الإعلان عن إطلالة للغائب!

د. علي العسلي
الاثنين ، ٣٠ اكتوبر ٢٠٢٣ الساعة ١٠:٤٧ مساءً

 

ليلة أمس كررت قناة المنار وكل قنوات محور المقاومة عن موعد لإطلالة الغائب منذ العدوان الصهيو_امريكي على غزّة، عصر الجمعة القادم، أنتم على موعد مع قائد الغرفة المشتركة لمحور المقاومة؛ يتساءل كثيرون عن هذا الغياب غير المبرر، خصوصاً وقد هبّ قادة العالم الغربي إلى المنطقة دعماً لتل أبيب وعدوانها، إلا إذا كان الغياب يخفي شيء ممكن حدوثه، ويؤدي إلى تحقيق النصر الناجز المتمثل بتحرير فلسطين وقدس الأقداس.. سيخطب نصر الله بعد  ٢٨  يوماً على بدء العدوان الصهيوني، رداً على طوفان الأقصى، لا يزال الرد الصهيوني مستمراً على مدار الساعة ولم يتوقف.. رد انتقامي حاقد مدمر، ويرقى لتوصيفه بالابادة الجماعية والتطهير العرقي.. ودليل على انهزام وضعف، قلّ نظيره في التاريخ .. ويؤخذ على محور المقاومة  ضعف الرد حتى الآن على المجازر والابادة القائمة لغزة وأهلها.. 

24 يوماً  مرّت من أيام العدوان على غزّة، رافقها عمليات نوعية واستنزاف حقيقي من مجاهدي حزب الله  للكيان الصهيوني، وربما يمهد ذلك بإعلان ساعة الصفر للحرب الإقليمية الشاملة المتوقعة.. 

غاب  السيد حسن نصر الله منذ انطلاق المعركة، وأُعلن أنه سيطّل يوم الجمعة عصراً.. ويمكنني أن أجتهد وأحلّل وفقا للمعطيات الميدانية والسياسية على الارض وعلى النحو الآتي:-

- الاحتمال الأول؛ أن امريكا والكيان الصهيوني لا يرغبان بالتصعيد وحريصان بالابتعاد عن توسع الصراع إلى حرب إقليمية؛ وبالتالي سيكتفيان برد الفعل، عندما يقرر محور المقاومة الانخراط في الحرب من عدمه،  غير أنه من المرجّح أن السيد نصر الله قد أوكل إليه قيادة الغرفة المشتركة، وسيعلن يوم الجمعة الخطط والاهداف وإعطاء كلمة السر لانطلاق الحرب الاقليمية الشاملة إن قرر محور المقاومة ذلك، حيث ان الخطاب السياسي لقادة محور المقاومة، خصوصا ايران، لم يكن بالقوة المفترضة للمقاومة، بل كان ضعيفا ومتنصلا،وبالتاكيد فإن  حسن نصر الله سيجمل الخطاب السياسي لهذا المحور.. فالانتظار للخطاب بفارغ الصبر، له ما يبرره، إن كان سيحمل تصعيدًا ما، خصوصاً، وأن الاستعدادات قد بدأت بالفعل في مناورة كبرى في ايران، وتنفيذ تدريب ميداني ومحاكاة في صنعاء للدعم والاسناد لطوفان الأقصى، وكذا استهدافات من العراق وسوريا، ومشاغلة للقوة الأمريكية على امتداد ساحات وجبهات محور المقاومة.. لكن ما الذي يجعل محور المقاومة يروج لخطاب لأمين حرب الله يوم الجمعة القادم؟! وهل هم واثقين من أنه لن يحدث شيء ذي قيمة خلال المدّة المتبقية؟!  ومن أين جاءت هذه الثقة؟! فمن يدري بالأيام المتبقية ماذا سيجري؟ وما هي الاحتمالات؟! وهنا أنتقل للاحتمال أو السيناريو التالي.

-   الاحتمال الثاني؛ أن يأتي خطاب حسن نصر الله، وقد خرج الوضع عن السيطرة،  وبالتالي سيُعلن الموقف المناسب لمجريات الأحداث؛ خصوصا ونحن نرى أن التدحرج في استكمال غزو قطاع غزّة، والذي قد بدأ بالفعل، بل بحسب شهود عيان أن مدرعات ودبابات العدو قد شوهدت في شارع صلاح الدين بغزة عصر اليوم، وأن عدم الإعلان عن الدخول من قبل الكيان مردّه إلى عدم استفزاز حزب الله وابقائه كما هو في الوضع القائم؛إذ أن محور المقاومة قد أعلن سلفاً من أن أي دخول لغزّة سيقابل من قبل محور المقاومة بالردّ، وأن المحور لن يقف مكتوف الأيدي، ومن أنه سيتدخل حتماً، وستتسع المعركة إلى كل المنطقة..

- الإحتمال الثالث؛ أن الاعلان  عن الإدلاء بخطاب، لنصر الله، ليس بروبجندا، وانما لأهمية ما سيطرح الأمين العام لحزب الله، وهو قائد الغرفة المشتركة لمحور المقاومة.. فالإحتمال أن يترافق الخطاب مع تنفيذ عملية كبرى مماثلة لتلك التي  حدثت في غلاف غزّة، أو أن الخطاب سيكون لشرح نتائجها بعد تنفيذها.. 

- الإحتمال الرابع؛ أن محور الصهيو_امريكي بعد عملية طوفان الأقصى، قد قررا ضرب ايران ومفاعلها النووي، واعتبار حرب غزّة جس نبض، ولتغيير الأمزجة، ولتكييف المنطقة وحكامها، وما اشتراك الولايات المتحدة بمجلس الحرب الاسرائلي وبالغرفة المشتركة لعملياته، إلا دليل على ذلك، وما التأخير إلى دخول غزة إلا للتمويه ومن أجل استكمال التحضيرات والتموضع للقوات الأمريكية في المنطقة ،من أجل ضرب ايران ومفاعلها النووي،وقد يأتي خطاب نصر الله عقب الضربة ليُعلن أمين عام حزب الله موقفه ودعمه لغزة وايران سوية!

وفي كل الأحوال، فإن الخطاب وما سيحويه مهم، خصوصا بعد غياب طويل عن أحداث زلزلالية، عن طوفان هزّ العالم، وجلب قادة الدول لمؤزرة الكيان، والسيد نصر الله لم يستيقظ بعد! لعلّ في التأخير خير! ولا بأس من توظيف غيابه كجزء من المعركة والحرب النفسية.. 

بقي عدّة أيام على موعد خطاب نصر الله.. اللهم في هذه المدّة سلّم غزة، وادخل إليها المساعدات، واجعلهم يا ربنا يعملوا هدنة انسانية حتى لا  تتدحرج الأوضاع للأسوأ.. اللهم اسمعنا خير، وبشرنا بما يسر بهزيمة  الأعداء، ووحدّ يا ربنا صف المسلمين، وانهي يا ربنا  كل الخلافات الحاصلة التي لا تخدم إلا  العدو الصهيو_امريكي، ولا تخدم الأمة، بل تُدميها وتمزقها وتضعفها..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي