تظريف تمّويه السفن..وأنتم أيضاً تُموّهون!

د. علي العسلي
الجمعة ، ٠٩ فبراير ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٥٣ مساءً

في اللغة الظرافة براعة وذكاء، بداهة وقدرة.. وقد لا تخلو من التعبير المثير للبهحة أو الترفيه.

 والحوثي (عبد الملك)، استعمل لفظ "الظريف" بغير سياقه ولا حتى بفهم الناس له. ويمكننا بثقة ان نصف ما يطرحه شيئاً من الطرافة، إذ أنه يستحسن الحديث عن امريكا، وعلى الغريب منه التمّويه.

فقد قال الحوثي (عبد الملك ) في محاضرة له، في يوم ذكرى مصرع أخيه (حسين):

"الشيء الظريف الذي نبشّركم به أن الأمريكي يتجه حالياً للتمويه مثل ما يفعله (الإسرائيلي) في البحر، والأمريكي يحاول أن يموه حركته في البحر ووضع على بعض سفنه علم "مارشال" دولة مغمورة في آخر الدنيا وأصبح يتهرّب في البحر"..

فتمّويه الأمريكان لا يعتي الجُبن وإنما التحاشي لتوسيع الصراع، تنفيذاً لقرار امريكي سابق، منذ اول يوم شن الكيان الصهيوني عدوانه الظالم على غزة..وينمّ هذا الفعل عن ذكاء ويُحسب لها، وليس في فعلها ما يدعو للضحك والفكاهة.

لكن الشيء الطريف، النادر والغريب، اعتبار التمّويه واكتشافه بشارة خير ونصر مؤزر، يسوّقه الحوثي لليمنيين، وبما لا يستحق وصفه بالبشارة، فهو إخبار بأن امريكا تموّه سفنها، والرجل يعتقد أن ذلك ينقص من عظمتها وقوتها وقدراتها، ومن أنها تخاف استهداف الحوثي.

 وما أخبر به (عبد الملك) لا يُعد انتصاراً على امريكا. ثمّ إن الحوثي يضحك ويستخف بامريكا، وهو ذاته يموّه؛

فيستغل مظلمة غزّة، كي يخطب ويدعوا ويقيس الاستجابة الناس لدعواته للاحتشاد، ويسلح اكثر قاصداً جبهات الشرعية وبالتحشيد إحباطها هي والتحالف، ويموّه ويخفي ذكر مصدر من اكتشف ان أمريكا قد موّهت سفنها!

  فإن كان كما يروج له اتباعه حديثه من القلب إلى القلب..عليه أن يكون صريحاً، واضحاً وصادقاً.. وأن ينسب الفضل لأهله ويشكر ايران جهاراً نهاراً على ما تمدّه لقواته من معلومات وإحداثيات، لا أن يسلب ايران حقها؛

خصوصاً، والعالم كله يعلم ما تفعله ايران في اليمن ومياهه، ومن أنها رأس البلوى على اليمنيين، ويعرف أن مصدر استعراض الحوثي كله من ايران وهو يتعمّد اخفائها جُبناً وخوفاً عليها، لا ذكاءً وتكتيكاً كما تفعل امريكا.. فالحقيقة معلومة ومعروفة من أن الحوثي يستعرص بعمل غيره، وينسبه إليه، ويعمل لصالح إيران قبل غزة!

والغريب حقاً أن تتعامل وتعمل أمريكا كصاحب "حِمار" يضرب " وِطَافه"، كي يحُسّ (الحِمار) فيمشي بحسب ما يبتغيه صاحبه..وأمريكا تضرب مواقع الحوثي المضروبة، لتوصيل رسائل لإيران، وأمريكا تعرف وتنسب كل أفعال الحوثي لإيران؛

لكنها لا تستهدف إيران، ولا تستهدف حتى السفينة الإيرانية الموجودة في البحر الأحمر لتنهي مسرحية الحوثي وهزليته، وتلجأ للعدوان على بلدنا ((الحلقة الأضعف)) ، وفقط لمنح الحوثي بطولة وموقف لا يستحقهما!

إن الحوثي بدلال امريكا له، مستمر في غيه، مستفز للدول العظمى، كأنه يستخف بمقدرتها وقدراتها، وفي نفس الوقت كانه يتمنى عليها أن تأتي بالجيوش براً، لتشن عدوناً على بلدنا، فقط ليقال عنه أنه بطل، وانه قائد شجاع قد تحداها وواجهها، وبغض النظر عمّا سيخلفه من اضرار مادية وبشرية،لا سمح الله، فذلك لا يهمه ولا في حسابه!

 أمر الحوثي وأحاديثه غريبة ومتناقضة، يتباهي بالاستهداف للسفن ويتحدّى، ثمّ يشتكي من العدوان؛ ويصيح من الاستهداف، ويقلل من تأثيرها على قدراته، بل يقول انها بازدياد ويتوعد بالاستمرار..ما معنى هذا؟ وكيف يستقيم ذلك؟ إلا اذا كان هناك ما وراء الأكمة ما ورائها؟!

ويا أيها الحوثي أمريكا قد طرحت على الطاولة كل ملفات المنطقة، وتعمل خططها لليوم التالي للحرب،في كل المنطقة،في فلسطين، وكذا في لبنان، وحتى في العراق..

وباقي لكم أنتم من شهر العسل تقريباً اسبوعاً واحداً..فسارعوا واسرعوا بالقفز من فوق الشجرة إلى الأرض، إلى مستوى شعبكم ومصالحه..

 ووقعوا اليوم قبل بكرة على خارطة الطريق وأحرجوا الأمريكان، قبل ان تتدخل وتفرض شروطها .. لأن امريكا نفد صبرهم عليكم، وبوادر انتقالها من الدلال لكم، يلوح في الأفق، نلحظه من كثافة الحراك ومدلول التصريحات.

فالانتقال الى تصنيفكم بانكم منظمة ارهابية أجنبية صار قريباً جداً.. فبادروا للتسوية قبل ألا تقوم لكم قائمة. فلقد طلب خمسون عضوا من الكزنجرس ذلك، فاهربوا من الهزيمة إلى السلام مع شعبكم وجيرانكم!

 إفعل السلام الآن.. قبل أن يُسدل ستار التخادم والفرص والتمويه من قبلكم جميعاً.. ويشاهد الجميع فصول المواجهة المباشرة على خشبة المسرح اليمني، لحساب المنتج والسيناريست والمخرج الإيراني، وأنتم ستظهرون فقط ممثلين أو كومبارس..

 اللهم أوجد لليمن والمنطقة وغزّة سبيلاً ومخرجاً.. وجمعة مباركة..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي