أعادت المعلومات الأولية لتحقيقات شرطة الاحتلال الإسرائيلي إلى الواجهة احتمال مقتل مئات الإسرائيليين بنيران جيش الاحتلال خلال معركة "طوفان الأقصى" في السابع من الشهر الماضي.
وأظهرت المعلومات ذاتها أن مقاتلة لسلاح الجو الإسرائيلي أطلقت النار على المشاركين في مهرجان الموسيقى "نوفا" بمستوطنة "ريعيم" في "غلاف غزة"، سعيا منها لقتل المسلحين من فصائل المقاومة الفلسطينية الذين وصلوا للمكان.
وبحسب ما نقل الموقع الإلكتروني لصحيفة "هآرتس" عن ضابط كبير في الشرطة، فإن التحقيقات الأولية كشفت أن مقاتلة تابعة لجيش الاحتلال وصلت إلى مكان الحفل قادمة من قاعدة "رمات دافيد" قرب حيفا، وأطلقت النار على المسلحين، وعلى ما يبدو أصابت أيضا العديد من المحتفلين الذين كانوا بالمكان.
بدورها، أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأن الشرطة تلقت 24 ألف مكالمة صباح يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وجميعها تستغيث من أجل المساعدة والإنقاذ من الهجوم المفاجئ لمقاتلي كتائب القسام الذين تسللوا إلى إسرائيل بشكل جماعي.
وأشارت الشرطة إلى أنها عند 6:22 صباحا أطلقت صفارات الإنذار في محيط الحفل، واستدعت تعزيزات من مختلف وحدات الشرطة، وفرقت المحتفلين، حيث تم التبليغ عن استهداف مكان الحفل بالرصاص والصواريخ.
وانتهت الاشتباكات في مكان الحفل الموسيقي -بحسب تحقيق الشرطة- عند الساعة 3:30 عصرا بالقضاء على كافة المسلحين، دون توضيح ما إذا قتل العديد من المحتفلين برصاص الشرطة.
وكشف التحقيق العملياتي للشرطة أن الحفل الموسيقي شارك فيه 4400 شخص، قتل منهم نحو 364 خلال الاشتباكات بين مقاتلي القسام وقوات الشرطة الإسرائيلية، واختطاف 40 شخصا، وكذلك مقتل 15 شرطيا في الاشتباكات، في حين تم اعتقال 4 من المسلحين.
تمويه حماس
وتناول تقرير نشره الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" للمراسل العسكري يوآف زيتون يوم 15 أكتوبر/تشرين الأول الماضي ما وصفه بـ"خداع حماس مروحيات الجيش الإسرائيلي"، في إشارة إلى إمكانية ضلوع مقاتلات من سلاح الجو الإسرائيلي في قتل العديد من المشاركين في الحفل الموسيقي.
وأوضح المراسل العسكري أن ضبابية المعركة رافقت ليس فقط المقاتلين على الأرض، بل أيضا الفرق الجوية التي انطلقت من سماء النقب الغربي في الساعات الأولى من أحداث "السبت الأسود"، وفق وصفه.
وأوضح أن الفوج الأول من المقاتلات وصل إلى "فرقة غزة" حوالي الساعة 7:30، أي بعد حوالي ساعة أو أكثر من بدء الأحداث، من قاعدة "رمات دافيد" في الشمال، بحسب تحقيق سلاح الجو.
يأتي ذلك، على الرغم من أن الأسراب الأساسية لمروحيات الأباتشي توجد في معسكر "رامون" في النقب الغربي، وهو الأقرب إلى قطاع غزة. وسرعان ما أدرك الضباط في رامون أن شيئا غير عادي كان يتطور فأطلقوا مع قائد السرب 190 المقدم (أ) مروحية قتالية وصلت إلى الغلاف الساعة 8:32 صباحا.
