عبد الرحمن المهيدي// لا حرية مع الأمامة ولا إمامة مع الحرية

كتب
الاثنين ، ٢٥ سبتمبر ٢٠٢٣ الساعة ٠٧:١٩ مساءً

اليوم يُسلخ من الأمس، والامس يولد من سابقه، والتأريخ حصيلة ايام متسلسلة، كما الإنسان تماما، انه نتيجة الايام التي عاشها، الضروف التي مر بها، ليخرج بحصيلة معرفية، ومنها يشق طريقه، ويصنع تأريخا، ان ثمة علاقة مباشرة بين الإنسان والتأريخ، انسجام لايمكن سحبه، بل قل ان التأريخ انسان، والانسان تأريخ. واليمني جزء من تأريخه، من المحن التي عاشها، من الظلم الذي تعرض له، ليصبح كما هو اليوم، رافضا للخضوع، نابذا للإمامة، وكل اوجهها القذرة.

61 عاما منذ تمرد الثوار على الكهنوت، والاطاحة بصنمية الإمام، وجبروته، وهاهو اليمني الآن يستقبل يوم الحرية السبتمبري، التأريخ الفاصل بين الظلام والنور، وبين الخرافة والحق المبين، اليوم الذي ولدت فيه اليمن، بعد مخاضات طويلة، قضت على عهد من الزيف والتشوهات الممتدة، وأعلنت البداية. 

ان ذكرى 26 سبتمبر، توثق اصالة اليمني بالثورة، تلهمه بالتمرد، وتضفي عليه نشوة من النصر على عدو اليوم، انه بقايا الكهنوت، وجبين الشر. 

ان كل سنة تمر تحت حكم وجه الإمامة الجديد _الحوثي_، يجد اليمني حاجة ماسة لتجديد العهد، واعادة احياء الثورة السبتمبرية الأولى، ان التجهيزات التي تقام في المناطق المحررة للإحتفاء ب26 سبتمبر هي رفض واضح، واثبات صريح ان عودة الإمامة مستحيلة، وان هذا الشعب اصبح يعرفهم ولو تقنعوا بالف قناع، وتلونوا بالف لون، ولو خرجوا حتى برداء الدين، ونشد الحرية. 

ان الشعب اصبح يعلم أن لاحرية مع الأمامة، ولا امامة مع الحرية، كلاهما نقيض الآخر، ولايجتمع النقيضان مهما حصل. 

تعز، ومارب، وحضرموت، وشبوة، والمهرة،  المناطق التي تحررت من سلطة الحوثي الإمامي الكهنوتي، تستقبل التأريخ المحوري في حياة اليمن، وولادة الجمهورية، بحفاوة وشجون، كما استقبلته اليمن لأول مرة في عهدها، حينما قالت للحرية ان تكون، وللظلم ان يموت، ولحكم الامامة ان يسقط. اليمني اليوم تسيطر عليه تلك الصرامة، والولاء الذي شعر به اجداده حينما انتصروا على الكهنوت، واعتقوا الحرية. وليس غريبا على احرار اليوم وثوار الأمس ان يصرخوا بالرفض، ويسخروا من رجل الكهف الجاهل بالأبجدية الذي يحلم بالدولة والحكم.

اعتمدت الإمامة القديمة لاستمرار بقائها على الاستبداد، والتجهيل، والظلم، كـ قانون، وحصرته في دائرة ضيقة مع سيل من الخرافة، ولم تعلم ان الخرافة، زائلة، مهما تمددت، وثورة المثقفين لابد منها، ثورة قادمة وان تأخرت، وقد جاءت بالفعل في 48 وكانت تمهيدا لإجتثاث حكمهم.

واليوم يذكرنا التأريخ بنفسه، لتعود الامامة بوجه حوثي بشع، وتستخدم اسلوبها القديم في الحكم مع زيادة الاسراف في سفك الدم، ومزيد من الدجل، والفتاوي المضحكة واستحلال اموال الناس ودمائهم بإسم الدين. ولكن لم تعد تلك الأكاذيب تنفع الآن ياكهنوت، اننا نعرفكم ونعرف ذنبكم.

ها نحن اليوم في الذكرى 61 من قيامة سبتمبر، والشعب كله يستبشر، الناس هنا تشتري الاعلام، تضع شعار سبتمبر على جدران المحلات، وزجاج السيارات، على اغلفة الهواتف، والبسطات في الرصيف، ان الناس تعي تماما اليوم ماذا يعني ان تكون سبتمبريا، اخرج إلى الشارع ستجد الناس هنا تتجمهر للاحتفال، لإيقاد الشعلة، شعلة الحرية المتجددة منذ 6 عقود، ولكن هذه المرة بحماس داخلي كبير، ولهب لاينطفيء. 

 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي