اعلن المبعوث الأممي في احاطته يوم أمس إلى مجلس الأمن عن قلقه بعدم وجود إشارات على خفض التصعيد فضلاً عن عدم وجود أي حلول في الافق.. واعتبر ان هناك خطر حقيقي من حدوث تصعيد مدمر على مستوى المنطقة.. وعدم إطلاق موظفي الأمم المتحدة المختطفون من قبل الحوثيين..
في ظل هكذا وضع وهكذا إحباط لدى المبعوث.. تمّ إبلاغه - وليس طرفاً فيه- من قبل الأطراف عن اتفاقهم على مسار تهدئة لدورة الإجراءات والتدابير المضادة التي هدفت لتشديد القبضة على القطاع المصرفي وقطاع النقل.
وكان في رسالته السابقة قد دعا الطرفين للحوار حول القضايا المتفق عليها.. المبعوث هنا ((متبنّي)) للاتفاق المُبلّغ فيه وليس ((صانع أو مشاركاً في صناعته))، بحسب الإحاطة.. ومع ذلك فقد رحبّ المبعوث بالاتفاق وطالب المتفقين بالالتزام بما اتفقوا عليه.
ويبدو ان المبعوث واثق من عدم الالتزام بالتنفيذ؛ بالاستناد على عدم التنفيذ في اتفاقات سابقة. ومن المهم معرفة رأي المبعوث في أن هذا التفاهم هو أقل بكثير من الهدف المراد تحقيقه، والمتمثل بوجود عملة موحدة، وبنك مركزي موحد ومستقل، وقطاع مصرفي بعيد عن التدخلات السياسية.
وعلى العموم فقد ثمّن المبعوث في إحاطته دور المملكة في بلوغ ما تم التوصل إليه في هذا التفاهم!
وقد قيل عن الاتفاق المُعلن يوم أمس الكثير، وربما سيقال عنه الكثير والكثير، وسأدلي أنا هنا بدلوي، فأقول:
إن الاتفاق المعُلن يمكن وصفه استلحاق أو مقطوع النسب.. حيث لم يحمل توقيع من اتفقوا!
إن الاتفاق المعُلن.. لهو حدث أصغر؛ والخشية من الحدث الأكبر الآتي!
إن هذا الاتفاق المعُلن.. أظهر أن الثمانية قد أضحوا منسوخين، ومنسوخ شرعيتهم، وبانتظار التبديل!
إن الاتفاق المعُلن.. أظهر أن السلطة الشرعية أصبحت حالة ميؤوس منها، في أنها قادرة على إنهاء الانقلاب أو إدارة مرحلة انتقالية ..
إذ ان تحمل المسؤولية يتطلب شجاعة وقدرة على مواجهة النفس والآخرين بما اتخذ من القرارات والإجراءات بالحق والعدل .. لا التراجع والتقهقر والهروب.. ويتطلب قوة في الموقف والقرار.. فالخائف لا يصنع حرية، والضعيف يكون محل شماتة ولا يحافظ على الكرامة.. فضلاً عن أن المترددين لا تقوى أيديهم المرتعشة على استعادة دولة أو سلطة او مؤسسة أو إعادة بناء واقتصاد إعمار.
فيا أيها الثمانية في المجلس يا أصحاب قرار التراجع، كي تحترموا وتطاعوا.. فأصنعوا كرامة.. واستعيدوا المغتصب، وانعشوا الاقتصاد.. وادفعوا الرواتب وقدموا الخدمات وابنوا اليمن الجديد القوى القادر!
إن كل إجراء أو قرار يتم التراجع عنه وقد اتخذ وهو صحيح.. فإنه يستحيل على المتراجع ان ينهي انقلاباً ويستعيد دولة، بل قد يشرعن بتراجعه للمنقلب المتمرد!
وسلطتنا الشرعية مع كل آسف قد وضعت نفسها في مكان لا نحبذه لها ولا نريده.. وندعوها ان تنهي اتفاق ستوكهولم وتحرر الحديدة حتى تنهي ذلك التراجع بالانسحاب بمئات الكيلومترات بحجة إعادة الانتشار.. وان تستعيد العاصمة صنعاء لتنهي هذا الجدل القائم والتنازع الحاصل في مسألة البنوك.. فهذا الاتفاق المُعلن قد تم تسويق على انه لتزع فتيل الأزمة.. وهذا يعني ان تهديدات الحوثي قد أثرت، والشرعية تراجعت.. وهذا غير مسموح ولا مقبول!
إن هذا الاتفاق المُعلن.. أظهر ان الحوثة عرفوا من اين تؤكل الكتف.. عرفوا نقاط صععف السلطة الشرعية، فراحوا يهددون ويصعدون ضد السعودية داعمتها الرئيسية، كي يتم الضغط على الشرعية بالقبول بإلغاء القرارات.. حوثيون مبتزون مراوغون.. ويصرون على أشياء تخدمهم ذاتياً قبل المواطنين، لكنهم يوظفونها وكانه انتزاع حق للمواطنيبن.. والحوثة مهووسون بالحروب.. ومما يقال (كبّ لِشُعوب)، من دون حساب ومن دون أية مسؤولية وعقلانية.. وبفعلهم هذا قد يحصلون بعض مطالبهم.. وسيستمرون بنفس الكيفية حتى يصلون لإحداث الأذى بالمملكة، وهو المخطط والمبتغى عند محور إيران بأذرعه، لا الكيان!
إن الاتفاق المُعلن.. أظهر أن الشرعية المعترف بها دولياً مسلوبة الإرادة والقرار.. فما قيمة إذاً بالاعتراف الدولي بها؟!
إن الاتفاق وإعلانه من قبل الحوثي دليل على ارتياحه ورضاه به، وعدم نشره من قبل السلطة الشرعية دليل رفض، لكن رفض الضعيف الذي لا يجرؤ على الإفصاح!
إن الاتفاق المُعلن.. أظهر ان هناك مسؤولون ترفع لهم الكوفية وتشترى.. فهم يريدون أن يتخذوا قرارات دولة،، وقد اتخذوها واحدثت التأثير والمفعول، ولولا الخذلان لكان الحوثي في خبر كان!
آيها الثمانية.. تراجعوا عن التراجع.. إذ ان تراجعكم مدعاة للنفور منكم!
وقد يعني هذا الاتفاق المُعلن.. أن الحوثي قد تخلى ربما مؤقتاً من اعتبار المملكة طرفاً، وارتضوا به وسيطاً.. وهذا يعنى مما يعنيه التخلي عن اتهام المملكة بدولة معادية.. وبالتالي عدم المطالبة بالرواتب منها، والتعويضات وإعادة الإعمار!
أما بنود الاتفاق :-
• فالبند الأول من الاتفاق الغاء القرارات والاجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين والتوقف مستقبلا عن اي قرارات او اجراءات مماثله .. يعني التوقف من الجانبين مساواة بين طرفين أحدهما شرعي والآخر منقلب وهذه مثلبة ستؤثر حتماً عند التفسير والتنفيذ.. أما التوقف مستقبلا... معناه تطبيع للحالة القائمة بنظامين مصرفيين مختلفين وهذا غير مقبول.. وهو اعتراف بأن إجراءات البنك المركزي بعدن لو قررت لكانت مؤثرة، وبالتالي يخشي الحوثي تكرارها مستقبلاً.. وتعني قبول الوضع الراهن من هذا الانهيار والتدهور في الاقتصاد والعملة والتباينات وزيادة المعاناة.. وتعني أولاً واخيراً ان الشعب اليمني خارج حسابات المتفقين وإن ادعوا عكس ذلك!؛
وهذا البند هو مخصص لإلغاء نقل مركز البنوك الستة المعلن عنها التي لم تلتزم بقرارات البنك المركزي اليمني فقط؛ ولم يشير لباقي الإجراءات المتخذة وهي كثيرة ومنها؛سحب الطبعة القديمة من العملة المطبوعة قبل العام، 2026، والتي اقترب موعد التنفيذ في الأول من أغسطس القادم.. وقد تكون هي القش التي ستقصم هذا الاتفاق!
• البند الثاني من الاتفاق استئناف طيران اليمنية؛ وهذا يعني للرحلات بين صنعاء والأردن وزيادة عدد رحلاتها إلى ثلاث يوميا، وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند يومياً او بحسب الحاجة .. وهذا البند ليست لدى السلطة الشرعية معارضة عليه اساساً، إنما الاعتراض فقط على وجوب التزام الحوثي بعدم نهب إيرادات الخطوط الجوية اليمنية، وإعادة الطائرات المخطوفة.. والحوثي في هذا البند يعترف ويذعن بسيادة وشرعية السلطة الشرعية في فتح المطار وإغلاقه ووجهاته.
• البند الثالث.. تعقد اجتماعات لمعالجة التحديات الادارية والفنية والمالية التي تواجهها الشركة .. هذا يعني أنه لا زال الخلاف قائما بشأن الإيرادات الخاصة بالخطوط الجوية اليمنية مما قد يكون سبباً أخراً لقصم هذا الاتفاق، حيث أن الاتفاق لم يحسم هذا الامر.
• البند الرابع.. البدء في عقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والانسانية بناء على خارطة الطريق.. المفروض هذا البند يكون الأول والمفروض أنه قد عُولج، لكن الاقتصاد والملفات الإنسانية مراد لها ان تبقى من أجل التوظيف السياسي واستخدامها كسلاح حربي.
وللتذكير لمن مصدّق ان الأطراف قد اتفقت وهي الى سلام.. أذكركم بالاجتماعيات التي انفضت قبل أيام وفشل المتفاوضين في التوصل لتبادل الأسرى.. اختلفوا ورحلوه شهرين اضافيين!
اقول عندنا تكون الاتفاقات مسلوقة لغرض نزع الفتيل.. فعادة ما تحمل فشلها بسبب استعلاء وتكبر احد الأطراف الذي قد يظن انه بقوته وتهديده فرض ما يريد!
والحقيقة أن ما كان مقدماته خاطئة، فمن المؤكد أن نتائج أيضاً نكون خاطئة. فالمقدمات الخاطئة تؤدى إلى نتائج كارثية! وهذا ما أردت قوله.. والسلام ختام..
-->