كشف تقرير حقوقي، عن جرائم النهب والتجويع الممنهج الذي قامت به ميليشيا الحوثي لسكان العاصمة صنعاء، منذ مطلع العام الجاري 2023.
وأوضح التقرير الذي أصدره مركز العاصمة الإعلامي، تحت عنوان "إفقار صنعاء.. جرائم النهب و"التجويع"، جرائم النهب الحوثي على مدى نصف عام، مؤكدا أن المواطنين في صنعاء يتعرضون أكثر من غيرهم لسياسة تجويع تمارسها ميليشيا الحوثي عليهم.
واستعرض التقرير الاجراءات الحوثية العقابية التي طالت جميع القطاعات التجارية، التي لا شك أنها تنعكس على حياة الناس، وعيشهم، من خلال الاستهداف الممنهج على القطاع الخاص وفرض الجرع غير المعلنة، والتي التي زادت من وطأة الأزمة الاقتصادية، إضافة إلى جرائم النهب والسلب التي واصلها الحوثيون بوتيرة أعلى خلال فترة التقرير.
ورصد التقرير الإجراءات الحوثية بحق القطاع الخاص، التي شملت الجبايات والجرع وزيادة نسبة الجمارك المستحدثة والمتعددة، رصد عمليات النهب والسلب المنظمة، التي طالت أموال وممتلكات المواطنين، من تجار ومشائخ وشركات تجارية ومواطنين عادين، ناهيك عن جرائم السيطرة والاستحواذ التي تطال أراضي الدولة، والتي كلها تصب في جرائم التجويع الحوثية بحق أبناء العاصمة صنعاء.
ويبين التقرير وفقاً للوقائع التي رصدها خلفيات النهب الحوثي للممتلكات أو حتى نهب الإغاثات والمساعدات، وفرض الجبايات بأنها لأسباب سياسية أو الممارسات الطائفية والسلالية وأحياناً المناطقية من أجل تنفيذ مخطط حوثي للسيطرة على أكبر قدر من الأراضي والممتلكات في العاصمة صنعاء، ومحيطها من المديريات التي باتت تعرف (إعلامياً) بمديريات طوق صنعاء، وصولاً إلى أن عدداً من عمليات النهب تأتي ضمن التنافس داخل أجنحة الميليشيا الحوثية كما أنها جيرت أجهزة الدولة لذلك النهب خصوصاً القضاء.
كما بيّن التقرير أن ميليشيا الحوثي خلال هذه الفترة عمدت إلى استباحة كل شيء في العاصمة صنعاء، ووصلت إلى أنها تعدّ الأراضي والعقارات وسائر الممتلكات ملك لها، أو أن الأحقية لها في السيطرة على كل ما يقع عليه يدها، مستندة إلى التزوير في الوثائق أو الخطاب الديني، الذي بدوره يزور التاريخ والادعاء بملكية الأسر الهاشمية للأراضي هنا أو هناك، وهو ما رافق الحملات الحوثية المستمرة للاستحواذ على مساحات كبيرة من الأرض في مديرية بني مطر على سبيل المثال.
ووفقاً لوقائع الرصد فقد توصل التقرير إلى أن الميليشيا الحوثية ذاتها أخرجت عمليات النهب التي يمارسها عدد كبير من قياداتها إلى العلن، من خلال الإعلام، في تأكيد على أنها تريد "تجيير" القوانين اليمنية، لصالح استحواذها، أو في تعبير آخر فرض الاستباحة للأموال والممتلكات والأراضي بصورة شاملة، بعد أن كانت تحرص على الاستيلاء على ممتلكات المعارضين السياسيين أو العسكرية، والمؤسسات التي تتبع كيانات معينة، إلا أنها الآن باتت تسيطر وتنهب أراضي الدولة والأوقاف والمواطنين من كل الفئات حتى أولئك الذين لا موقف سياسي لهم خلال فترة الحرب.
وحسب التقرير فأن الميليشيا الحوثية من خلال عمليات النهب الأخيرة، تريد تثبيت نفسها وقياداتها بأنها "فوق" الجميع بما فيه القانون الذي تدعي الانقياد، له إلا أن أغلب القضايا المنشورة تشير إلى أن المليشيا تنشر غسيل البعض ممن تعامل معها سابقاً كونها تخاف من أي تهديد مستقبلي قد يشكله لها، كما أن أغلب تلك القضايا تخص أراضي الدولة والأوقاف التي ترى بأنها من ملكيتها ولا يحق لأحد منازعتها عليها.
وأشار التقرير في جزئية أخرى بأن الإفقار الحوثي للمواطنين، يأتي في حين أن مشرفي وقيادات الجماعة يزدادون ثراء، بعد أن أصبحت لهم الأولوية في التجارة وشراء العقارات والأراضي، وصولاً إلى نهب أراضي مؤسسات حكومية والاستحداث فيها، بالإضافة إلى فرض الجبايات الطائلة والحرض على استمرار الأسواق السوداء التي لم تعد منحصرة بالمشتقات النفطية بل وصلت إلى الأدوية والكتاب المدرسي.
وشهدت فترة التقرير، 1594 واقعة نهب وتعد للأملاك والعقارات، مع الإشارة إلى أن من الأملاك التي رصدها التقرير هي المندرجة ضمن المحلات والمشاريع الصغيرة في كل النشاطات سواء بيع المواد الغذائية أو حتى البوافي والأفران والمطاعم، والتي تضاف إلى عمليات التضييق التي تعرض لها القطاع الصناعي والتجاري.
كما شهدت الفترة ذاتها زيادات سعرية، وهي جرع غير معلنة، وصلت إلى خمس وفقاً لتأكيدات من مصادر في الغرفة التجارية، تمثلت بزيادات في المنافذ الجمركية الحوثية، كما أن الزيادات التي عمت قطاعات الاتصالات والمياه والكهرباء، خلال هذه الفترة فقد سجلت لثلاث مرات بنسب متفاوتة.
وتأتي في طليعة جرائم التجويع التي ارتكبتها المليشيا نهب الإغاثات ومنع تجار من توزيعها ووصلت تلك الوقائع إلى 37 واقعة نهب ومنع، بذريعة أن جمعيات تابعة لها هي من ستتولى مهمة التوزيع.
وتضمنت عمليات النهب للأراضي، أو تم الكشف عنه خلال فترة التقرير ما يزيد عن 250 ألف لبنة في صنعاء، وقد وثق التقرير 22 إعلاناً عن عمليات النهب من هذا النوع، بينما وصلت عمليات النهب للعقارات إلى 20 عملية نهب، تمت بعضها بأحكام قضائية أو بما يعرف بالحارس القضائي، بالإضافة إلى نزولات ميدانية وفرض جبايات على ملاك عمارات والتي وصلت إلى 11 حملة.
ورصد التقرير أن المليشيا فرضت جبايات تحت مسميات متعددة بعضها طالت المواطن العادي أو أضيفت إلى أسعار أسطوانات الغاز بأنها وصلت إلى 12 عملية فرض لجباية.
وشهدت الفترة 32 حملة عسكرية مدججة بأنواع الأسلحة والتي طالت مناطق في مديريات بني الحارث وبني مطر وبني حشيش، وحملات أخرى في همدان نتج عن الحملات الاستحواذ على أراضي شاسعة، بالإضافة إلى الاستحواذ على 10 مواقع لإنتاج النيس و3 كسارات وملحقات تابعة لها.
وتوصل فريق الرصد إلى تعرض 212 مخبزاً ومطعماً، إلى الإغلاق والاقتحامات خلال فترة التقرير، كما أن بعض المطاعم والمخابز والأفران، تم إغلاقها أكثر مرة في حين تعرض أكثر من 222 محلاً من ذات النشاطات المتنوعة للإغلاق وسجن ملاكها أو من العاملين فيها.
كما أصدرت الميليشيا أحكاماً قضائية ضد تجار وشركات ومؤسسات تجارية، لعل أبرز تلك الأحكام التي الحكم الذي أصدرته محكمة حوثية على شركة قصر السلطانة، لمالكتها بلقيس الحداد، والتي حكمت بمصادرة أموال الشركة وسجن الحداد لعشر سنوات، يضاف إلى أن الميليشيا أحالت ما يزيد عن 80 بلاغاً ضد تجار ومحال تابعة لهم إلى النيابة الخاضعة لسيطرتها تمهيدا لإصدار قرارات بإغلاقها.
أما عن الجرائم الاعتداءات والاقتحامات التي طالت القطاع المصرفي وصلت إلى 79 جريمة بحق منشآت صرافة، حيث قتل في جريمتين منها اثنان من ملاك الصرافات، بينما تم إغلاق ما يقارب من 20 منشاة صرافة.
ووصل النهب الحوثي بحسب التقرير إلى مصادر أصول ونهب إيرادات حيث وثق عملية النهب والمصادرة التي طالت شركة "كمران" للصناعة والاستثمار، ومصنع إسمنت عمران، حيث هما من أهم المنشآت الإيرادية التي سعت الميليشيا الحوثية إلى استهدافهما والسيطرة على قرار إدارتهما من خلال تعيين قيادات موالية لهم وتوجيه إيراداتهما لخدمة مشروعها الطائفي.
في ذات السياق تعرض القطاع الصناعي والتجاري إلى استهداف حوثي ممنهج خلال العام الجاري، فقد تعرضت شركات ومصانع كبيرة لقرارات تعسفية وصلت إلى الإغلاق، ومن تلك الشركات شركة «ناد فود» التابعة لمجموعة هائل سعيد أنعم، وشركة أروى لإنتاج المياه "شملان" علماً أن المضايقات ووقائع الإغلاق تعرضت لها 19 شركة إنتاج واستيراد للمواد الغذائية خلال هذه العام.
إلى ذلك شهدت الفترة من يناير حتى أغسطس، 11 حادثة من حوادث احتجاز للناقلات مداخل العاصمة، سواء تلك التي تحمل مادة الغاز المنزلي أو المواد الغذائية، والتي رافقت عمليات احتجاز في نقاط الجمارك التي استحدثتها في محافظات أخرى، كما شهدت فرض قوائم سعرية لخمس مرات.
في سياق آخر، شهدت أسواق العاصمة صنعاء، 19 حادثاً تعد ضمن الفوضى الأمنية والتي تتسبب بها العصابات المسلحة التابعة للميليشيا والتي تنتج اشتباكات سقط إثرها قتلى وجرحى، علماً ان الاشتباكات في الأسواق تأتي إما بسبب فرض جبايات زائدة أو فرض عقال ومشرفين على تلك الأسواق.
ووفقاً للتقرير فقد تم رصد 12 اعتداء على منشآت طبية، تنوعت الاعتداءات فيها بين الإغلاق والمصادرة أو فرض إدارات جديدة تتبع الميليشيا الحوثية، بينما نفذت المليشيا 20 حملة على محلات بيع الملابس منها 15 حملة تخص محلات بيع الملابس النسائية.
وكما شهد هذا العام عملية اقتحام الغرفة التجارية، في صنعاء، وإجراء عملية تغيير لقيادتها، شهد أكثر من 22 عملية مصادرة لبضائع وإغلاق مخازن تابعة لمحلات تجارية كبيرة بالإضافة إلى أن شهر رمضان الفائت شهد لوحده إغلاق أكثر من 600 محل تحت حجة الزكاة ودفع جبايات أخرى.