عشرة بعشر وعشر ليست بعشر في العشر الختام!

د. علي العسلي
الثلاثاء ، ٠٢ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٣٢ مساءً

 

العشر بعشر

نحن بالعام 2024، عشر سنوات عجاف على اليمنيين من نكبة الحوثي منذ 2014.. سأذكر هنا عشر فقط من مئات مصائب الحوثي على اليمن واليمنيين..

الأولى انقلاب الحوثي المشين على الدولة ومؤسساتها وعلى مخرجات الحوار الوطني، وعلي التوافق الذيجرى بين القوى والمكونات السياسية والمدنية .

والثانية استرخاص الدم اليمني عند الحوثي، فعشرات الآلاف بين قتيل ومصاب وبدم بارد ، واعتقل بالمئات من الرجال ومن النساء (الماجدات) ، وعذّب بعضهم حتى فارقوا الحياة .

والثالثة في تفخيخ المساجد ومدارس تحفيظ القرآن، والطرقات وكذلك تفخيخ عقول النشئ.

 والرابعة تغيير المناهج وتدمير التعليم.

والخامسة قطع رواتب الموظفين ونهب ومصادرة أموال الدولة والأموال الخاصة.

والسادسة تشطير الاقتصاد ومنع تصدير النفط والغاز، ومنع تداول العملة وصولاً لطباعة عملة مزورة !

 والمصيبة السابعة حصار المدن ومنع حركة السلع والأفراد بحرية داخل اليمن.

 والثامنة نقض العهود وعدم الالتزام بالاتفاقات المبرمة معه.

أما التاسعة، فهي استعداء الحوثي للدول المجاورة والإتيان بالدول الكبرى للبحار اليمنية وعسكرة البحر الأحمر.

والعاشرة الرغبة الجامعة لعودة الإمامة، وتنصيب عبد الملك الحوثي إماماً على اليمنيين بالقوة والإرهاب، تيمّماً (بولاية الفقيه) المستوردة من إيران!

وعشر ليست بعشر

أما العشر التي ليست بعشر، فهي ما يحب أن يسوقه بعض من يدّعون أنهم نشطاء للسلام، وأركز هنا على ما دوّنه الأخ عبد العزيز العقاب، الذي دائما ما يوهم القارئ بأن ما يغرد به مستند على مصادر موثوقة ومعلومات مؤكدة، وما فتى منذ عام وهو يبشر بقرب حدوث انفراجة بالملف اليمني، وهذه الأيام هو على ثقة بأن التوقيع سيتم في أية لحظة من خواتم هذا الشهر الرمضاني المبارك الذي نحن فيه.. وعلى كل فلنذهب لما قاله ثم بعد ذلك القيم ببعض التعليق على ما تفضل به.

لقد قال وادعى ان هناك عشر بشارات للسلام وأعلن عن ثمان نقاط منها، عنونها بعشر بشارات وهي ليست بعشر، لا من حيث العدد ولا من حيث المضمون، قال : عشر مكاسب في العلاقة بين صنعاء والمملكة ، وهي:

تجاوز الحرب والأزمة، وتجاوز الحصار والمعاناة، وتجاوز التدخلات الخارجية، وتجاوز الإبتزاز للمملكة، وتجاوز المرتزقة من تجار الحروب من كل الأطراف المختلفة، وعودة الإخوة والثقة، ونجاح الرؤية على مستوى المنطقة، وتحقيق التكامل في المنطقة..

حاول أن يسطح المسألة، ويختزل اليمن بصنعاء، وياليت صنعاء عاصمة لليمن، ولكنه يقصد صنعاء الحوثي، فأظهر السلام مع الحوثي، والتوقيع معه كأن اهم البشارات وسلام للمملكة صنعاء.. وقد يدرك أو لا يدرك انه يقوم بتصخيم الحوثي، وياليته كان منصافا وقال أن الحوثي هو المتسبب الوحيد بكل نقطة عرضها، و أنه ينبغي ويجب أن يتم التوقيع على خارطة الطريق الأممية،بينه وبين باقي المكونات، لا مع المملكة.. أما تعمّد تغييب السلطة الشرعية ومكوناتها، لا والتساوق مع الحوثي على أنهم مرتزقة، فهذا يبعدك بالعقاب عن ادعاء السلام!

ولذا دعوني أعلق على النقاط التي تفضل بها (العقاب) ، وأضيف اثنتان لتصيرا عشراً، فأقول:

إن البشارات التي غردت بها، هي مغالطات، وتغطية على حقيقة وما هية ان الحوثي غير قابل للتعايش والسلام وهو المولود من رحم العنف والفوضى، ولا يعيش ويترعرع إلا بالقتل والحروب، فشعاره الموت ليس للامريكان والاسرائيلين، وإنما لليمنيين، وممارسته في ذلك لا تزال بتلميعه كــ"حمامة سلام" .. فلو لا قدّر الله أن استجابت المملكة للتوقيع على خارطة الطريق كطرف وليس كوسيط للحل بين اليمنيين، فلا مجال لتجاوز ما عرضت من نقاط، بل إلى زيادتها، كما سأوضح لاحقاً.. ومن قال لك ان اليمن والمملكة ستستفيدان مما طرحت، فلا مكاسب لليمن ولا للمملكة، إنما سيكون المستفيد الوحيد والحصري هو الحوثي، كونه سيحظى بالاعتراف به كسلطة أمر واقع، وتغريداتك إقرار ودعم وتحيز لصالحه، والسلام المؤمل من قبلك فقط، هو أن على اليمنيين والجيران ان يرتضوا بالحوثي متحكماً باليمن.. أهذا هو السلام المطلوب؟!؛ هذا ليس بسلام، بل استسلام، وهو مرفوض!؛

ومن دون تضليل؛ وعلى العالم أجمع أن يعي أن الحوثي منقلب ومتمرد ومغتصب للسلطة والمؤسسات.. وأن السلام الحقيقي هو بإنهاء وإزالة فِعلته التي حصلت في الواحد والعشرين من سبتمبر، 2014، ومعالجة تداعياتها!؛

أما التوقيع بين الحوثي( الذي وصفه العقاب بين صنعاء والمملكة)، لن يؤدي إلى تجاوز الحرب والأزمة كما استنتج، بل إلى الإستمرار فيها بوتيرة أعلى وحروباً أهلية متواصلة، وقد تؤدي إلى التشظي لليمن الواحد الموحد لا سمح الله؛ ولا إلى تجاوز الحصار والمعاناة بل سيؤدي إلى تكريسه وتعميق المعاناة، طالما والعالم يحابي الحوثي، والحوثي منها يستفيد، فبتمّكينه سيستعبد اليمنيين، وسيدّعي أن استخدامه للعنف والقوة حقق له الانتصار، وفرض معادلات السلام التي تخدمه؛ ولا إلى تجاوز التدخلات الخارجية، بل بالمزيد منها، طالما إيران استطاعت ان توفر له السلاح الذي يملي به ما يريد من اشتراطات وعلى من يريد؛ ولا إلى تجاوز الإبتزاز للمملكة، بل أن إغرائه بقبول دفع رواتب لمقاتليه مكافئة علي توقيعه، والذي سينقلب عليها لو وقع لاحقا ، وابداء الاستعداد للتعويضات،؛ سيكون مقدمة لابتزاز أكبر بعد التوقيع؛ ولا لتجاوز المرتزقة من تجار الحروب من كل الأطراف المختلفة.. الشرعية ليست مرتزقة كما تومي بذلك عزيزي عبد العزيز ، بل هي سلطة مفوضة شعبياً ودستورياً، ومعترف بها دولياً، فلا ينبغي وانت ممن يدعو للسلام أن تصفهم بالمرتزقة، وصدقني لو تم التوقيع بحسب ما تروج له، ويحلم به الحوثي، فإن الحوثي هو من سيتحول إلى أكبر مرتزقة؛ ولا إلى عودة الإخوة والثقة، بل إلى انعدامها، والتشكيك في النوايا والمصداقية، وإلى خلق عداوات وحروب أهلية لا تنتهي، وسيؤدي ذلك إلى الصراع والتنافس والاستقطاب الإقليمي والدولي أكثر؛ والرؤية الناجحة هي التي تستوعب الجميع، ويرتضي الجميع بها، وهي ان يذهب الجميع إلى صندوق الانتخابات والقبول بالنتائج؛ والتكامل لا يتحقق وجزء من اليمنين تابعين لدولة معادية للعرب والمنطقة.. واضيف النقطة التاسعة فإني أرى أن ينهي الحوثي الانقلاب، ويسلم سلاحه؛ والعاشرة إن أراد أن يكون شريكاً فاعلاً بالسلطة، فما عليه إلا أن يتحوّل إلى حزب سياسي مدني، ويخوض الانتخابات، لا أن يبقى مشاركاً ومحتفظاً بالسلاح المنهوب من قبله، أو المهرب إليه من إيران.. وعلى فكرة التوقيع مع الحوثي هو تشريع لأية مليشيات أو جماعات مسلحة للاقتداء، واتباع نفس الوسيلة للوصول إلى مأربها، ومعلوم أن فعلة الحوثي قد ولّدّت مليشيات وجماعات مسلحة، نحتاج لجهد ووقت كبيرين لتفكيكها، لو أنهينا انقلاب الحوثي، أما إذا استفاد الحوثي من انقلابه، فلن تستطيع اية قوة شرعية قادمة استئصال تلك الجماعات مستقبلاً!؛

وبعد، فأقول:

إن في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، فوائد جمّة على رأسها تتنزل الملائكة والروح حاملين معهم كل أمر يؤدي إلى السلام.. نسأل من الله ان يتعرض اليمانيون والراعون لليلة القدر، فهي وحدها قادره على تغيير الواقع، وتحقيق السلام الشامل العادل المشرف لليمن وكل اليمنيين، ولدول الجوار والمنطقة والعالم..

فلقد ضاق الحال باليمنيين، ولا يتحمّلون استمرار بقاء الحوثي عشر سنوات أخرى، فلا تمددون بقائهم بابرام الاتفاقات والتفاهمات حتى العشرة،لكي يجنح الحوثي للسلام ويقيني انه لن يجنح!

 

نريد من الشقيقة الكبرى ومن كل الدول المحبة للسلام، عمل حسنة واحدة هي دعمها الاستراتيجي للشرعية، كي تنهي انقلاب الحوثي وإزالة نكبته من ذاكرة اليمنيين والعالم ، وكما جاء في القرآن الكريم، فإن الحسنة بعشر أمثالها..

إن الدلال وسياسة الإرضاء، وربما الاحتواء، جعلت الحوثي يتعمد عدم تنفيذ اتفاق ستوكهولم؛ وجعلته يستمر بحصاره المطبق على تعز؛ ويستمر بقطع الرواتب معاقبة من يطالب بها؛ وجعلته يتجرأ بمنع تصدير النفط والغاز؛ وبالاستخفاف بعقول اليمنيين وبعض العرب، فصدقوه أنه واقف مع غزة، وهو يقوم بالتجييش والتحشيد ضد اليمنيين، فهو لا يقل وحشية عن الصهاينة، إذ يقوم بتفجير المنازل على رؤوس ساكنيها، ويخرق عشرات المرات الهدن، وها هو يحرك مقاتليه صوب الضالع وجبهات أخرى، في وقت الحديث عن الوصول معه للسلام وقرب التوقيع، هو يستأنف مقاتلة اليمنيين؛ وجعلته يفكّر بتزوير العملة، ويعسكرة البحر الأحمر، والإستمرار في تهديد الملاحة البحرية ودول الجوار..

اليمنيون فعلاً يريدون سلاماً حقيقيا، لا ترقيعياً، والسلام الحقيقي يبدأ بالاعتراف بأن للحوثي الحق في السلطة والحكم، طالما انتهج النهج الديمقراطي، ولم يفرض رأيه وايدلوجيته بقوة السلاح، وطالما التزم بالدستور والقانون، وطالما تعامل بحسن النية وسعى بجد لإحداث التوافق الوطني.. وهذا السلام الحقيقي ينبغي أن يكون بين كل الأطراف والمكونات اليمنية، ولو رعته المملكة لوفّرت له سبل وعوامل النجاح والديمومة.. في هذه الحالة سيكون للسلام معنى وفائدة لليمنيين وللمنطقة والعالم!

وخواتم مباركة وسلام بإذن الله فيها، ببركة وخيرية ليلة القدر، فإننا نسأل من الله أن يشمل اليمنيين ببركتها، ويتحقق لهم السلام والاستقرار ..

 

 

 

 

 

 

 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي