لك الله يا غزّة؟!

د. علي العسلي
الاربعاء ، ٢٥ اكتوبر ٢٠٢٣ الساعة ٠٣:١٤ مساءً

لك الله ياغزّة..وقدرك في هذا الزمن العاثر، خروج المنظومة الصحية عن الخدمة، إنهيار المنظومة الصحية كلياً، ويا للآسف وقد صارت المشافي مقابر جماعية..  لك الله باغزّة.. وأنت تتلقي أطنان المتفجرات والعالم؛ إما مشاركاً أو متواطئاً أو جباناً.. لك الله يا غزّة.. وأنت لحد اللحظة وحدك تواجهين العدوان الصهيو_أمريكي، تعيشين البطولة والاستشهاد، والبقية يعيشون الذل والخزي والعار على صمتهم وتقاعسهم.. لك الله يا غزّة.. وأنت بدون غذاء أو مأوى، بعدما توقف عنك ما كانت تقدمه (الانروا).. فيا للآسف ستوقف عملها من هذا اليوم، والسبب معروف ومعلوم، إستنفاذ كمية الوقود لديها، وعدم السماح بإدخاله لغزّة لحد الآن.. لك الله ياغزّة.. فأحمدي الله،أنه وحده هو من يقف معك، فهو يتولاك، ويخلّد شهدائك، وهو وحده  من سينتقم لك؛ حيث نظامنا العربي الرسمي عاجز ومعاق، ولا يريد استخدام ما لديه من أوراق، وهي كثيرة، من أجل إيقاف العدوان عليك، وإدخال ما تحتاجين، وفي الوقت الذي تريدين، خصوصاً الغذاء والماء والوقود والكهرباء، وكان بامكانه لو أراد أن يوقف العدوان عليك فوراً، لكن لم ولن يفعل، مع كل آسف..  .. لك الله يا غزّة..  وأنت تنظري للمساعدات مكدّسة بمعبر رفح، ولا تصل إليك.. ويتباهون ويفتخرون بنجاحهم في إيصال بعض المساعدات غير الضرورية  إلى بعض ربوعك.. يضحكون على الذقون بوصول تلك المساعدات، وهي: " شاش وأكفان وكمامات فيروس كورونا".. أأنت تحتاجينها؟!؛ بكل تأكيد لا! قبّح الله كل من يُسهم في الوقوف مع من يؤذيك يا غزّة، ويمنع عنك حريتك، ويحاربك بالسلاح والحصار، ومنع وصول الكهرباء ولوقود والغذاء والدواء إليك ..  لك الله ياغزّة.. وأنت تتلقي قنابل أمريكا وهي تسقط على أزقتك وأحيائك وكنائسك ومساجدك ومستشفياتك؛الامريكان والغرب واقفون بشكل واضح مع الكيان.. بينما نظامنا العربي الرسمي لا يزال كما كان قبل العدوان، يُقيم  أحسن العلاقات معها، ويجاملها، وفي الكواليس يتماهى معها، وهي  المنحازة كلياً للعدو الصهيوني...  لك الله ياغزّة.. وأنت تنظرين لمجلس الأمن الدولي، والذي لا يزال في مرحلة تقديم مشاريع قرارات ليس لها حظ في إيقاف العدوان عمّا تبقى من أرضك الطاهرة.. مجلس الأمن الدولي عاجز عن إصدار قرار لوقف أزيز الطائرات عليك، وتلك القنابل الأمريكية المتساقطة على أرجائك، والتي بعضها محرّمة دولياً، ومنها الفوسفورية الحارقة للأجساد؛ وهو العاجز أيضاً حتى الآن على إجبار العدو بالسماح بتسيير المساعدات وخروج الجرحى والمحتاجين للعلاج في الخارج، بدون إعاقات أو قيود.. لك الله ياغزّة.. وأنت وحدك المقاومة الصابرة المحتسبة، والعالم كله يسمع ويرى القصف الهمجي الصهيوني عليك، ويرى معدّل الموت اليومي، والذي يتجاوز السبعمائة إنسان في اليوم، ومعظمهم أطفال، ولا يحرّك ساكناً، ولا يثور لإيقاف المذابح والمجازر الصهيو_امريكية عليك..  لك الله ياغزّة.. وفتية من أبنائك أمنوا بربهم واتكلوا عليه، فقاموا بعملية بطولية في طريق المقامة، عملية محدودة جنّنتهم، وهي مشروعة في القاتون الدولي، حق مقامة الاحتلال، والتي اثبتت هذه العملية أن الجيش الذي لا يقهر، قهر وانهزم وانهار، ولم يتمكّن من قتالهم وقتلهم؛ فأقام العالم الغربي ولم يقعده بعد العملية، وهبّ لنجدة الكيان الصهيوني وحرّضه على تدمير غزّة التي انطلفت منها المقاومة،بغرض الحقد والانتقام من الأطفال والنساء.. هذا العالم الغربي السيء، الذي ثبُت أنه يوظف الإرهاب لأغراض سياسية وكيفما يشاء، فيصنفون المقاوم للاحتلال على أنه إرهابي..نظام غربي معوجّ.. ويتناسون إرهابهم الحقيقي في زرع كيان بارض غير أرضه، وتسليحه بأحدث الاسلحة، ويمارس أشنع الفظائع، ويده مطلقة، فيرتكب جرائمه متجاوزا قوانين الحروب، ومتجاوزاً الحدود والدساتير والقوانين والسيادة.. فإرهابه مسموح ومحمي.. يرتكب جرائم ضد الانسانية ولا مساءلة أو حساب.. هاهو منذ عقود يفرض حصار على غزّة، ومنذ السابع من اكتوبر الماضي أغلق غزّة  نهائياً، وفرض حصاراً مطبفاً عليها، ويمارس الانتقام والعقاب الجماعي، ويدّمر غزّة على رؤوس ساكنيها؛ ويخضع للحماية والتغطية الأمريكية والغربية، فيبررون له حق الدفاع عن النفس، وهو من يقتل الأنفس ويعتدي عليها..إن إرهابه محمي  غربياً، يشكّلون تحالفات دولية ضد الارهاب وهم الإرهاب عينه؛ يدعمون ويسلّحون مُحتّل ليمارس إرهايه على شعب يعيش تحت الاحتلال..  لك الله ياغزّة..وأنت تقاومين،بل أنت الجغرافيا الحرّة في العالم الذي بدى تابعاً ذليلاً للإمبريالية المتوحشة..  لك الله ياغزّة.. وأنت الفاضحة الكاشفة لعجز العرب والمسلمين، والمعرّية للغرب المنافق.. لك الله ياغزّة.. فالله معك وسيحقق النصر المؤزر لك، بحوله وقوته تعالى، على أيادي أبنائك المؤمنين المدافعين عن الحق والمقدسات.. قال تعالى:  {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ } [الروم 47].. صدق الله العظيم..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي