الرئيسية > محليات > من بينها السرطان.. أخطار كثيرة يتسبب بها المزارعون في اليمن (تفاصيل)

من بينها السرطان.. أخطار كثيرة يتسبب بها المزارعون في اليمن (تفاصيل)

" class="main-news-image img

 

يستعجل مزارعو عدد من محاصيل الفاكهة في اليمن بقطف ثمراتها في غير موعد حصادها المناسب، معتمدين على استخدام مواد كيميائية لتسريع إنضاجها، تسمى علمياً بـ"كربيد الكالسيوم"، وشعبياً بـ "الكربون".

وتعد طريقة تسريع الإنضاج هذه غير آمنة صحياً؛ كونها تسبب جملة من المخاطر، سواءً للمستهلكين، أو خفض مستوى جودة محصول الفاكهة نفسه، حيث يستخدم المزارعون تلك المادة الكربونية بصورة دائمة، وتحديداً مع بداية موسم عدد من الفواكه، مثل: المانجو، والبرتقال، والجوافة، والليمون، وكذلك جزء من محصول فاكهة الموز.

- قبل الأوان

لم تكن ثمرات تلك الفواكه قد وصلت إلى مرحلة اكتمال حجم نموها الطبيعي؛ كون عملية حصادها تمت قبل الوقت المحدد إلى مستوى نضجها، وهو الأمر الذي يحتم على المزارعين اللجوء لاستخدام كربيد الكالسيوم، بعد وضع المحصول بأماكن مظلمة، فيما مادة تسريع الإنضاج ليتم عرض الفاكهة للبيع في الأسواق قبل أوانِها، توضع بطريقتين مختلفتين.

المزارع "عبد الله الشنة" يوضح لموقع "بلقيس": "نجني المحصول قبل موعد نضجه بأسبوعين أو ثلاثة، ونخزّنه في غرف مظلمة لا يصلها الضوء، معنا طريقتان لإنضاجه بالكربون، الأولى نضع كميات منه داخل كراتين، ثم نوزعها في أركان الغرفة، والأخرى نرص المحصول في صناديق فوق بعض، ونضع الكربون داخل أكياس مُحكمة، ونفرّقها فيما بين تلك الرصات".

يضاعف "كربيد الكالسيوم" من درجة حرارة الجو داخل تلك المخازن المظلمة بشكل كبير، مما يؤدي إلى تسرع عملية النضج، خلال وقت قياسي لا يتعدى بضعة أيام على أقل تقدير. تعد فاكهة المانجو من أكثر المحاصيل الزراعية في اليمن التي تعتمد على الكربون في عملية تسريع إنضاجها بصورة شاملة وأساسية. "سالم الأسدي" -متعهد تسويق منتجات زراعية في سوق ذهبان المركزي بصنعاء- قال لموقع "بلقيس": "كل أنواع المانجو في بلادنا تنضج بالكربون، من كل المحافظات التي فيها زراعة المانجو، كذلك البرتقال وعنب الفلفل نفس الخبر، لأن المحصول كله ينضج سريع، وما يفسد شيء على المزارعين".

- آلية التبخير

تقلصت عملية إنضاج كميات كبيرة من محصول فاكهة الموز بمادة الكربون بشكلٍ واسع، بعد أن أصبحت عملية التسريع تتم بواسطة آلية التبخير، داخل ثلاجات تبريد مركزية عملاقة، اعتبرت من أكثر الوسائل فاعلية في تسريع إنضاج الموز. يقول "حامد نشطان" -مسؤول ثلاجة فواكه مركزية في صنعاء- لموقع "بلقيس": "الموز كله في السوق بدون كربون، لأن آلية التبخير سريعة، وتركت المزارع يستغني عن استخدام المواد المكربنة، مع وجود ثلاجات التبريد الضخمة في الأسواق".

 

وأضاف: "عملية التبخير تعمل على تسريع إنضاج الموز بشكل صحي وسريع، نضع الموز داخل كراتين في أكياس كبيرة، ونحكم إغلاقها تماماً، ترص في ثلاجة التبريد، ويشرف عليها خبير متخصص، يضبط درجة تبريدها العالية بشكل دقيق حتى تنضج".

وآلية التبخير ما زالت محدودة الانتشار في بعض مناطق البلاد النائية، إذ لم يستغنِ المزارعون عن "كربيد الكالسيوم" في تسريع إنضاج الموز؛ وفقاً للأسدي في معرض حديثه لموقع "بلقيس". وتعتبر اليمن من البلدان، التي تشتهر بزراعة فاكهة الموز على مدار العام، إذ يغطي الإنتاج احتياجات السوق المحلية بصورة دائمة، إضافةً إلى تصدير جزء من المحصول إلى بعض الدول المجاورة، بالرغم من عدم وجود عملية التسويق اللازمة لجودة الموز اليمني، وقيمته الغذائية، ولذة مذاقه.

- أضرار مختلفة

بينما يختصر "كربيد الكالسيوم" الوقت المحدد لنضج الفواكه بشكلٍ طبيعي، من خلال تأثيره الفعال في رفع درجة حرارة أماكن تخزين الفواكه بشكلٍ كبير، لكن خطورة استخدامه في المحاصيل تفوق فائدتها، خصوصاً من جانب الأضرار المختلفة التي تلوث الغذاء الطبيعي للمستهلكين.

تؤكد خبيرة التغذية "أفراح علوان" -في حديثها لموقع "بلقيس"- بالقول: "خطر غذائي قائم من الفواكه، التي يتم إنضاجها بكربيد الكالسيوم، آثارها ضارة على صحة المستهلك، من أعراضها التسمم الغذائي الحاد، إسهال وتقيؤ، دوخة وصداع؛ لأنها تحتوي على غاز الإيثلين لإنضاج الفواكه، كذلك تعتبر مادة مسرطنة".

 

ونتيجة لإفراط المزارعين في استخدام سموم قاتلة مجهولة المصادر، والمواد التي تساعد بعملية تسريع إنضاج المحاصيل، سواءً كانت خضروات أو فواكه، فإن معدل الإصابة بأورام سرطانية تضاعف في أوساط السكان المحليين بصورة مفزعة، في ظل عدم إدراك وغياب الوعي عند عموم العاملين في قطاع الزراعة باليمن. يقول المهندس الزراعي علي هائل لموقع "بلقيس": "استخدام المزارع مادة الكربون له ضرر كبير على المحصول، يفقده قيمته الغذائية، مذاقه يتغير وجودته تقل".

- توصيات للجانب الرسمي

في ظل غياب الوعي الإرشادي الزراعي، ما زالت الوسائل التقليدية تهيمن على سير عملية الإنتاج الزراعي بشكلٍ لافت، حيث ينعدم التشجيع والاهتمام الرسمي بالجانب الزراعي، الأمر الذي دفع العاملين في هذا القطاع الهام والحيوي إلى البحث عن وسائل غير مشروعة للكسب، تعينهم على غلاء أسعار الوقود وأزمات العيش، وتعِّوضهم عناء الكد والتعب.

يؤكد عدد من المزارعين القادمين من محافظات مختلفة؛ لبيع محاصيلهم في سوق ذهبان المركزي بصنعاء، بقولهم لموقع "بلقيس": "بعض المحاصيل -مثل المانجو- لازم ننضجها بالكربون؛ لأنه ما في معنا وسيلة غيره، لو تركناها فوق الشجر، أكثر من نصف الغلة يفسد، علينا التزامات لأصحاب الديزل وغيرهم، ندور نعيش".

ومن أجل إنتاج محاصيل زراعية آمنة صحياً وغذائياً تتحمل الجهات الرسمية المسؤولية الكاملة لتطوير عملية تسريع الإنضاج بالوسائل الآمنة وغير الخطرة، كما ينبغي عليها رعاية وتشجيع العاملين في القطاع الزراعي، من خلال تذليل كل الصعوبات والمعوِّقات كالأزمات، وارتفاع أسعار المشتقات النفطية، إضافة إلى خفض سقف الضرائب، الذي من شأنه دعم انتعاش هذا القطاع دون عراقيل، إذ سيصبح رافداً أساسياً للمزارع والدولة على حد سواء.


الحجر الصحفي في زمن الحوثي