الرئيسية > شؤون خليجية > خطط رفع دعم الكهرباء تطرح تساؤلات حول العقد الاجتماعي في الخليج

خطط رفع دعم الكهرباء تطرح تساؤلات حول العقد الاجتماعي في الخليج

" class="main-news-image img

لم ترتفع أسعار الكهرباء في عمان بين عامي 1987 و2020 بالرغم من التضخم الذي بلغ نحو 80% خلال هذه الفترة.

لكن عهد السلطان "قابوس بن سعيد" انتهى، وتعهد السلطان الجديد "هيثم بن طارق" بتحسين أوضاع المالية العامة.

ومن المرجح أن يؤثر التقشف في الميزانية على أسعار الكهرباء لكن هذه الخطوة تأجلت لبعض الوقت.

وأتاحت الزيادة الكبيرة في أسعار النفط بعض الوقت للسلطات العمانية، لذلك قررت تأجيل القرار السابق بخصوص إلغاء دعم الكهرباء بحلول عام 2025.

وبالرغم أن إلغاء دعم الطاقة مسألة مستقبلية، إلا أن الأسعار الجديدة تعطي لمحة عن استراتيجية عُمان على المدى الطويل.

ولم يعد المواطنون يتمتعون بأسعار أقل من أسعار العمال المهاجرين، حيث تم توحيد المعاملة للاثنين بسعر يبدأ من 14 بيسة للكيلوواط/ساعة (0.036 دولار).

بالإضافة إلى ذلك، تحتفظ هيئة تنظيم الخدمات العامة بالحق في رفع الأسعار حتى 2 بيسة سنويا، أو ما يساوي زيادة بنسبة 14% كحد أقصى في عام 2023.

 

تعديل العقد الاجتماعي

ويؤثر رفع أسعار الطاقة على "العقد الاجتماعي" في منطقة يستمد فيها الحكام جزءا من شرعيتهم السياسية من إعادة توزيع عائدات النفط والغاز في شكل دعم ووظائف في القطاع العام.

وقال "جيم كرين"، خبير سياسة الطاقة في معهد "بيكر" التابع لجامعة "رايس": "يعد دعم الكهرباء أكثر أجزاء الدعم صعوبة في إلغائه لأنه يمس الناس الذي يعتبرونه حق مكفول من حقوقهم داخل منازلهم".

وقال "كرين" إن مواطني دول الخليج "يقبلون على مضض" فكرة أن تسعير الكهرباء بقيمة أقل من التكلفة "يضر بالمصلحة الوطنية" لأنه يؤثر على القيمة الفعلية للصادرات.

وكما هو الحال في عُمان، يعد الإصلاح التدريجي لدعم الطاقة بالنسبة لمعظم دول الخليج جزءا من حملة أوسع لإنهاء نمط الحياة المدعوم للجميع.

وفي عام 2011، أصبحت دبي صاحبة السبق في الإمارات حيث زادت أسعار الطاقة على المواطنين بنسبة 15%.

وبعد 7 أعوام، رفعت السعودية تعريفة الكهرباء للشريحة الأدنى بنسبة 260% بعد تقديم برنامج "حساب المواطن"، الذي يوفر الحماية الاجتماعية للسعوديين الأكثر احتياجا.

وقال "كرين": "يجب زيادة الحرية الاجتماعية بالتوازي مع هذه الفوائد التي جرى إلغاؤها".

 

الديموغرافيا تحدد الأجندة طويلة المدى

وتؤثر الديموغرافيا في أجندة السعودية التي تعد أكبر دول مجلس التعاون الخليجي من حيث عدد السكان.

وتلد الإناث السعوديات 2.33 طفل في المتوسط، أي أعلى من معدل الخصوبة اللازم للإحلال.

ومن شأن تزايد عدد السكان أن يساعد دول الخليج في الاعتماد بشكل أقل على القوى العاملة الأجنبية، وبالتالي الحد من التسرب الاقتصادي.

ومع ذلك، فإنه يحد أيضا من نصيب الفرد من الدعم المتاح مع تراجع الإيرادات الحكومية المرتبطة بشدة بعائدات النفط.

وتتوقع السعودية أن تبلغ إيراداتها لعام 2022 نحو 1.045 مليار ريال سعودي، أي أقل من 1.239 مليار ريال سعودي التي كانت قبل عقد من الزمن.

وفي هذا السياق، يمكن أن يصبح دعم الطاقة عبئا ثقيلا على المالية العامة.

وفي عام 2021، أنفقت عُمان 550 مليون ريال عماني (1.4 مليار دولار) على دعم الكهرباء، وهو ما يمثل 45% من عجز الميزانية لهذا العام.

وفي الإمارات، زاد معدل استهلاك الفرد من الكهرباء بنسبة 59% بين عامي 1990 و2019.

وينذر التوسع في تبني السيارات الكهربائية ورقمنة الاقتصادات بمزيد من الارتفاع.

وترى وكالة الطاقة الدولية أن الكهرباء سوف تمثل 50% من استهلاك الطاقة العالمي بحلول عام 2050، ارتفاعا من 20% في عام 2020.

ويتطلب ذلك تحسين كفاءة المرافق وشبكات الكهرباء وتقليل الفاقد.

وتدعي هيئة كهرباء ومياه دبي أنها "خفضت الخسائر في شبكات نقل وتوزيع الكهرباء إلى 3.3%، مقارنة بـ 6 إلى 7% في أوروبا والولايات المتحدة".

ومع ذلك، ما تزال هناك فرصة لخفض النفقات الرأسمالية وتكاليف الإنتاج عبر تجميع القدرات الإقليمية.

 

تكتيكات بديلة

يشعر سكان الخليج بالقلق من التزايد المستمر في أسعار الكهرباء خاصة أن أغلب السكان يعتمدون علي مكيف الهواء للتعامل مع حرارة الطقس ما يجعل دول الخليج من أعلى معدلات استهلاك الطاقة للفرد على مستوي العالم.

ومع ذلك، يمكن اتخاذ إجراءات لعلاج المشكلة.

على سبيل المثال، يمكن أن توفر الأنظمة الشمسية على الأسطح، غير الموجودة تقريبا في الوقت الحالي، بعض الحماية من ارتفاع الأسعار.

كما تفتقر العديد من المنازل للعزل والنوافذ عالية الجودة والأجهزة الفعالة.

وقال "كرين": "كانت الطاقة رخيصة جدا لدرجة أنه لم يكن من المنطقي شراء ثلاجة أو غسالة أطباق أو تكييف هواء عالية الكفاءة".

وبذلك فقد تسبب الدعم في افتقار سكان الخليج للكثير من الحوافز لجعل البيئة محل اهتمام.

وتشبثت منطقة الخليج بالمحطات التي تعمل بالوقود الأحفوري لتوليد الطاقة بالرغم من وفرة موارد الطاقة الشمسية الرخيصة.

وفي عام 2019، أنتجت محطات الطاقة التي تعمل بالنفط 43% من الكهرباء في السعودية، وشكلت نحو نصف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في المملكة.

 

الطاقة المتجددة مكلفة أيضا

أعلنت السعودية عن خطط لزيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء لتحقيق هدف "صفر انبعاثات".

وفي الإمارات، يهيمن الغاز الطبيعي على مزيج الطاقة بالرغم من استضافتها لبعض أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم.

ويوفر هدف "صفر انبعاثات" غطاء سياسيا لمزيد من إصلاحات الدعم.

ومع ذلك، يمكن للمواطنين توقع كهرباء ميسورة التكلفة على المدى الطويل، حيث تنشر دول الخليج الغنية بأشعة الشمس محطات شمسية على نطاق كبير.

وفي الواقع، سجلت السعودية والإمارات أرقاما قياسية عالمية في سعر الكهرباء الشمسية، ومع ذلك فإن الفترة الانتقالية ستتطلب المزيد من الصبر من قبل المواطنين.

وقال الخبير الاقتصادي "أدهم السعيد": "لا يفهم الناس أنه حتى مصادر الطاقة المتجددة في الوقت الحالي تكلف الكثير من المال للاستثمار فيها".

وعلى سبيل المثال، تحتاج عمان إلى 5 أضعاف المستويات الحالية من الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتحقيق هدفها المتمثل في أن تمثل مصادر الطاقة المتجددة 20% من مزيج الطاقة لديها بحلول عام 2030.

ويعني ذلك أن مصادر الطاقة المتجددة ستثبت أنها قوية بما يكفي لخفض التكاليف على المدى الطويل، لكن الأفراد لن يشعرون بجدوى التغيير على الفور.


الحجر الصحفي في زمن الحوثي