أعاد المتحدث باسم كتائب عز الدين القسام، المُكنّى "أبو عبيدة" الجناح العسكري لحركة حماس في حديثه الأخير، حديث الشيخ الراحل أحمد ياسين، عندما قال: "زمن انكسار الصهيونية قد بدأ.. ولعنة العقد الثامن ستحل عليه" في جيش الاحتلال الإسرائيلي جراء عدوانه الغاشم على قطاع غزة.
وهو الأمر الذي أثار تساؤلًا بين الكثير من العرب: ما هذه اللعنة؟ ولماذا تثير القلق لدى الإسرائيليين، لا سيما أن “أبو عبيدة” لم يكن أول من حذر الاحتلال منها.
سبقه في ذلك رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، إيهود باراك، الذي خرج في عام 2022 ليبدي مخاوفه من قرب زوال إسرائيل قبيل حلول الذكرى الـ80 لتأسيسها، مستشهدًا بالتاريخ اليهودي.
وفي ذلك العام كتب باراك مقالًا بصحيفة يديعوت أحرونوت، أعرب فيه عن مخاوفه من "لعنة العقد الثامن".
ما هي "لعنة العقد الثامن"؟
وفقًا للتاريخ اليهودي، فقد كانت لليهود مملكة يعيشون فيها فترتين زمنيتين، وكلتاهما لم تستمر لأكثر من 80 عامًا، وانتهت كل منهما إلى زوال.
المملكة الأولى قامت على أيدي أول ملوكهم شاؤول، ومن بعده الملك داوود (لم يكن نبيًّا لليهود) فتعاظمت وضم تحته كل القبائل (الأسباط)، ومن بعده ابنه النبي سليمان الذي انقسمت من بعده، في العقد الثامن، لمملكة شمالية (يسرائيل) وأخرى جنوبية (يهوذا)، وانتهت الشمالية في ما عرف بـ"السبي الآشوري" ويهوذا بـ"السبي البابلي".
والحقبة الثانية هي عهد الحشمونيين (الحشمونائيم)ن وهي السلاسة التي حكمت مملكة يهوذا، والتي عانت من صراعات في هذا العقد وانتهت بغزو روماني.
وهي الفترات الواردة في العهد القديم، والتي يتذرع بها اليوم في الحديث عن الحق في إقامة وطن قومي لهم في هذا المكان، لكنها استمرت تقريبًا 8 عقود، وفي نفس الحقبة تقريبًا من عمر كل مملكة انتهت إلى زوال.
وقال باراك في مقاله "على طول الطريق لم يتمتع شعب إسرائيل بالسيادة الكاملة على أرضه إلا في فترتين قصيرتين. حكم بيت داوود ومملكة الحشمونائيم"، محذرًا من الاستخفاف بهذا الأمر.
واعتبر رئيس الوزراء الأسبق أن الصهيونية كانت المحاولة الثالثة في التاريخ لإقامة وطن لليهود، ولكن مع اقتراب تلك الدولة من العقد الثامن باتت تغرق في الكراهية غير المبررة والصراعات الداخلية، وهي الأمور التي حذر منها التلمود (الكتاب الأقدس لدى اليهود).
باراك ليس الأول داخل هذا الكيان الذي يحذر من تلك اللعنة، سبقه العديد في هذا الأمر، ففي عام 2020 عبر الباحثان مائير بن شاحر وعوزي ديان، عبر مقال في صحيفة هآرتس، عن قلقهما من دخول إسرائيل للعقد الثامن، مؤكدين أن هذا الأمر مقلق، وترتفع فيها مستوى المخاطرة، ما يستوجب الحذر.
وحذرا في مقالهما من "التفكك العنيف"، مشيرين إلى أن العقد الثامن محفوف بالمخاطر في تاريخ العديد من الدول وليس إسرائيل وحدها، حيث انهار الاتحاد السوفييتي بعد 70 عامًا من قيامه، كما اندلعت الحرب الأهلية الأميركية بعد 85 عامًا من الهجرة إليها والاستيطان بها، وغيرها من الأمثلة.
وقبل أشهر قليلة، في مايو/ آيار الماضي، حذرت الباحثة عينات شوشان رفائيلي، من "متلازمة العقد الثامن"، خاصة مع "تسوماني" يضرب دولة إسرائيل في ظل احتجاجات مستمرة ضد تعديلات قانون السلطة القضائية التي أقرها رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو.
وحذرت، في مقال بموقع زمان العبري، من انهيار الدولة إثر صراعات داخلية كما حدث في مملكتي يهوذا والحشمونائيم.
ويبدو أن تلك اللعنة تؤرق الإسرائيليين، خاصة مع اقتراب نهايتها، حيث احتفل الاحتلال قبل عدة أشهر بالعيد الـ75 لتأسيس كيانه على الأراضي الفلسطينية، لكن الأزمة السياسية التي خلقها الائتلاف الحكومي، برئاسة نتنياهو ووزراء من غلاة المستوطنين المتطرفين أمثال إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريش، تجعل من تلك اللعنة التاريخية كابوسًا يؤرق مضاجعهم.
وفي القرآن الكريم، جاء في سورة الإسراء: "وَقَضَيْنَا إِلَىَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنّ فِي الأرْضِ مَرّتَيْنِ وَلَتَعْلُنّ عُلُوّاً كَبِيراً فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مّفْعُولاً ثُمّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخرة لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوّلَ مَرّةٍ وَلِيُتَبّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً عَسَىَ رَبّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً".
صدق الله العظيم