغريدة له كل ما تمّ، وقبل إعلانه.. من أن السفير السعودي قد اتصل به وأخبره بالتراجع وبكل الذي جرى قبل أن يجري ولم ينفي هذا الأخير ذلك!؛

ومعنى هذا أن على السلطة الشرعية ألا تناقش وألا تعاتب وألا تعترض، وإلا اعتبرت انها ناكرة للجميل نكران؛

والحقيقة عندما تُركت مساحة من الحرية، للسلطة الشرعية بأن تمارس مهامها وفقا للدستور والقانون.. رأينا مسؤولين دولة بحق وبحجم احمد غالب محافظ البنك المركزي؛ الذي مارس بعض صلاحياته واتخذ بعض القرارات السيادية.. ومنها صاح وهاج الحوثي، وهدد ورعد، وخوّف الجيران.. ولنزع الفتيل يتطلب من السلطة الشرعية أن تتراجع احتراماً للحليف الذي دعمها، وبالتالي هي والحليف يعطيان البطولة للحوثي بالمجان.. والشرعية وحدها هي من ستتحمل الخسران؛

إذ أن من يتراجع يصبح ضعيفا ومستباحاً وتستهدفه العقارب والحنشان.. وبالتالي يستحق من يضع قراره بيد غيره، أن يصبح حديث الإنس والجانّ!

 ولا حول ولا وقوة الا بالله.. إيران حليفة ممتازة لذراعها الحوثي في اليمن وأحسن بكثير من التحالف العربي الذي يجعل السلطة الشرعية ضعيفة مترددة متراجعة وذاعنة إذعان.. ونصيحة لكل مسؤول في الشرعية إن ضغط عليه؛ إما مصارحة شعبه؛ أو يحترم ذاته وموقعه ويقدم استقالته عند إلزامه بشي لا يخدم الوطن ولا ينهي الانقلاب ويحمي الشعب وموارده من قبل الحوثي التابع لإيران!

والمفروض تتم المراجعة والتقييم وفقا لما سبق.. والمفروض أن يكون تحالفنا هو تحالف دول، تحالف قوي ومسؤول وقادر، تحالف يتصدى للإرهاب لا يحقق له مطالبه وينتصر له على حساب الدولة و مشروعها، فإن لم يفعل ذلك سيبقى عرضة للابتزاز و التهديد للمشاريع الصناعية والخدمية والتكنولوجيا والبنى التحتية بالاستهداف.. أتفهمون؟ أم ستستمرون بممارسة ضغوطكم فقط على من تدعمونهم؟!

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي