يمثل الاحتفال بـ “الشعبانية” أول طقوس الاحتفال في اليمن بقدوم شهر رمضان المبارك؛ وتشعل هذه الطقوس ثلاثة أيام 13، 15،14 من شهر شعبان، ويتم خلالها الصيام، ولبس الجديد، وإحياؤها بالإدكار، والاحتفال لمن استطاع ومن ارتبطت عائلته بهذه التقاليد. وفي هذا لكل منطقة يمنية طقوسها وتقاليدها، وتتوج دائماً بالاحتفال بليلة منتصف شعبان.
يقول الباحث والمحاضر في جامعة الحديدة، عبد الودود مقشر، عن هذه الليلة: “ليلة تحتفل بها الأمة الإسلامية للاستعداد لرمضان والنفوس صافية طاهرة نقية، لا تحمل كراهية ولا بغض. نحن في تهامة لنا احتفال بها بطريقة روحانية تعانق السماء، حيث يلبس الأطفال الملابس الجديد، وينقشون ويحنون، ويمارسون ألعابهم وهواياتهم، في حين الآباء يسمرون (يسهرون) في جلسات روحانية، ويكون العشاء هو الوجبة الرئيسية الدسمة؛ فلا يوجد في اليمن مستحيل. والليلة تبدأ بعد قراءة المولد والشعبانية في المساجد، والجوامع تصدح بالترحيب برمضان، معلنة أننا على أهبة الاستعداد لرمضان والدعاء لفلسطين والمشاركة في كل ما يساهم في تحريرها”.
لكن في بعض المناطق تراجعت هذه التقاليد والطقوس. يقول المدون عبد الله عثمان: “كانت أيام الشعبانية الثلاث مثلها مثل المناسبات والأعياد الدينية الأخرى، ننتظر قدومها بشوق جارف، ونحتفي بها ببذخ كبير. كان الآباء يشترون اللحم، والخضراوات، والبعض يذبحون مما يتوفر لديهم من المواشي أو يتشاركون بمذبوح كبير، والفقير يشتري دجاج، وتستمر الاحتفالية خلال الأيام الثلاث (13، 14، 15)، وكنا نحن كأطفال نعيش أجواء سعيدة مليئة بالبهجة والسرور تماماً كعيد الفطر أو الأضحى، وفي اليوم الثالث الناصفة (منتصف شعبان) كان البعض من الآباء المقتدرين في القرية يقيمون مولداً في المساء يجتمع فيه أهل القرية لقراءة المولد والاستماع إلى المدائح النبوية والأناشيد الدينية التي يرجع لها الفضل في تكويننا الروحي ونزوعنا الصوفي لاسيما في الريف.
وأضاف: “ومن العادات التي كانت تقام في الثلاث الليالي (المساء) يتحرك الأطفال كمجموعة من بيت إلى بيت من بينهم واحد ينشد والبقية يرددون بعده (يا مساء، يا مساء الخير يا مساء، يا مساء وأسعد الله المساء)، وعندما ينتهون من ترديد المقاطع المعروفة، التي يشيدون فيها بصاحب البيت ويمتدحونه، يقوم أهل البيت بإكرامهم إما نقداً أو طعاماً، ولا يعودون لبيوتهم إلا بعد منتصف الليل، يتقاسمون المحصول ثم يذهبون للنوم فرحين مسرورين”.
واستطرد: “حالياً، بسبب الظروف المعيشية للناس وتردي الأوضاع الاقتصادية، تقام هذه المناسبة لكن بحدودها الدنيا”.