هناك من يكتبون ويتابعون ويحللون وينصحون ويوصون، ولا من يقرأ ويستفيد ويتخذ القرار والموقف المناسب؛ فصاروا أولئك النفر، كالذين يكتبون وكأنهم يمشون بقلوبهم على الماء .. قدرهم أن يواصلوا الكتابة ويمشون!
ويطيب لي بالبداية أن اهنئ رئيسنا على طيب صحته بعد مكوثه عدّة للتطبيب الروتيني السنوي،كما يطيب لي ايضاً ان أهنئ نائبه الشيخ عثمان مجلي على نجاح العملية التي أجريت له مؤخراً..
وأهيب هنا ايضا بالعودة المحمودة إلى العاصمة المؤقتة عدن لعضوي مجلس القيادة الرئاسي اللواء عيدروس الزبيدي، وعبد الرحمن المحرمي.. يرتاح المرء حين يرى أعضاء مجلس القيادة الرئاسي يعملون من العاصمة عدن، وياحبذا وفق المهام المناطة بهم من قبل مجلس القيادة الرئاسي بموجب إعلان نقل السلطة وليس باجندة خاصة!
أما الأجمل والأحسن هو أملنا أن نرى في العاصمة عدن جميع أعضاء مجلس القيادة الرئاسي (الثمانية)، يؤدون أعمالهم منها، كفريق واحد متحابين ومتأخيين ويفتدي كل منهم الاخر ويدافع عنه.
وكتت اتمنى أن ارى بالعاصمة المؤقتة عدن، الغائبون أو المُغيبون عنها، أمثال الشيخ اللواء سلطان العرادة والشيخ عثمان مجلي والعميد طارق صالح، هؤلاء لا أعلم لماذا في الأعم لا يتواجدون بالعاصمة المؤقتة عدن؟!؛
غيابهم يحمل علامات استفهام؟؛ ينبغي تفنيد الشكوك أو توضيح الموانع الموجبة- وإن شاء الله يكون المانع خير-؛ فالأصل والطبيعي ان نراهم وزملائهم يعملون من هناك!
وكم سنكون سعظاء ايضا لو رأينا المحرمي و الزبيدي والبحسني في مأرب وتعز وبقية المناطق المحررة، افراداً او بشكل جماعي، لنشعر بان الاصطفاف الوطني مجسداً على الواقع تجسيداً رسمياً واخلاقياً وقيمياً وتضامنياً وتكامليا!
أعود فأقول.. عاد الرئيس منذ عدّة أيام إلى الرياض، بعد مشاركته في مؤتمر ميونخ بألمانيا واجراء فحوصاته.. ولا شك أنه قد عاد وكله نشاط وحيوية، بعد أن جدد طاقاته، وبعد أن استطاع عرض القضية اليمنية باقتدار، ومن المهم أن نرى له لقاءات أكثر ونشاط أكبر..
وقد دشن أول لقاءاته هذه بالالتقاء بسفير دولة الامارات، واشاد بتدخلات الامارات في الطاقة المتجددة الداخلة حيز التنفيذ هذا الشهر. ثمّ استقبل، سفير الولايات المتحدة الأميركية لدى اليمن (ستيفين فايجن)، في الذكرى الثامنة والسبعين لتأسيس الصداقة اليمنية-الامريكية..
ملاحظتي على اللقاء انه لم يتضمن في مخرجاته موقف مشترك حول إغراق السفينة البريطانية(روبيمار) التي كانت محملة بالأسمدة، إذ يؤكد الخبراء أن غرقها سيهدد بحدوث "كارثة بيئة"، في البحر الأحمر..
فامريكا مشتركة مع الحوثي في عسكرة البحر الأحمر، وامريكا، كبريطانيا قصرتا في سحب السفينة التي غرقت، وكان بإمكان تجنيب البحر الأحمر التلوث.. الآن مطلوب تحرك دولي لاحتواء الكارثة ومحاسبة المتسببين!؛
والأمر الثاني، أن الاخ الرئيس أكد للسفير، كما هو دائماً موقف السلطة الشرعية، بالتمسك بنهج السلام الشامل، وإحياء العملية السياسية بموجب خريطة الطريق السعودية، والمطالبة بالضغوط القصوى على الميليشيا الحوثية الإرهابية..
وهم يعتقدون أن الضغط سيكون كفيلاً بوقف مغامرات المليشيات على الصعيدين الوطني والاقليمي، ولإحياء الأمل بامكانية العودة الى مسار السلام المنشود..
واظنهم متناسين أو متوهمين، أو لا يعلمون أن سلوك الحوثي بالخط المعاكس لهم تماماً، ويختلف موقفه عن موقفهم، ونظرته للسلام وللنظام السياسي برمته بالضد من نظرة الشرعية المؤمنة بالدولة والدستور والقانون والتعددية..
وللتدليل.. إن كانوا لا يتابعون؛ فأحب أن أنورهم، بأن آخر تقليعات الحوثيين، من أنهم منتظرين للتسوية، المرجحين التوقيع عليها في نهاية المطاف، بحيث ستفضي إلى ضرورة إقرار المكونات السياسية والسلطة الشرعية بأن ((عبد الملك الحوثي))، له السلطة السياسية العليا(ولاية الفقيه) في النظام السياسي القادم..
وما على الأطراف إذاً، غير القبول بأن (عبد الملك) صاحب السلطة السياسية العليا إن كانوا يريدون تسوية، لأن سلطته من الله ومن تفويص الشعب اليمني له، وهذا الأمر منتهي، ولا نفاش ولا مفاوضة فيه، فمتى ما قررت الاطراف الالتزام ستكون التسوية؟!؛ أرأيتم يا حمائم السلام كيف تفكرون وكيف يفكرون؟!؛
ثمّ هؤلاء المعتوهين يعتذرون عن قتلهم لثلاثة اشخاص وإصابة اربعة حالتهم خطيرة، باستهدافهم للسفينة الأمريكية،(( M/V True Confidrnce))،
بخليج عدن، يعتذرون عن القتل الذي يصفونه بغير المتعمّد بحسب زعمهم، ويبدون استعدادهم للتعويض؛
بينما قتلوا ولا يزالون من اليمنيين بالآلاف، ولم يتأسفوا، بل يعتبرون القتل مستحق، كون اليمنيين مرتزقة وعملاء وخونة ويتوعدونهم بالمزيد.
فأي سلام وتفاوض وتسوية، وهم على هذاه الشاكلة ياشرعيتنا وياتحالفنا العربي!
في ظل هكذا اوضاع، وهكذا عقليات، لا شك أن مسؤولية الاخ الرئيس كبيرة ومركّبة ومعقّدة، وهو يسعى لإخرج اليمن مما أوقعه الحوثي فيه، والذي لا يزال بالخط المعاكس وبعيداً جداً عن السلام، وصعب جداً ايجاد أرضية مشتركة معهم للتقارب، بل اظنها مستحيلة في ظل اصرارهم على تنصيب عبد الملك الحوثي "الولي الفقيه" في اليمن!
ويواجه الاخ الرئيس ايضا في جانب الشرعية صعوبات، إذ يدير دولة من الصفر، ويريد بناء نموذج يقتدى به، وهو يدير مجلس قيادة رئاسي بعض اعضائه، يتصرفون كرؤساء لا نواب له..
الأمر فعلاً مربك ومعقد ويحتاج الى الارتقاء والتعامل بمسؤولية وحصافة وكياسة وفي حدود المسؤوليات، فتلك من الاشياء التي تعتبر مفاتيح للنجاح أو لتحقيق الانتصار على الذاتية، وعلى الظاهرة الحوثية!
والمفروض يتحقق في مسؤولينا احترام الذات، لكي يحصل احترام شعبهم لهم، وعليهم مغادرة التفكير الأحادي المصلحي الوقتي، وألا يتصرفون بما يوحي بالمخالفة للتوافق والشراكة، أو بما يوحي بسياقات منفصلة وغير متصلة بالموقف الجمعي الموحد لمجلس القيادة الرئاسي، وألا تكون زياراتهم للدول خارج أجندة وتوجّهات استعادة الدولة اليمنية..
وحذار من أي تورط في اتفافات مع دول على جزئيات من غير تكليف او موافقة مسبفة من صاتع القرار السياسي بها، فلا بد لأية زيارة ان تكون حصيلتها بين الجمهورية اليمنية وتلك الدول..
إذ ينبغي على أعضاء مجلس القيادة الرئاسي الإلتزام بموقف موحد والتعبير عنه في أي محفل.
فليس-مثلا- تصريح أحد اغصاء مجلس القيادة استعداده وتأييده بالانخراط التام في قيام تحالف اقليمي ودولي يؤمن باب المندب ويردع الحوثي؛فأين السلطة الشرعية إذاً ياهذا؟!
وأنظروا إلى تصريح أخر لعضوء مجلس قيادة رئاسي، فحواه.. مطالبة المجتمع الدولي بإجراءات دولية حازمة لمنع تدفق الأسلحة الايرانية الى ميليشيا الحوثي، ولدعم الحكومة اليمنية لاستعادة السيطرة على الاراضي اليمنية، وإعادة الشرعية اليها..شتان بين التصريح الأول والثاني ..توحدوا ووحدوا الخطاب والموقف والقرار!
فالمرحلة وتحدياتها تستدعي النشاط والحيوية، وتبادل الادوار والمهام في اطار استراتيجي موحد!؛وتكثيف اللقاءات بالمكونات والباحثين المهتمين بقضايانا اليمنية والاستفادة منهم ورؤاهم وافكارهم قدر الامكان!
واختم بنصيحة فأقول اقرأوا واستفيدوا مما يكتب ومما تسمعوه ممن تقابلونهم!
-->