الرئيسية > محليات > الوضع الصحي في تعز .. مآسي لا تنتهي وكوراث تختطف الأرواح وتدمي القلوب ( تقرير خاص )

الوضع الصحي في تعز .. مآسي لا تنتهي وكوراث تختطف الأرواح وتدمي القلوب ( تقرير خاص )

" class="main-news-image img

تتفاقم معاناة اليمنيين يومآ بعد يوم إلى آجلا غير مسمى ، تجاهد هذه البلاد لتعصد على عرش الدول النامية وتحصد المركز الأول كدولة غير صالحة للعيش حسب ما اظهرته تقارير الأمم المتحدة.

دولة غير صالحة للعيش يعيش عليها ما يقارب 30 مليون مواطن عيشة أموات على ظاهرة الأرض.

سبعة أعوام سوداء تعيشها هذه البلاد وتزداد المعاناة ويتفاقم الوضع الصحي والتعليمي والأمني والاقتصادي وكذلك السياسي الذي لا يقل عنهم ليصل إلى أسوء حال.

كارثة الوضع الصحي بتعز

ثلاثة مليون مواطن في محافظة تعز يشكون من تدني الوضع الصحي الذي يكاد يفتك حالهم الهش في ظل انقسام المدينة إلى شقين شق يسيطر عليه الشرعية بتعاون مع رجال المقاومة الشعبية وشق يهيمن عليه مجموعة(أنصار الله الحوثي) بدعم من إيران، مساحة تبلغ 10008كيلو متر مربع تسيطر عليه حكومتين متنافستين ليكون الشعب هو الضحية الأولى لهذا التنافس السياسي. 700 حالة مصابة بالفشل الكلوي و4300 مصابون بأمراض مزمنة خطيرة وغيرهم الكثير من المرضى المحتاجين إلى رعاية طبية يتودودن بين أربع مستشفيات حكومية ( الثورة _ الجمهوري العسكري المظفر) داخل المدينة والمزودة بمعدات متواضعة لا تفي بالغرض مطلقا وغير مؤهلة ابداً لعلاج هذه الأمراض الصعبة ليس إلى هنا فحسب بل تتعرض هذه المرافق للهجوم المقصود من الأطراف العسكرية والغير مقصود (العشوائية)

 

مستشفى الثورة تعز

 

صمود مستشفى الثورة في وجهه التحديات

تعرضت مستشفى الثورة التي تعد أكبر مستشفى عام داخل المدينة والمدعوم باطباء بلا دود إلى 40 حادثة عنف ضد المستشفى والعاملين فيه والمرضى من ضمنها حوادث إطلاق النار داخل المستشفى او قريب منها والتي أدت إلى مقتل مرضى يتلقون الرعاية الطبية داخل المستشفى في عدة مرات، والتي بدورها أدت الى توقف العمل لفترات متقطعة وهذا ما يحد قدرتها على تقدم الرعاية الطبية الفعالة للمواطنين وتزيد من عجزها ورغم ذلك ما زالت المستشفى تقدم ما تسطيع أن تقدمه وتقف في مواجهة التحديات لإنقاذ الأرواح التي تستطيع إنقاذها، هذا وقد تعرضت العديد من المرافق الصحية العامة بشكل عام إلى القصف الجوي ونيران المدفعية التي أدت إلى إنهيار العديد من معدتها عالية التكلفة.

وبخصوص هذا الشأن تجدد أطباء بلا حدود دعوتها للأطراف المتنازعة بالالتزام بالقانون الدولي الإنساني للحفاظ على المرافق الصحية وسلامة ارواح المرضى ومرافقيهم العاملين فيها والذين توقف العديد منهم عن العمل خوفا على سلامتهم حيث أنهم لم يعدُوا يشعرون بالأمان في مكان من المفترض أن يكون مساحة امنية لهم ومتكفل بحمايتهم بالإضافة إلى أن العديد من المرضى يتجنبون القدوم إلى المستشفى حفاظاً على أرواحهم فالحفاظ على روح عليلة خيراً وابقى من فقدانها للأبد.

  الافتقار إلى الطاقم الطبي المتخصص بالمرافق العامة

 

تشكوا المرافق الحكومية (العامة)  من افتقارها للكادر الطبي المتخصص والمؤهل وذلك لنزوح العديد من الأطباء المتخصصين والمؤهلين إلى الدول المجاورة بحثا عن الأمان ولتأمين أوضاع معيشية ورواتب تعد افضل من الخدمات والرواتب التي تقدمها البلاد.

تفتقر مستشفى الثورة التي تعد اكبر المرافق العامة في المحافظة كما ذكرنا سالفاً إلى الأطباء المتخصصين الذين فروا جراء الأوضاع والمواقف التي مرت بها المستشفى سابقاً ، حيث أفاد احد العاملين في مستشفى الثورة أن المستشفى بكلها لديها حالياً طبيب اختصاصي وأحد في تقويم العظام وخصائين في الجراحة العامة فقط حيث أن معظم الأطباء العاملين بهذه المرافق خرجين ما بين 2015_ 2020 والغير مزودين بالخبرة العملية والضرورية لمكافحة هذه الأمراض علماً بأن المستوى التعليمي في السنوات الحرب في اسوء حال.

اثناء زيارتي شخصياً لمستوصف 14 أكتوبر الواقع قريب وادي القاضي بالمدينة يفاجئني منظر المرضى المرتصون بجوانب المستوصف وعلى كراسي الإنتظار والذي يبدو عُسر حالهم المادي من اشكالهم والذي لا يختلف كثيراً عن منظر المجاعة الموجعة للقلب.

أم اصيل احدى المريضات في المستوصف والتي تنتمي لفئة المهمشين حالتها ترهق المشاعر حيث اخبرتني انها تنتظر دورها منذ ست ساعات لتستشير الطبيب وبعد شرح حالهتا وإجراء العديد من الفحوصات لم تحصل سوى على علاج جرع الديان كونه العلاج التوفر بالمستوصف والمرض الوحيد الذي استطاعوا كشفه بظل وجود الفحصوات والاجهزة البسيطة والقديمة ايضاً.

 

تكاليف المرافق الخاصة تفوق قدرة المرضى

في ظل هذه التحديات التي تواجهه المرافق العامة الهشة من قلة الخبراء المتخصصين وانعدام المعدات الصحية الأزمة لمكافحة الأمراض المنتشرة والحاصدة للأرواح التي ترفع فئة الوفيات بشكل يفوق المتوقع . تبقى المرافق الخاصة (مستشفيات مستوصفات عيادات) هى الآمل الوحيد للمرضى والمنفذ السحري للمصابين بالأمراض المختلفة كونها مزيدة بمعدات طبية تعد افضل حالاًمن المستشفيات العامة لكن للأسف لم تكن معاناة اليمنيين من المرافق الخاصة اقل من المعاناة السابقة اي من المرافق العامة حيث ترتفع تكاليف العلاج فيها بشكل يفوق قدرة المرضى عسيري الحال بطبيعتهم في هذه الظروف الصعبة التي يعاني منها اليمنيين بشكل عام .

محمد علي القدسي الساكن بمديرية المظفر بالمدينة تعاني زوجته من آلام شديدة بالبطن وبعض أعراض صعبة نادرة من نوعها التي عجز اطباء المرافق الصحية العامة كشفها واختلفوا في تشخصيها وصرف ادوية مختلفة ومتناقضة لها بحجة عدم امتلاك هذه المرافق للأجهزة المطورة الحديثة للكشف الصحيح والمناسب لها ، تم تحويل زوجة محمد من مستشفى الجمهوري إلى احدى العيادات الخاصة لطبيب خصائي باطنية مشهور بالمدينة وعالي خبرة كونه حاصل على شهادته الجامعية من جامعة مصر عام 1990 والتي تعد عيادته من احدى المرافق الخاصة المزودة بالأجهزة المتطورة والفحوصات الغير متوفرة بالكثير من المرافق .

يقول محمد في معرض حديثه لـ يمن فويس ما إن رأى بصيص الآمل في هذه العيادة والطبيب وهو في سعادة عارمة لعله يخفف آلم زوجته التي تلويها ارضاً كلما عادت نوبة آلام لكن ما وصل الى العيادة حتى تلاشى كل شيء بمجرد أن رأى التكاليف الباهضة والتي لا تناسب قدرته المالية ومستواه الاقتصادي بتاتاً .

اردف محمد لقد بعنا ما تبقى من مجوهرات زوجتي بأمل تشخيص هذا المرض والحصول على علاج مناسب يخفف هذه الآلام اللعينة ما إن وصلنا إلى نصف المشاور في العلاج الذي سلب كل ما نملك من مال وبعنا ما يمكن بيعه حتى نفذ كل ما لدينا فرفض الطبيب مواصلة العلاج والمتابعة ولو بمجرد استشارة وهاهى زوجتي تعود للمرض من جديد .

 

مازال المواطنين يدفعون ثمن هذه الحرب التي اشعلتها الاطراف السياسية المتنازعة

10000 مواطن دفن تحت تراب هذا الوطن  في سنوات الحرب وما تبقى يعيشون عيشة اموات على ظاهرة الأرض وبدولة غير صالحة للعيش مطلقاً ، مستوى تعليم أشبه بعدمه وأوضاع اقتصادية تكيد أن تميت الشعب عوجاً حيث أن اكثر من نصف البلاد مهددة بالمجاعة، وأوضاع أمنية لا يأمن فيه احد على نفسه ، كوارث إنسانية تزداد وحشية يوما بعد يوم ، غياب القوانين الرادعة والتخطيط الغير السليم والمنحاز كل الانحياز للمصالح الأطراف السياسية، وأوضاع صحية تميت الروح العليلة بدلاً من إنقاذها.


الحجر الصحفي في زمن الحوثي