وبعد أن أدرك الطيارون أن هناك صعوبة كبيرة في التمييز داخل المستوطنات والقواعد العسكرية بين الفلسطيني والإسرائيلي، يقول المراسل العسكري "تم اتخاذ قرار بأن المهمة الأولى للمروحيات القتالية وطائرات "زيك" المسلحة من دون طيار، هي إيقاف العمليات المسلحة واختراق السياج الأمني".
تكثيف إطلاق النار
وأطلقت 28 مروحية قتالية النار على مدار يوم واحد، ونفدت ذخيرتها وصواريخها، وكانت تعود لقاعدة سلاح الجو في النقب الغربي من أجل التسلح مجددا بمئات من قذائف المدفع عيار 30 ملم، وكذلك صواريخ "هيلفاير".
وكان معدل إطلاق النار على آلاف المسلحين هائلا ومكثفا في البداية، وفقط عند نقطة معينة بدأ الطيارون في إبطاء الهجمات واختيار الأهداف بعناية، وفقا لما ورد في تحقيق سلاح الجو.
وقال المراسل العسكري زيتون إن "حماس جعلت الأمر صعبا عمدا على طياري المروحيات ومشغلي الطائرات من دون طيار، حيث طلبت من القوات المقتحمة لمنطقة الغلاف أن تتقدم ببطء إلى المستوطنات والقواعد العسكرية أو داخلها، وعدم الهروب تحت أي ظرف من الظروف من أجل جعل الطيارين يعتقدون أنهم إسرائيليون".
ونجح هذا الخداع لفترة طويلة، حتى أدرك طيارو أباتشي أنه يتعين عليهم تخطي جميع القيود، وحوالي الساعة التاسعة صباحا -بحسب المراسل العسكري- بدأ بعضهم في إطلاق النار من الجو بشكل مكثف بالمدافع من تلقاء أنفسهم دون إذن من رؤسائهم.
ويعزز هذا التصرف الاحتمالات والتقديرات لوسائل إعلام إسرائيلية بأن العديد من الإسرائيليين قتلوا بنيران الجيش وقوات الأمن وسلاح الجو خلال محاولة القضاء والاشتباك مع مقاتلي كتائب القسام.
إطلاق النار على المناطق المفتوحة
التطورات والأحداث ذاتها استعرضها المراسل العسكري للموقع الإلكتروني "والا" أمير بوحبوط لصباح يوم عملية "طوفان الأقصى"، حيث انطلقت مروحيتان قتاليتان من طراز "شرف" لأول مرة من قاعدة جوية في حيفا، ووصلتا إلى منطقة قطاع غزة قبل الساعة الثامنة صباحا.
وبعد حوالي نصف ساعة، انطلقت مروحية ثالثة من قاعدة "رامون" ووصلت إلى مكان الحادث ومعها قائد السرب 190 "سرب اللمسة السحرية" المقدم (أ)، الذي أمر بإطلاق النار على المناطق المفتوحة لردع المقتحمين من مقاتلي القسام، والسماح لمروحية أخرى بإنزال المقاتلين بالقرب من مستوطنة "باري".
وأبلغ الملاح أنه شاهد برفقة قائده (أ) على مسافة بعيدة حشدا فلسطينيا قادما من المناطق المأهولة في غزة للسياج الحدودي، على غرار الاحتجاجات والاضطرابات العنيفة التي حدثت خلال الأشهر الماضية ومسيرات العودة، عندها قرر إطلاق صاروخين وقذائف من مدفع للردع فقط، وليس للقتل.
وعند توجه المروحية إلى مستوطنة "ناحال عوز"، شاهد الاثنان الفجوات الهائلة التي انفتحت في السياج الحدودي، والحشد الفلسطيني الذي توجه إلى منطقة "غلاف غزة"، عندها بدأ القصف وإطلاق النار من الجو باتجاه حشود من المسلحين، حيث استمر قائد السرب 190 بالقصف والتسلح بالذخيرة وتنفيذ غارات فوق الغلاف وعند السياج الحدودي حتى الساعة الثانية والنصف بعد الظهر من اليوم الأول من "طوفان الأقصى".