ماذا دهاهم.. ولماذا الله يبتليهم؟!

د. علي العسلي
الثلاثاء ، ٢٣ يناير ٢٠٢٤ الساعة ١١:١٠ مساءً

مالي أرى أن هناك أناس تتقدّم وأخرى تتراجع أو تتأخر؟

فالمتقدمون الثابتون على مواقفهم، بهم نعتز ونفتخر.. وعجيب أمر دعاة التقارب مع الحوثي، المتراجعون.. نرجوا منهم العودة المحمودة!

وعلى كلٍ، فليضع الإنسان لنفسه المكان الذي يختاره؛ فإما أن يبقى محافظاً على مبادئه وقيمه ومواقفه، لا بل ويعُضُّ عليها بالنواجذ مع مرور الزمن،لأنها أُتخذت بناءً على قناعاته الراسخة كرسوخ الجبال؛

وإما أن يتراجع ويُسَوّد صفحاته البيضاء ويدّمر كل ما بناه، وقد يُسيء لحزبه الذي ينتمي إليه، فيؤثر عليه!

وفي كل الأحوال نقول أن لكل شخص الحق في التراجع أو المراجعة وإعادة النظر، شريطة ألا يكون تراجعه يسبب إضراراً للشعب أو الصالح العام، ما عدا ذلك، فليختار المرء لنفسه الموقف الذي يريد!!

 لكن من المعيب، والعيب كل العيب أن يصدر فتاوى دينية تبرر وتجيز التراجع عن المواقف بعد كل تلك التضحيات.. وأعتقد أن هذا النوع من التراجع، جريمته مُركّبة!

والكل يعلم أن اتفاق الرياض الأول والثاني، وكذا إعلان نقل السلطة وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي،كان أساس بنائه، هو الاصطفاف الوطني والشراكة الواسعة، ورص صفوف مكوّنات الشرعية والقوى الفاعلة من أجل إنهاء الإنقلاب واستعادة الدولة سلماً أم حرباً!

فلماذا أُناس من قيادات بعض المكوّنات الرئيسية في الشرعية؟ يُظهرون شذوذهم عن الرّكب، ويتراجعون عن مواقفهم السابقة، ويتراجعون كذلك عن قاعدة الاصطفاف الوطني في إطار مكوّنات الشرعية.

وبعضهم بادر وأفتى بالإصطفاف مع المُنقلب، وتأجيل أو تعليق إنهاء العدواة معه، لحين انتهاء العدوان الصهيوني على غزّة!

 فما علاقة هذا بذاك؟ مبرر ضعيف الحُجّة، وفكرة سمجة جداً.. فما هذا الخَرَفْ والهُراء؟!

شيوخ ونواب ودكاترة منتمون، وكانوا صميميّون في التصدي للحوثي وانقلابه..ماذا دهاهم وماذا حلّ بهم؟؛ كي يضعفون ويتراجعون؟!

 ومن ينسى التجمع اليمني للإصلاح، وهو من أوائل المؤيدين للشرعية والمدافعين عنها، والمتصدّين للحوثي وانقلابه؛

بل أنه هو الأول من أيد وبارك عاصفة الحزم ثم إعادة الإعمار، وأعتقد أنه لا يزال.. فلماذا يشوش بعض المنتمين إليه على مواقفه؟!

ثمّ..لماذا البعض يغازل الحوثي ؟!؛معيب والله أن ترتفع أصواتهم وفتاويهم ومناداتهم بالإصطفاف مع المنقلبين الحوثين المعتدين، قتلة الأطفال والنساء، المحاصرون للمدن والارياف، والحارمون الشعب قوته وحريته وعقاىده!

 فمن الواجب والمتوقع من قيادة الأحزاب، تحديد مواقفها مما يطرحه بعض منتميهم؛ إن لم نقول تحديد الموقف منهم!

وعلى كل حال.. فالتاريخ وحده هو من سيكتب وينصف كل إنسان أكان مُحقاً أم كان مخطئاً ومُذنباً؟

أعود وأقول.. تُرى ماهو دوافع البعض؟ أهو الاحتجاج على السلطة الشرعية والتحالف؟!؛ من محاولة إقصائهم وإبعادهم وتهميشهم، أو بسبب تقليص مشاركة مكوّناتهم؛

 فالمفروض في هذه الحالة أن يرتفع الصوت على السلطة الشرعية، ومن حقّهم إصدار البيانات والنضال من أجل تصحيح الإختلالات وتصويب الأخطاء؛ أما التحوّل باتجاه الخصوم فلا!

 وبإمكانهم كذلك التعبير بجرأة مع القضية الفلسطينية وغزّة، من دونما تستّر وراء من يفعل بأهاليهم أكثر مما يفعل الصهاينة بالفلسطينيين؟!

غزّة اثق أنها لا تقبل الدّعم والاسناد من مجرمين قتلة.. متورطون بالعدوان وبإسالة دماء الأطفال والنساء المدنيين، أو ممارسون الحصار كما يُمارسه الصهاينة!

 لا ينبغي أبداً من شخصيات وقوى حزبية ومدنية موالية للسلطة الشرعية وضد الانقلاب أن تتقارب وتعقد صفقات مع ميليشيات مسلحة تقتل اليمنيين ولا تريد انهاء انقلابها وتريد استعباد الشعب، وحتى لو كان المبرر والدافع فلسطين وغزة!

إذْ ينبغي الفصل بين غزة وفلسطين من جهة، وكل من يدّعي مناصرتها من جهة أخرى ، فلا ننكر عليهم فعلهم إن فعلوا، ولا يكون مبرراً لنا التماهي معهم وتأييدهم في قتل أبناء شعبنا واستمرار المعاناة نتيجة انقلابهم، لمجرد تسجيل موقف هنا أو هناك!

فالعداء لا يُعلّق، والخلاف لا يُنبذ يا أيها الشيخ الجليل، لأنه ليس شخصي، بل الخلاف معه على إجرامه، على انقلابه، فقد انقلاب على الدولة وعلى التوافقات الوطنية وعلى مخرجات الحوار الوطني.

  فجرائم الحوثي لا تسقط بالتقادم أو بالتعليق من أشخاص أو حتى من مكوّنات!

والأمران المشاران بالفتوى غير مستجدان، فهما مستمران؛ فالعدوان على غزة مستمر.

 وإن افترضنا أن العدوان على غزة قد توقف؛ فإن كان الحوثي افتراضاً سبباً فيه، ربما عند ذلك قد يكون الأمر مشجعاً للبعض بإعادة النظر والتصالح معه بعد اعترافه بالشرعية وتنفيذه للمرجعيات المتفق عليها، لا العودة لقتاله كما جاء بفتوى التعليق!

أما الأمر الثاني؛ عُدوان الحوثي إن عاد بعد توقف العدوان على غزّة ، فهو يا فضيلة الشيخ لم يتوقف أصلاً على مناطق الشرعية حتى يعود!

 فلماذا يا أصحاب الفتاوى لا تدفعوا البغي، وتردوا عدوان الحوثي الآن، وليس حين توقف العدوان على غزة!

ويا آسفاه على بروفيسور السياسة، حين حلّل امريكا، فابدع واخفق.. بامكانكم الرجوع الى اسهاباته..

غير أن من حديثه المستفز هو شرعنته واعترافه بالحوثي بأن الجمهورية اليمنية تحت قيادته..هذا في ظني وقوع، يحتاج للاعتذار.

والحوثي يا الله ما حصّل يروّج لكل كتابات، تأتي من المحسوبين على الشرعية لصالحه!

 لقد اخطأت أيها البروفيسور! وحُطّوا ما شئتم من خطوط تحت منع الجمهورية اليمنية...

والبروفيسور يعلم، كما نحن نعلم، والعالم كلّه يعلم أن الجمهورية اليمنية لا يمثلها سوى السلطة الشرعية لا سواها!

وهناك من الرجال من تراهم يتربعون العرش، ويتقدمون الصفوف في مواقفهم، وبينهم وبين المتراجعين مئات الأميال.

ولا ضير هنا من ذكر بعض الاسماء على سبيل المثال لا الحصر.. أذكر هنا وأزكي كل تغريدات ومشاركات معالي وزير الاوقاف والارشاد فضيلة الشيخ محمد بن عيضة شبيبة، فكل ما قاله عن الحوثي،#يمثلني..ومما قاله:

" قولوا ماشئتم، وزكوا الحوثي كيفما شئتم، فوالله لو اجتمع من في أقطارها، وزكوه جميعا بلسان واحد، لما قبلت تزكيتهم، ولا صدقت كلامهم، كيف وقد رأته عيني وهو يفجر بيوت الله عمدا، ويصرخ من على أنقاضها مفتخرا"..

أحيلكم لمتابعة مشاركاته الأخرى، فهو أفضل من يعبّر، ويستحق المتابعة، لما فيها من الفائدة، دنيا وآخرة!

"شبيبة" في نظري من المتعملقين؛ وليس كما أولئك المتراجعين المتوسّلين التصالح مع الحوثي توسلاً!

أختم فاقول؛ المفروض أنه بعد ما يقارب العقد من الزمن أن النّاس قد توحدوا وتراصوا وقادوا الجبهات من غرفة عمليات مشتركة.. كما أكد على ذلك الاخ رئيس مجلس القيادة الرئاسي.

والمفروض أن كل واحد منّا قد فهم الحوثي ومبتغاه.. وأدرك كُنّْهه.. أيعقل أنَّ من عليّة قومنا في الشرعية أن تمرر عليهم مكائده وخداعه؟ أو هم به مؤمّلون؟!

 اللهم الهم الجميع رشده، وانهي ياربنا انقلاب الحوثي، وأعيد الدولة والسيادة على ربوع كل اليمن ومياه.. ياكريم.. وانصر غزة ومقاومتها، واخزي محور الصهيو-امريكي.. يا الله.. آمين..

 

 

 

 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي