بروفيسورنا عبدالهادي أولى بكل هذا الاحتفاء والتكريم يا انتقالي!

ماجد الداعري
الجمعة ، ٠٢ فبراير ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٥٦ مساءً

 

تابعت جزءا من حديث الاعلامي المغربي البروفيسور توفيق جوزليت ببرنامج المشهد الجنوبي، على قناة عدن المستقلة أمس، وتفاجأت بمستوى حرصه على المجاملة الجوفاء وامتداح المجلس الانتقالي الجنوبي وقوته وما قدمه للقضية الجنوبية من جيش وقوة وإنجازات سياسية ودبلوماسية جعلت عودة دولة الجنوب أقرب من اي وقت مضى

وتجاهله بأن الكاسب الحقيقي من كل تلك الإنجازات التي عددها، هم قادة الانتقالي وأتباعه والأقربين فقط، وعلى حساب قضية الشعب الجنوبي وأولويات حياته المعيشية الأكثر قسوة ومرارة من اي وقت مضى او مرحلة سابقة مر بها الجنوب.

واستغربت ايضا من جهل البروفيسور المغربي بقتامة الواقع الجنوبي وسوداوية الوضع المعيشي ومستوى المجاعة والأزمات المختلفة التي تطحن الشعب الجنوبي، في مناطق السيطرة الانتقالية المفترضة على الارض الجنوبية، وابتلاع قادة المجلس ووزرائه لألسنهم تجاه الحرب الاقتصادية القذرة المفروضة اليوم على الشعب الجنوبي بدوافع سياسية وانتقامية ونكاية ببسط الانتقالي لسلطة أمره الواقع على الجنوب الغارق اليوم في دوامات من الأزمات المتلاحقة والنكبات والويلات والمآسي المتواصلة، بتواطؤ من الانتقالي وقادته، كشركاء في نصف مجلس القيادة الرئاسي الحاكم والحكومة الشرعية المفلسة اقتصاديا وماليا ووطنيا وانسانيا وعلى كل المستويات ومختلف الاصعدة. 

 

وللأمانة،، فقد حيرني خطاب ضيفنا العربي المغربي كثيرا، بعد سماعي لحديثه التلفزيوني العديم المعنى إلى الحد الذي أصابني بخيبة أمل، قررت على اثرها أن لا اتعب نفسي في حضور محاضرة له، كان أعلن عنها في كلية الإعلام بجامعة عدن، وكنت اعتزم حضورها والسماع من الرجل لبعض ما قد يقوله من كلام مفيد، ولو عن بعض تجربة تغطيته التلفزيونية الحربية الميدانية، لبعض جوانب ماسي الجنوبيين في يوميات حرب اجتياح دولتهم، واسقاطها بالقوة في حرب صيف عام 1994م ولعلي أجد فرصة لتوجيه كم سؤال له حول تقييمه اليوم كاعلامي مهتم بالشان الجنوبي وسياسي محلل للأبعاد الإقليمية والدولية واستاذ للقانون الدولي، لتجربة النضال الجنوبي ومدى إمكانية تحقيق الجنوبيين لهدفهم في استعادة استقلال دولتهم الجنوبية، في ظل كل هذا الواقع المأساوي الجاري حاليا في اليمن خصوصا والمنطقة والعالم عموما؟!

 

لكني وبعد سماعي لمجاملاته الصادمة للانتقالي بطريقة تخفي جهله او محاولة تجاهله بالاصح لحالة اليأس المخيفة التي وصل إليها الشارع الجنوبي من إمكانية ومقدرة الانتقالي على تحقيق اي مكسب حقيقي للجنوب بل واتهامه من الكثير باغتيال قضيته وقتل الاحلام الوطنية والوهج الثوري عند تلك الحشود والجماهير الغفيرة التي كان يخرجها الحراك الجنوبي منذ عقدين من الزمن بمختلف محافظات الجنوب، في كل مناسبة وطنية جنوبية للتأكيد للعالم بتمسكه بحقه المشروع في استعادة دولته وتقرير مصيره، حتى جاء الانتقالي ليوئد كل هذا الزخم النضالي الثوري ويحاول اختزال تاريخ وتضحيات ونضال الجميع تحت كيانه المقيد بالتزامات حكومية والمكبل بقيود إقليمية وعزلة دولية. 

وعلى الخلاف تماما مع ماذهب اليه جوزليت وبدون اي توفيق، حينما حرص على محاولة تصوير الانتقالي وكأنه ممثل شرعي منتخب للشعب الجنوبي وحامل قضيته ولواء دولته القادمة بكل سرعة وطنية تسابق الزمن من بين اروقة الإجماع الدولي وطاولات التوافق الإقليمي..

ومحاولته القفز على القوانين الدولية ودوائر المصالح السياسة والهروب من الاعتراف بحقيقة الفشل المتراكم للمجلس الانتقالي منذ إعلانه قبل أكثر من خمس سنوات، على عجلة من امر المحمدان وحاجة مشتركة للجيران، وتوريطه في شراكة مهينة بخمس حقائب وزارية بحكومة شرعية الفشل والارتهان، قبل منحه مؤخرا، نصف أعضاء مجلس القيادة الرئاسي الحاكم افتراضا للدولة اليمنية المعترف بها، حتى يكون شريكا في معاناة شعبه الجنوبي ومسؤولا عما يجري لأهله من عذابات ممنهجة وسياسات افقار مدروسة لاشغالهم بلقمة عيشهم

واغراء الانتقالي وقادته بمناصب وسلطة وسفريات ومرتبات ونثريات ومواكب واخريات صالحات، وعلى حساب معاناة شعبهم، وجوع امعائهم وعجز غالبيتهم الساحقة عن توفير لقمة عيشهم بفعل انهيار العملة وتوقف المرتبات. 

 

ولأن كل هذا التزلف الاجوف ومحاولة تلميع الانتقالي جاء من اعلامي اكاديمي واستاذ للقانون الدولي، كنت أظنه بمستوى لقبه العلمي والاعلامي معا وعند جدية تخصصه واعتقاداتي الجميلة تجاهه، فقد فضلت أن اواصل نومي عن حضور محاضرته، على اعتبار مني بأن هناك من صادر قناعاته او فخخ عقله وصادر رؤيته وتعمد إظهاره هكذا بعزله عن رؤية اي صورة حقيقة لواقع الجنوب وسماع اراء عينات من شعبه استطلاع اهم أولوياتهم اليوم وكيف ينظرون إلى الانتقالي ومستقبل دولة الجنوب؟ 

او لعله قرر التخلي عن قناعاته تحت الهواء، لصالح من استقبله وينظم لقاءاته جنوبا من عدن إلى حضرموت، ويهتم بتغطية تحركاته، واعادة إنتاجه وتقديمه للشعب الجنوبي وكأنه معجزة القرن وأقدر من يمكنه مواصلة بيع فتات الأوهام الوطنية، بوصفه رجل خارق للعادات ومحطم للكل القدرات الإعلامية والسياسية معا، وبدون أي مراعاة او أدنى انصاف ممكن لاستاذنا البروفيسور محمد عبدالهادي، استاذ الإعلام المشارك بكلية الإعلام جامعة عدن، واستاذ أجيال إعلامية متتالية من طلاب الإعلام بمساقات علمية ومستويات أكاديمية مختلفة، ودون أي حسابات أيضا إلى أنه كان صاحب المواقف الجنوبية الأقوى والجهد الوطني الأكبر والدور الاعلامي الميداني الابرز، والتقارير الأشجع في تغطية ويلات الحرب العدوانية الاجرامية على الجنوب صيف 1994م بذات القناة، وإظهر الصور التي لم تبثها شاشة غير mbc او تلتقطها عدسة سوى كاميرا مصوره المتنقل معه لرصد وتوثيق آثار القصف وتدمير ونهب المؤسسات واستهداف القطاعات الخدمية والطبية الجنوبية

ويمكن للجميع وبكل بساطة العودة اليوم إلى موقع يوتيوب لمتابعة الكثير من تلك التقارير ومحاولة إيجاد مقارنة بين تقارير الرجلين لمعرفة مستوى الفرق الواضح بينهما لمن قد يعتقد انني اجامل استاذي عبدالهادي، الذي هضمني كثيرا في درجاتي بمساق البكالوريوس بالإعلام ضمن الدفعة السادسة بجامعة عدن، ولا اظنه ينكر او يتجاهل ذلك، ولعل له اسبابه ومبرراته، لكن الحق يقال بعيدا عن أي خلفيات حول شجاعة تقاريره لقناة ام بي سي عن كوابيس حرب الاحتلال العسكري الغاشم للجنوب،في ذلك الصيف المشؤوم

وبأنها كانت أجرأ وأشجع وأقوى من تقارير جوزليت الذي كان أكثر تحفظا بانتقاء اوصافه وحرصا ومرونة في استخدام مصطلحاته، كما شفتها وسمعتها من بعض تقاريره الموثقة،والشهادة لله 

 

ولكن للأسف رأينا كل هذا الاهتمام المبالغ فيه بالضيف المغربي المحترم والمستحق لكل هذا واكثر، ولكن ماكان ينبغي أن يأتي على حساب تجاهل لدور وتاريخ ومواقف شخص أستاذنا العزيز عبدالهادي، ومحاولة تجاهله او تغييب دوره الأهم في تغطية ويلات تلك الحرب البربرية المستمرة على الجنوب بصور مختلفة حتى اليوم

ومحاولة استبعاده من المشهد وكأنما ذنبه انه خلاص جنوبي مننا وفينا.. وبالنسبة للانتقالي فهو ليس محتاجا للاحتفاء به او انصافه وتكريمه، على اعتباره من البيت وأهله في أحسن تبريراتهم للظلم الأكاديمي الذي يعيشه منذ سنوات طويلة، رغم خبراته العملية والأكاديمية وحصوله على أعلى الالقاب العلمية.

و كأنما ينظرون اليه بلسان حال قائل المثل البلدي بأن الشاه العيفة ماتركب الا على التيس المنكري. مع كل الاحترام والتقدير للضيف العربي العزيز وحفظ مكانته ومقامه ومواقفه وماقدمه للجنوب وقضيته في إطار مهمته الإعلامية التي كلف بها يومها، كموفد ميداني لتغطية الحرب، تحت حماية القوات الجنوبية، وبتفاهم جنوبي مسبق مع إدارة قناة ام بي سي السعودية.

وختام الخلاصة فإن

بروفيسورنا الجنوبي عبدالهاد، أولى بكل هذا الاحتفاء والتكريم يا انتقالي؟!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي