الرئيسية > تقارير وحوارات > مع اليوم العالمي للتعليم .. أطفال اليمن خارج أسوار المدارس

مع اليوم العالمي للتعليم .. أطفال اليمن خارج أسوار المدارس

" class="main-news-image img

يحتفل العالم اليوم باليوم العالمي للتعليم، فيا ترى كيف ستحتفل اليمن بهذا اليوم؟ فتعالوا لنتعرف على التعليم في اليمن، وكوادره الأكثر جانب تضررًا من هذه الحرب، فالمعلمين انقطعت رواتبهم مع انطلاق أول شرارة حرب، وينتظرون الأقساط التي تجود بها الحكومات عليهم كل ستة أو ثلاثة أشهر على الأقل، الأمر هذا جعل كثير من المُعلمين يقنطون منازلهم، ويمتنعوا عن أداء مهمتهم التعليمية، بسبب الوضع الاقتصادي ورعاية الأسرة يتطلب منك البحث عن مهن بديلة تُكسبك المال؛ لتستطيع أن تعول أسرتك وتسدد التزاماتك.

فبحسب اليونيسف فإن أكثر من ثلثي المعلمين أي ما يُقارب 172,0000 معلم ومعلمة لم يحصلوا على رواتبهم بشكل منتظم منذ عام 2016، هذا ودُمّرت 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل 4 مدارس) أو تضررت جزئيًا أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية.

خطورة تطييفالمناهج الدراسية

 

وتمددت جماعة الحوثي في مد هيمنتها وسيطرتها حتى على المناهج الدراسة، فبعبثية ولا مسؤولية وجهل قامت بتغيير المناهج، وإدخال الطائفية والعنصرية بين الطلاب، كوسيلة لكسبهم بصفها، اعترض كثير من أولياء الأمور على هذه الخطوة دون جدوى، ولجأ آخرون لإبقاء أبناءهم في المنازل حفاظًا عليهم من هذه التعبئة.

الطفل براء سالم (8 سنوات) من محافظة عدن يدرس في إحدى مدارس صنعاء، انتهى به المطاف لمحاولة الانتحار من سقف المنزل بعد تعرضه لتنمر طائفي وتحريض من قبل أحد معلميه، ففي حصة التربية الإسلامية كان المدرس يشرح وشبه الدواعش بالكفار، وحينما سأله أحد الطلاب أسهب المعلم بالشرح، وبأن الدواعش هم في عدن وتعز، وبعد الحصة أصبح الأطفال ينادوا صديقهم" يا داعشي يا ابن الدواعش".

يقول سالم" طفلي انهار باكيًا من التنمر الذي تعرض له من زملائه بسبب صديقه الذي أساء له، ومن بعدها الجميع يناديه ب "الداعشي" فرفض الذهاب للمدرسة مُجددًا، وعندما ذهبنا لنقدم شكوى لإدارة المدرسة لم نجد أي تجاوب وتعاملوا مع الموضوع باستخفاف وكأن شيء لم يكن.

وتقول معلمة في إحدى المدارس في صنعاء وطلبت عدم ذكر اسمها أن عملية تغيير المناهج لا يشعر بها الطالب بقدر ولي الأمر، خاصة أن الطلاب من مذاهب مختلفة، فالأطفال يكتسبوا كل هذه المعتقدات الطائفية منها، فتقول على المستوى الشخصي جاء بيوم ابني يقول لي " أنتِ تعلمينا غلط".

وتضيف "بخلاف المناسبات الكثيرة التي لا تنتهي مثل: يوم الشهيد يوم الصمود وفاطمة الزهراء وإلخ، فالطالب يتأثر وبعض أولياء الأمور يعترضوا على هذه التعبئة الطائفية، بالمنهج وبمرة جاءنا ولي أمر ولي يعترض كون الصرخة في الطابور الصباحي وطلب استثناء ولده من الطابور وبعد خلاف مع الإدارة أخرج ابنه من المدرسة".

ومن جهتها تحاول (ريم ) وهي معلمة لغة عربية ألا تتعمق في الشرح للطلاب عن هذه المعتقدات إلا أن الحصص المكتبية حسب قولها تأتي موجهة للطفل، وهي حصة أسبوعية فيلم موجه للأطفال عن الإمام علي وفاطمة الزهراء وغيرهم.

الحرب والمشاعر العدائية للطفل

عبد الله محمد الأمير أخصائي ومعالج نفسي يرى أن هذه الصدمات تؤثر على الطفل دراسيًا وسلوكيًا ، حيث يبدأ يتفاعل مع الحرب نفسيًا ومع الواقع ضد الطرف الآخر، الذي يعتدي على مطقته أو بلده فيكون مشاعر عدائية وهجومية مبكرة توقف حركة حياته الدراسية ويبدأ يفكر في كيفية الانتقام".

ويُشير الأمير إلى أن السلوك العدائي وتعبئة الطفل سلبيًا ضد طرف معين يبدأ ينقله للتفكير بالالتحاق بالجبهات للانتقام من قاتل أسرته أو أبيه، فيعيش مرحلة أكبر منه ويفكر بأشياء تسبق أوانها، ويتعرض للصدمة وقد لا تظهر أعراضها وتبعتها غير بعد عام أو 3 أعوام على الأكثر". 

 

المدارس الخاصة وعزوف الطلاب عن الدراسة

في الآونة الأخيرة انتشرت المدارس الخاصة بشكل كبير جدًا في اليمن، حتى أن بعضها غير مؤهلة لتكون بيئة مناسبة للطلاب، لا كمبنى ولا مكان ولا بكوادرها التعليمية، فالعملية التعليمية لديهم عبارة عن صفقة تجارية يدفع الطالب وينجح، دون مراعاة للمعايير التعليمية، أو مراعاة وضع الطلاب وأسرهم.

تقول سارة قائد " كنت أشعر بالحرج لما يجوا يطردونا م الفصل بسبب تأخر الرسوم " ليلى كانت تدرس في مدرسة خاصة في صنعاء، وبسبب التكرر المستمر لإخراجها من الفصل بسبب تأخر قسط من الرسوم، قررت أسرتها العودة إلى تعز وإلحاقها بمدرسة حكومية.

والدة الطفل محمد كادت أن تفقد ولدها والسبب عشرة ألف ريال، بعد أن طردته إدارة المدرسة من المدرسة بسبب تأخرهم عن دفع بقية قسط، فقاموا بإخراج كل الطلاب من صفوفهم مع حقائبهم المدرسية وملفاتهم وطردهم لخارج المدرسة طالبين منهم العودة لمنازلهم.

تقول أم محمد " ابني لم يتجاوز ال 10 سنوات، طلبوا منه يروح للبيت وحدي وهو ما يعرف يخرج وحده ينتظر لما يجي أبوه يأخذه، المدرسة رفضت الاتصال بنا عندما طلب منهم محمد يتصلوا بنا نجي نأخذه، فروح لوحده وضاع بالشارع وجلسنا ندوره ساعتين بعد انتهاء الدوام المدرسي، ومن بعدها رفض يرجع يدرس لا بالمدرسة ذي ولا غيره".

وترى دنيا الهلالي – وكيلة مدرسة الميثاق للبنات في تعز هناك تدني ملحوظ في المستوى التعليمي للطلبة بسبب عدم توفر البيئة التعليمية المناسبة خصوصًا في صفوف الصغار وفي ظل وجود مدارس لا تزال مدمرة ومع هذا يتلقون فيها الدراسة لانعدام البدائل.

وتُضيف الهلالي" انعدام الكتاب المدرسي واحدة من المشكلات التي خلفتها الحرب وهو الوسيلة التعليمية الوحيدة في كثير من المدارس، نزوح عدد كبير من المعلمين والمعلمات إلى الريف خلف ايضًا فراغًا كبيرًا في كثير من المدارس مما تسبب في قبول المتطوعين والذين لا يخفى أثرهم الايجابي في سد كثير من الثغرات وبالمقابل هناك قلة منهم لا يصلحون لتقديم المادة العلمية حيث أنهم ليسوا من ذوي الاختصاص".

 

هذا وذكرت وثيقة النظرة العامة للوضع الإنساني في اليمن 2023 ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) أن توقف تعليم العديد من الأطفال النازحين فجأة، بما في ذلك أكثر من 870.000 طفل من ذوي الإعاقة، والذين أصبح وصولهم إلى التعليم مقيدًا بمزيج من المؤسسات، والاجتماعية، والمادية، والحواجز المالية. أدى استبعاد الأقليات، ولا سيما مجتمع المهمشين، إلى محدودية التعليم الرسمي وارتفاع معدلات الأمية، مما أدى إلى تفاقم حلقة الفقر.

 

وبالرغم من كل هذا إلا أن مازال هناك عدد كبير من الطلاب يرتادون المدارس رغم وعورة الطرق التي توصلهم بالمدارس، ورغم النزوح والأوضاع السيئة، فهل سيجدون من يمسك بيدهم ليكملوا دراستهم أم سيكون مصيرهم كصير مليوني طفل تركوا الدراسة بسبب الحرب؟!


الحجر الصحفي في زمن الحوثي