الرئيسية > عربية ودولية > مصر حائرة بين هدم علاقاتها مع إسرائيل أو الفلسطينيين

مصر حائرة بين هدم علاقاتها مع إسرائيل أو الفلسطينيين

" class="main-news-image img

نجحت مصر في تخطي مطبات عديدة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لكنها وُضعت الآن في اختبار أشد صعوبة في ظل استعدادات الجيش الإسرائيلي لاجتياح منطقة رفح القريبة من الحدود المصرية، ما يهدد بوقوع المزيد من الخسائر البشرية في صفوف المدنيين ويدفعهم قسريا نحو عبور الحدود إلى سيناء.

 

وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري الاثنين إن مستوى الدمار والقتل الإسرائيلي للمدنيين في غزة “غير مسبوق”، مشددا على أنه “لا يمكن قبول المزيد من الخسارة في أرواح المدنيين بالقطاع”.

 

ولفت وزير الخارجية المصري في مؤتمر صحفي مع نظيرته السلوفينية تانيا فايون، بالعاصمة لوبليانا، إلى أن بلاده ترفض بكل السبل تهجير الفلسطينيين من غزة.

 

ودخلت القاهرة محكا مصيريا بين التصرف بصرامة سياسية وعسكرية مع تهديدات إسرائيل لرفح، وبين ترك حركة حماس وشريحة من الفلسطينيين غنيمة لجيشها، أو قبول الأمر الواقع بترحيلهم إلى الأراضي المصرية.

 

 

وأشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الأحد إلى نقطة أخرى تعبر عن حجم التوتر بين الجانبين، ونبهت لمخاوف من إدخال مصر مساعدات لغزة دون تفتيش إسرائيلي.

 

وقالت الصحيفة العبرية “دون التنسيق مع مصر والغطاء الأميركي، فإن هذا العمل التكتيكي قد يتحوّل إلى حدث إستراتيجي يضر بأهداف الحرب”.

 

وذكرت وسائل إعلام أميركية أن مصر هددت إسرائيل بتعليق العمل بمعاهدة السلام، حال قام جيشها بالتحرك عسكريا في منطقة رفح، وطلبت القاهرة من حماس التوصل إلى صفقة تبادل أسرى في غضون أسبوعين.

 

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبلغ المجلس الوزاري المصغر ومجلس الحرب بضرورة إنهاء العملية العسكرية في مدينة رفح قبل حلول شهر رمضان.

 

وفي خضم مطالب مصرية وعربية ودولية، قد لا تبدأ العملية البرية إلا بعد توافر شرطين وهما: إخلاء واسع النطاق للمواطنين من رفح ومحيطها، حيث يوجد هناك نحو 1.4 مليون نازح قد يتعرضون لأضرار فادحة، وحدوث اتفاق بين تل أبيب والقاهرة بشأن نشاط الجيش الإسرائيلي عند محور صلاح الدين (فيلادلفيا).

 

وأعلن المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي في إحاطة عبر الإنترنت الاثنين أن إسرائيل ناشدت وكالة الأمم المتحدة بالتعاون بخصوص خطة أعدها الجيش لإجلاء مدنيي غزة من رفح.

 

ووفقا لما نقلته وكالة بلومبرغ للأنباء قال ليفي “لا تقولوا إنه لا يمكن فعل ذلك، انخرطوا معنا للتوصل إلى حل”.

 

ويرى مراقبون أن عملية الاجتياح البري لرفح هي محاولة لزيادة الضغط على حماس من أجل إجبارها على تقديم تنازلات لإنهاء الصفقة المنتظرة مع إسرائيل.

 

وقال الخبير الإستراتيجي والمستشار بأكاديمية ناصر العسكرية التابعة للجيش المصري اللواء حمدي بخيت إن ما تقوم به إسرائيل “محاولة لوصول الأزمة إلى حافة الهاوية، والسعي نحو جر مصر لهذا المستنقع، مرة بالتهجير وأخرى بمحور فيلادلفيا وأخيرا بالتلويح بضرب رفح، وكلها نتاج ما تورطت فيه إسرائيل من عمليات لا تستطيع العودة منها بسهولة، لأن تعرضها لهزيمة يعني تآكل أدوات الردع الغربية”

 

وأضاف بخيت في تصريحات لـ”العرب” أن ما تقوم به إسرائيل يضع معاهدة السلام مع مصر على المحك، ما يغير المعادلة الراهنة، وهذا ما يتمناه نتنياهو ليقوم بخروقات أخرى، “ومصر لن تعطيه الفرصة وستتعامل بحسم، وسيناريوهات الجنون الإسرائيلي لها حسابات، وتعليق المعاهدة إشارة خطيرة من القاهرة حيال تل أبيب”.

 

وأكد بخيت إذا كانت إسرائيل تحملت حربا مع حركة مقاومة بصعوبة، فلن تستطيع تحمّل حرب نظامية، وانتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة لن تُمكّن حكومة نتنياهو من الحصول على الدعم المطلق مجددا من جانب واشنطن.

 

ومن المنتظر أن ترسل إسرائيل وفدا إلى القاهرة الثلاثاء لإجراء محادثات مع مصر وقطر والولايات المتحدة للتباحث مجددا بشأن صفقة الأسرى بعد أيام قليلة من زيارة وفد تابع لحماس.

 

وأشار موقع “واللا” العبري إلى أن الوفد الذي يزور القاهرة سيتشكل من رئيس الموساد دافيد برنياع، ورئيس الشاباك رنين بار، واللواء في الجيش نيتسان ألون.

 

ويشارك في محادثات القاهرة رئيس وكالة المخابرات الأميركية وليام بيرنز، ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل، ورئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.

 

ويعتمد نجاح المحادثات على قدرة مصر وقطر في إقناع حماس بالتراجع عن المطالب الكبيرة التي قدمتها في ملف إطلاق سراح الأسرى والمحتجزين لديها في غزة، والموافقة على مفاوضات على أساس خطة باريس الأخيرة.

 

وعُقد اجتماع باريس في الثامن والعشرين من يناير الماضي بمشاركة إسرائيل والولايات المتحدة ومصر وقطر لبحث صفقة تبادل أسرى ووقف الحرب في غزة.

 

وذكر رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط بالقاهرة طارق فهمي أن تلويح مصر بتجميد اتفاقية السلام مع إسرائيل رسالة ردع، أثارت قلقا لدى دوائر سياسية وأمنية في تل أبيب، حيث أصبح الإسرائيليون يتعاملون من منظور أن مصر وصلت إلى مرحلة لم تعد قادرة على المزيد من الصبر الإستراتيجي.


الحجر الصحفي في زمن الحوثي