قبح الحرب تغتال أخلاقنا وإنسانيتنا

سميه الفقيه
الاثنين ، ١٤ أغسطس ٢٠٢٣ الساعة ٠٤:٣٨ مساءً

 

تبدأ أي أمة بالانحدار إلى الدرك الأسفل من اللاسلم، إن فقدت أخلاقها و إنسانيتها، وطغت قوانين القبح على مبادئ السلام,ودخلت كهف عميق من التخبط وعدم التصالح مع الذات ومع الآخرين، وبالتالي تختل الموازين وتتخلخل العلاقات المجتمعية ونصبح غير قادرين على زحزحة واقعنا الضحل. 

مررنا خلال سنوات الحرب بمرحلة تكاد تكون الأخطر عبر تاريخنا البشري , مرحلة ألقت بظلالها على الجميع وتأثر بها الجميع وانعكست كل أخطاء السياسة وقبحها والساسة وأطماعهم على نفسيات الناس، وتحولت إلى سلوكيات وتصرفات عشوائية مُدمِرة لم نعهدها من قبل في مجتمعنا اليمني، المشهود له بالألفة وحُسن المعشر, تصرفات يسودها العداء والبطش بالآخر وعدم تقبله وفرض رأي السلاح على العقل وسيادة مبادئ التكفير على التفكير، وتخوين الآخرين وتنصيب (الأنا) كسياف وخصم وحَكم في آن واحد، وانعدم الأمن والأمان النفسي والمجتمعي أيضا.

أخلاقيات الناس تدهورت و ذُبحت من الوريد إلى الوريد، ونحن بأيدينا ذبحناها بمباركة من واقع سياسي دامٍ وعدائي، تشاركنا أخطاءه وسلبياته، وكانت النتيجة الطبيعية أن تراجعت الأخلاق والقيم والمبادئ وتزايدت الحماقات وطغى القبح وانتشر القتل و النهب والسطو والتقطعات والتخريب، وانتُهكت كل القوانين واختلط الحابل بالنابل،حتى على مستوى التعاملات الفردية, صرنا أكثر توحشًا، وما عدنا نحتمل من بعضنا البعض حرفًا واحدًا، فنغضب ونزمجر ونحد سيوف كلماتنا وشرر عباراتنا لنطلقها كسهام قاتلة أشد من أفاعٍ سامة، وقد ينتهي شجار عادي بقتيل أو اثنين..

أما في الجانب العملي، وفي أعمالنا فحدث ولا حرج ،عن ضياع أخلاقنا و إنسانيتنا وتسيد التعصب السياسي وإهدار قضايا الناس وأرواحهم وإستهلاك الوقت في الملاسنات والقطيعة والعداء والتنافر..

إنتهكنا منظومة أخلاقيتنا بمحض إرادتنا وسمحنا لقبح النفوس أن يتسيد علينا وأن يكون القتل أسرع حل يتبادر لنا إن إختلفنا مع الآخر.

سحقنا قيمنا حين وظفنا التوحش كمتحدث رسمي عنا ،حينما نريد أن نفرض ما نحن مقتنعون به بالقوة و  بحد الرصاص . 

نحن قتلنا أخلاقنا، حين صوبنا فوهات البنادق تجاه بعضنا البعض، و أرقنا دماءنا حتى على أسباب رخيصة لا تصل أن نضحي من أجلها بنفس حرمها الله من سابع سماء..

 نحرنا إنسانيتنا حين سلّمنا رقابنا لأصنام سميناها بأنفسنا، وطفنا حولها طواف الولاء والسمع والشراسة، تناسينا أننا قوم ود وسلام وخير أمة.   اغتلنا مبادءنا، حينما نصرنا واقتنعنا بإعلام يؤجج و يعادي بيننا، وينشر الكراهية والتباعد والتشظي.. هكذا ذبحنا أخلاقنا و إنسانيتنا وأهلنا عليها تراب القباحة واللامان ,لكننا نريد أن نعود لها ونتصالح مع ذواتنا ومع محيطنا ومع وطننا بالدرجة الأولى لنخرج من قمقم الشراسة واللانسانية..

فأنقذوا أخلاقكم يرحمكم الله ولا تدعوها كذبيحة  تقطر دما وموتا..حينها سننجـــــو .

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي