بين الإسناد والإسناد!

د. علي العسلي
الاثنين ، ٢٢ يوليو ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٥١ مساءً

حماس نفذت في السابع من أكتوبر، 2023، عملية كبرى أسمتها (طوفان الأقصى).. تلك العملية زلزلت الكيان الصهيوني والعالم.. في اليوم التالي شنّ العدو الصهيوني حرباً غير مسبوقة على غزة، أظهر فيه الكيان ومن اشترك معه بشاعتهم وحقدهم وثأرهم وانتقامهم وتطهيرهم العرقي، علاوة على التهجير والإبادة الجماعية!

 

 إن العدوان الهمجي المستمر يتمّ بمشاركة وإدارة مباشرة عسكرياً وسياسياً من قبل الإدارة الأمريكية، وكذا من قبل الحكومة البريطانية السابقة _نتمنى على الجديدة أن يكون لها موقف مميز-، وفرنسا والمانيا وكثير من الدول الغربية.. إنهم يدعمون ويساندون العدوان بحجة الدفاع عن النفس.. بينما أصحاب الأرض وأصحاب الحق الأصليين محرومين وممنوعين من ذلك!؛ ومن سيبادر لنصرة أصحاب الحق يضرب أو يعاقب.

 

إن الانظمة الغربية التي زرعت الكيان الصهيوني في قلب عروبتنا قد تقاطر حكامها الى (تل ابيب) للدعم وأعلنوا دفاعهم عن دويلة إسرائيل؛ وشاركوا في اجتماعات حكومة الحرب واتخاذ قراراتها.

 

إن الإدارة الأمريكية وغيرها من الأنظمة الغربية.. قد ساقوا جسراً جوياً وبحرياً متواصلاً، فسلحوا الكيان الصهيوني بكل انواع الصواريخ والقنابل الذكية التي دمرت غزة عن بكرة أبيها؛

ووجهوا قادة الكيان بالتفرغ لحماس وغزة.. وهم متكفلين بمحاربة كل من (يشاغلهم) من خارج غزة، وتعهدوا بعدم السماح باتساع الحرب في المنطقة.. فساقوا البوارج وشكلوا تحالف الازدهار، وتصدوا للصواريخ والمسيرات وضربوا في سوريا والحدود الاردنية وفي العراق واليمن وحموا الكيان حين قرر ردّ الرد على إيران!

 

ودبلوماسيتهم لم تتوقف ولم تنقطع إغراءً أو تهديداً، بغرض إتمام صفقة التبادل مع حماس شريطة ألا تكون حماس موجودة في اليوم التالي للحرب.. أي عقل يستوعب هذا أن تعقد معي اتفاق على نهايتي؟!

 

وليس بخاف عليكم تعطيل كل القرارات الدولية بشأن إيقاف عدوان الصهاينة على غزة.. وكلكم مطلع على اتفاق الهدن بشأن المحتجزين الذي وظف مقابل إطلاقهم بدخول بعض الاحتياج الى القطاع.. هكذا يجوعون شعب بكامله من أجل الضغط على المقاومة بإطلاق كم محتجز.. ثمّ يدّعون التحضر والإنسانية!!

 

وشكلوا في جميع الأحوال الغطاء السياسي لكل الجرائم المرتكبة.. وهاهم قد يعلنون عن الدفاع والتغطية عن العدوان الصهيوني الجديد على ما تبقى من منشآت حيوية مدنية للشعب اليمني في الحديدة وسيدعمونه؛ كما فعلوا في تبرير كل لاعتداءات اليومية على لبنان وغيرها من المناطق التي أراد (النتن ياهو) ضربها!؛ 

 

ومقابل ذلك رأينا ضعف وهشاشة الموقف العربي والإسلامي.. ويا أسفاه.. على تخاذل نظامنا العربي الرسمي ووصول بعض دوله لأن تكون وسيطاً وضاغطاً على حماس لا على لكيان المعتدي.

 

غير أننا رأينا أذرع إيران في المنطقة (محور المقاومة) بقيادة عرّابها (حسن نصر الله) .. هي من أعلنت تباعاً وقوفها مع المقاومة في غزة كجبهة دعم وإسناد.. لكن ذلكم الدعم والإسناد لم يفلح في نصرة غزّة حتى الآن، وربما لن يفلح لأنه كان متواضعا في التدخل، ولم ينخرطوا في الحرب كما الامريكان؛ ولأن التحرك الاسنادي قد استغل ووظف محلياً، -وقد أكتب عن الاستفادة في وقت لاحق إذا لم ينتخوا ويقفوا مع غزة الآن-!؛

قلت.. إنهم كانوا متواضعين جداً في التدخل رغم الإمكانات الكبيرة.. فاكتفوا بالتصعيد المتدرج، والمحافظة على المعادلات القائمة والتي لا تؤدي إلى حرب شاملة -خوفاً من تهديدات أمريكا-؛ ثم إن إعلان موقف الدعم والاسناد هو في حد ذاته عدم الدخول في الحرب.. واستفاد من اعلانهم ومناوشتهم الكيان الصهيوني كثيراً بجلب كثير من الدعم له من الغرب؛ إذ وضح (النتن ياهو) لهم أن هذا المحور متحد في وحدة الساحات او الجبهات، ومن انهم يسعون لزوال (إسرائيل) من الوجود!

 

 وفعلاً.. لو كان ردهم تجاه العدو بشأن غزة، كما هو ردّهم ودفاعهم عن مواطنيهم، لكان قد توقف العدوان وانتهى الحصار وربما لزال الكيان.. فأنظروا فقط كيف أن حزب الله عندما استهدف المدنيين في لبنان كيف أحرق شمال فلسطين المحتلة.. وإيران كيف ردّت على الاعتداء على قنصليتها بدمشق؛ وما قد يرد الحوثي على ضرب الحديدة!؛

 

فيا أيها المحور ثقوا أن الكيان ومن يشاركه سيستفردون بكم وحدا تلو الاخر وبالتقسيط!؛ فبادروا وأعلنوا جميعا الحرب المفتوحة ضد الكيان الصهيوني؛ فإن لم تفعلوا.. فلن تستفيد غزة؛ ولا يحلم عبد الملك الحوثي بمساندتكم له ضد الكيان!؛ وسيضرب اليمن وسيفوز هو بشهاداتكم له بأنه كان الاشجع والأقوى؛ بينما جزء منكم قريب للعدو، فلو تحركتم بدل هذا البعد لغيرتم المعادلة وحققتم البطولة للأمة جميعها!

 

ويا عبد الملك عدوان الكيان لم يكن دخان؛ رأيتك مرتبك وموجه سهامك للشرعية والمملكة.. فلا تكن بطلا ومشرّع سيفك على الشرعية (كعملاء ومرتزقة) والجار الشقيق السعودية (على اعتبار أنها بدعمها للشرعية يخدمون اسرائيل)؛

 

والسعودية بحسب أخر الأخبار تقول: إنها هي من مارست الضغط على أمريكا للجم ربيبتها عن ضرب صنعاء أو ميناء الصليف؛ وعُمان التي لها علاقة طيبة مع الحوثي، وهي التي لها علاقة معلنة مع الكيان وزارها (النتن ياهو) جهاراً نهاراً؛ عندك ليست من التي تخدم (إسرائيل)؛ ويقال إنها هي من تتوسط الآن لخفض التصعيد بينكم وبين الكيان الصهيوني!! مفارقات عجيبة أليس كذلك؟!

 

فمن يدعم ويساند غزة، فلينهي العدوان والحصار، وليخفف عنها هذا الرعب والموت والجوع والعطش.. لا الاستعراض بالقدرات والتطوير "فرط صوتي ومسيرات لمسافة تزيد عن الفين كيلومتر) والقفز بالمراحل.. وكما يقال نسمع ضجيجهم (جعجعتهم) دون أن يُرى طحينهم.. ما نشاهده من المراحل والتصعيد.. ينعكس في غزة كل يوم ارقاماً مخيفة من الشهداء، ودماراً هائلا في البنيان، وحصارا خانقاً وجوعاً مفزعاً!

 

شرحنا لكم دعم واسناد أمريكا والغرب فقلدوها وكونوا مثلها إن اردتم نصرة غزة بحق؛ اما الدعم والاسناد فدعوه لطلبة الغرب واعتصاماتهم، ولمظاهرات الشعوب هناك التي ترفع الراس، ولجنوب افريقيا ومن انضم إليها-تحية ونعظيم سلام لهم-.. فبسببهم وبسبب الصامدون المحتسبون في غزة، لا بسبب المحور وتصعيده، قد أدى الى قطع علاقات دبلوماسية، واعتراف معظم الدول بفلسطين تعبيراَ عن حق هذا الشعب بتقرير مصيره واعتباره مستحق الدعم والمساندة!؛

 

وبعد التوصيف لواقع الحال.. بقي على محور المقاومة أو محور الأقصى كما سماه الحوثي مؤخراً أن ينتقلوا جماعياً الى الفعل بأن لا خطوط حمر ولا سقوف بعد اليوم إجمالا، فلتعلنوها حربا مفتوحة ببيان مشترك.. وأضمن لكم بمجرد صدور البيان أن يتغير كل شي، وستنهون به العدوان والحصار عن غزة وستحمون به انفسكم وأوطانكم معاً..

مطلوب من هذا المحور حشد الطاقات والقدرات الى هناك الى التماس، لقرب الهدف، وإشعال النار في عمق الكيان الصهيوني حالاً وليس مؤجلاً او بالتقسيط.. وإنا لمتابعون.. ولرد الحوثي لمنتظرون..

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي