إفصلوا يا شرعية بين "غزّة" و"الحوثي"؟!

د. علي العسلي
الثلاثاء ، ٠٢ يناير ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:١٢ مساءً

إلى الشرعية أوجه مقالي هذا، واقول لهم، استحوا على انفسكم.. تُرك الحبل على الغارب للحوثي. تركتموه يسجل مواقف، ويحشد الناس، ويتميز عنكم وهو مجرد أدة وظيفية لايران ويؤدي دور لا أكثر!

أين انتم؟ واين تحركاتكم؟ وأين مواقفكم مما يجري في باب المندب؟! أأنتم شرعية أم هم؟!

مالكم كأن ما يجري لا يعنيكم أو أنتم غير مبالين بالأمر، تكلموا قولوا شيئاً، فأنتم من تمثلون الدولة اليمنية!

عبروا عن مواقفكم وبينوا للعالم ما يجري هناك، ومالكم حتى اللحظة لم تقدموا شكوى لمجلس الأمن الدولي بإيران، التي تحاول بتسهيل من الحوثي السيطرة بمدمراتها على مضيق باب المندب، طالبوه باتخاذ قرار بشأنها ومعاقبتها، وارفضوا بوضوح عسكرة البحر الأحمر!

إفصلوا تماماً بين دعمكم اللامحدود لغزة وبين ادعاء الحوثي. وبينوا وأثبتوا أن الحوثي يحاول استغلال أحداث غزة ليوظفها سياسياً له على الارض اليمنية ليس إلا!

 بإعلانه فقط أنه شريك في الحرب من أجل غزة، قد أفاده التحشيد لقتال اليمنيين، وها هو يسلم مضيق باب المندب لإيران، وغزة وضعها بعد وقوفه معها قد أزدادت سوءاً.

فإن كانوا هم وإيران حريصون وصادقون مع غزّة وأهلها، كان ينبغي ان تتوجه المدمرة الايرانية نحو شاطئ غزة، لفك الحصار عنها تنفيذاً لقرار القمة العربية الاسلامية في الرياض الأخيرة!؛ لا أن تتوجه المدمّرة نحو باب المندب للسيطرة عليه لحسابها ولمصالحها!

لا تخافوا يا شرعية عبّروا وبينوا موقفكم بوضوح من أنكم مع غزّة ومقاومتها وضد الحصار والعدوان عليها، وطالبوا بضرورة سرعة فك الحصار وانسحاب قوة العدو من على أرضها الطاهرة.

ينبغي ان يعلم العالم أن الشعب اليمني وحكومته مع غزة، وأن الحوثي وايران لهما أجندات أخرى!

مطلوب ايضاً ايقاف التصريحات المشوشة والمسيئة التي تضر بموقف الشرعية من قبل بعض أعضاء مجلس القيادة الرئاسي !

ويا أيتها الأحزاب المؤيدة للشرعية، أخرجوا المسيرات المستمرة والمشرّفة تاييداً ودعماً لغزة ونصرتها!،فمحور ايران يشكك في مقدرتكم حتى على التحشيد وتحريك المظاهرات نصرة لغزّة!

حان الوقت يا شرعية أن تبينوا للعالم أن في اليمن سلطة شرعية، ينبغي السماع لها الآن، بعد أن أصموا أذانهم سنين، وهي تفوم بالتحذير مراراً وتكراراً من أن الحوثي ليس خطراً على اليمن فحسب، وإنما كذلك خطورته على السلم والأمن الأقليمي والدولي!

وضحو أن بريطانيا وأمريكا هما المتسببتان في بقاء العاصمة صنعاء والحديدة وموانئها بيد الحوثي. أخبروهم بضرورة التكفير عن خطيئاتهم وحان الوقت لأن لا يعترضوا على تحركاتكم لتحرير صنعاء والحديدة وباقي المناطق!

والتحرير مهم لاستقرار اليمن والأقليم والعالم، فالحوثي انقلب وسيطر بالقوة على صنعاء والحديدة ومناطق أخرى.

 والتحرير ينبغي ألا يفهم على أنه بسبب موقف الحوثي من غزة، وانما بسبب ان امريكا وبريطانيا قد غيرتا موقفيهما منه، ولم تعودا عائقا للتحرير.. ليعلم ويدرك الجميع ذلك، فالخلط يضر بالقضية وبالمواقف اليمنية منها!

وعليه.. ينبغي على الشرعية التحرك لتحرير موانئ الحديدة، والحديدة ذاتها وحالاً. اعتبروا ذلك أولوية على ماعداها..

وليس مقبولا من وزير الدفاغ اليمني أن يربط تحرير ما تبقى بضرورة توفير الدعم اللوجيستي وتوفير الإمكانيات اللازمة لها، فتحرير الحديدة-مثلاً- لا يحتاج إلا لقرار، أما الإمكانيات عُدّة وعتاد، فقوات العميد طارق صالح كافية ووافية وتستطيع تحرير كل ما تبقى بيد الحوثي وليس الحديدة فقط!

اسرعوا قبل أن يجر الحوثي البحر الأحمر للعسكرة ويسلم المضيق لإيران. فعلام يبدوا أنه قد قرر تسليمه، وهذا لعمري لهو أخطر على الأمن القومي العربي كله. وهذا التسليم مقابل هذه النفخة التي ينتفخها الحوثي هذه الايام بسلاح إيران الصاروخي والمسير!

وذكّروا العالم بما قاله (أشتياني) وزير الدفاع الايراني قبل أيام، من أن لدى طهران سيطرة في البحر الأحمر، وعُمِّدّ ذلك يوم أمس بدخول مضيق باب المندب المدمرة الإيرانية القتالية "إيران البرز" والسفينة العسكرية "بوشهر".

جرى ذلك بالتزامن مع تحرك ناطق الحوثي لطهران والتقائه برئيس مجلس الشورى الإيراني ووزير خارجية إيران ايضاً. وعلام يبدو أن تفاهمات الصين قد قرّحها الحوثي غرقاً نتيجة استهدافاته البحرية. وأثق أن ناطق الحوثي قد ناقش مع الايرانيين كيفية غلق مضيق باب المندب، غير ان ناطق انصار أنفسهم-بحسب الرائع السجين المحرر يحي الجبيحي-، قال أنه تمّ مناقشة مسار السلام والمفاوضات الأممية، فما دخل ايران بها.احذروا الفخاخ المنصوبة والتوقيع على اتفاق في ظل الوضع القائم!

وضحوا أن ايران معادية لليمن، وطالبوا مجلس الامن بالانعقاد لهذا الغرض!

وعبّروا ايضاً أنكم ضد تشكيل تحالفات في البحر الأحمر، وأنكم انتم كحكومة شرعية بالتنسيق مع مصر المتضرر الأول من أفعال الحوثي وباقي الدول المطلّة قادرون على تأمين الملاحة. وإذا ارادوا تشكيل تحالفات فلتكن ضد ايران المزعزة للأمن في المنطقة! أما تشكيل تحالفاً بحرية لتأديب الوكيل(الحوثي) وترك الاصيل ايران، فاتجهوا نحو الأصل، عندها الوكيل سيتبخر.

لكن.. للآسف ايران وامريكا وبربطانيا جبناء ولا يتواجهون مباشرة ويريدون تخريب المنطقة والعالم بأذرعهم!

أدينوا أمريكا وبريطانيا وحمّلوها المسؤولية في وقوفهما مع الحوثي، وعدم السماح لكم بتحرير العاصمة صنعاء وموانئ الحديدة سابقاً!

ولربما كنا معتقدين أن الحوثي مناسب للزمن الامريكي الغابوي بدعمه اللامحدود لذلكم العدوان الوحشي المخالف للقانون الدولي، والدولي الانساني على غزّة، ما ينفع معهم إلا أمثال الحوثي. فلربما مجانين الحوثي سيحققون ما عجزت عن تحقيقه سبعة وخمسين دولة اجتمعت بالرياض، وقد يسهمون في فك الحصار عن غزة.. لكن المسألة قد تجاوزت غزة وفك حصارها، ولقد ظهر المستور وبان، بتسليم الحوثي لمضيق باب المندب لإيران للتحكم به والتهديد بإغلاقه!

 وهذا تهديد مباشر للأمن القومي العربي. ومعلوم أن ايران قد سبق ان هددت ايضا باغلاق مضيق جبل طارق، بينما مضيق هرمز تبقيه مفتوحاً، ولا تهدد بغلقه من أجل فك الحصار على غزّة!

اشرحوا للجميع أن ما يسمى محور المقاومة، وقوفه مع غزة قد لا يكون فقط دعماً وسنداً وتحريراً، وانما ايضاً لتجيير ملحمة طوفان الأقصى العظيمة في التاريخ المعاصر، وحرفها عن بوصلتها تحرير فلسطين والقدس، إلى مجرد انتقام لقاسم سليماني، كما صرح بذلك معظم قادة ايران وبعض أركان محور المقاومة!

ورحم الله الشهيد الجديد، الشهيد صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحماس الذي اغتاله الكيان الصهيوني قبل ساعات، وهو ضيفا على الضاحية الجنوبية، ضيفاً على نصر الله، ضيفاً على ضاحية نصر الله، هو الذي يحتاج للانتقام المستعجل وبما يليق بلبنان وبالضاحية وبحسن نصر الله، ولا يحتمل الأمر ياحسن نصر الله التأجيل إلى موعد كلمتك يوم غدا! فاغتيالهم للعاروري مقصود به إرهابك وثنيك، فأجعل كلمتك غداً، كما وعدت سابقاً شرحاً لما قمت به الليلة!؛ وأنت أخبر!

أختم وأقول سكوتكم يا أيتها الشرعية سيحسب عليكم، وسيسجل للحوثي المنقلب الفوز بالنقاط، فهم يراكمون فوزهم بالنقاط، وانتم بالسكات، فأحذروا!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي