الرئيسية > عربية ودولية > رسميا .. اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل في البحر الاحمر .. وصحيفة أمريكية تكشف مايحدث في ميدان المعركه (تفاصيل)

رسميا .. اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل في البحر الاحمر .. وصحيفة أمريكية تكشف مايحدث في ميدان المعركه (تفاصيل)

" class="main-news-image img

الحرب السرية التي تخوضها إسرائيل وإيران ضد بعضهما منذ سنوات في جميع أنحاء الشرق الأوسط، كانت تركز في الأساس على البر والجو، لكنها الآن انتقلت إلى البحر، مع تحوُّل الهجمات إلى استهداف سفنهما في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر؛ حسبما يرصد تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، وشارك في إعداده كل من باتريك كينجسلي رئيس مكتب الصحيفة في القدس، والكاتب رونين بيرجمان من تل أبيب، والمراسل فرناز فاسيحي من نيويورك، والكاتب إريك شميت الذي يغطي شؤون الإرهاب والأمن القومي.

حلقة جديدة في سلسة صراعات طويلة

كانت الشمس تشرق على البحر الأبيض المتوسط في ​​صباح يوم من الأيام عندما سمع طاقم سفينة شحن إيرانية صوت انفجار. كانت السفينة «شهر كورد» تبحر على بعد حوالي 50 ميلًا من الساحل المطل على إسرائيل. ومن فوق الجسر، رأى البحارة عمودًا من الدخان يتصاعد من إحدى مئات الحاويات المكدسة على سطح السفينة.

قالت شركة الشحن الإيرانية الحكومية: إن السفينة كانت متوجهة إلى إسبانيا، ووصفت الانفجار بأنه «عمل إرهابي». لكن الهجوم الذي استهدف «شهر كورد» هذا الشهر كان مجرد حلقة جديدة في سلسلة الصراعات السرية طويلة الأمد بين إسرائيل وإيران. يستشهد التقرير على ذلك بقول مسؤول إسرائيلي: إن الهجوم جاء ردًا على هجوم إيراني استهدف سفينة شحن إسرائيلية الشهر الماضي.

منذ عام 2019 تهاجم إسرائيل السفن التي تحمل النفط والأسلحة الإيرانية عبر شرق البحر الأبيض المتوسط ​​والبحر الأحمر، لتفتح بذلك جبهة بحرية جديدة في حرب الظل الإقليمية التي كانت تدور برًا وجوًا. ردت إيران بهدوء، بشن هجماتٍ سرية. وقال مسؤول إسرائيلي: إن آخر هذه الهجمات وقع بعد ظهر يوم الخميس الماضي، عندما أصيبت سفينة حاويات إسرائيلية، تسمى «لوري»، بصاروخ إيراني في بحر العرب، دون ورود أنباء عن وقوع إصابات أو أضرار جسيمة.

حرب باردة غير معلنة بين إيران وإسرائيل

أصبحت هذه الحملة الإسرائيلية، التي أكدها مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون وإيرانيون، ركيزة لجهود إسرائيل الرامية إلى الحد من النفوذ العسكري الإيراني في الشرق الأوسط، وإحباط الجهود الإيرانية للالتفاف على العقوبات الأمريكية المفروضة على صناعتها النفطية.

لكن توسّع رقعة الصراع يهدد بتصعيد المواجهة التي كانت محدودة نسبيًا، ويزيد من تعقيد جهود إدارة بايدن لإقناع إيران بإعادة فرض القيود على برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات، بحسب التقرير.

يصف علي فايز، مدير برنامج إيران في مجموعة الأزمات الدولية، وهي منظمة بحثية مقرها بروكسل، هذه المواجهات بأنها «حرب باردة كاملة»، محذرًا من أنها «مهيأة للانفجار بمجرد وقوع خطأ واحد». مضيفًا: «ما زلنا في دوامة تصعيدية يمكن أن تخرج عن نطاق السيطرة». 

 

منذ عام 2019 هاجمت الكوماندوز الإسرائيلية ما لا يقل عن 10 سفن تحمل شحنات إيرانية، بحسب مسؤول أمريكي ومسؤول إسرائيلي كبير سابق. ويلفت التقرير إلى أن العدد الحقيقي للسفن المستهدفة قد يكون أكثر من 20، وفقًا لمسؤول في وزارة النفط الإيرانية ومستشار للوزارة وتاجر نفط.

كانت صحيفة «ول إستريت جورنال» هي التي تحدثت أول مرة عن الهجمات الإسرائيلية ضد السفن الإيرانية. وبحسب مسؤول أمريكي واثنين من كبار المسؤولين الإسرائيليين، كانت معظم السفن تحمل وقودًا من إيران إلى حليفتها سوريا، وكانت سفينتان منها تحملان عتادًا عسكريًا. وينقل التقرير عن مسؤول أمريكي ومسؤول إسرائيلي قولهما: إن سفينة «شهر كرد» كانت تحمل عتادًا عسكريًا تنقله إلى سوريا. 

امتنعت الحكومة الإسرائيلية عن التعليق. ولا يحدد التقرير مدى الانتقام الإيراني؛ ذلك أن معظم العمليات نفذت تحت ستار من السرية، ولم تعلن طهران مسؤوليتها عنها. 

الحرب السرية بين إيران وإسرائيل تنتقل إلى المياه المفتوحة

كانت سفينة الشحن الإسرائيلية التي تعرضت للهجوم الشهر الماضي، هيليوس راي، تحمل على متنها عدة آلاف من السيارات ألمانية الصنع إلى الصين. وبينما كانت السفينة تدور حول مضيق هرمز، زاد القارب السريع الذي كان يلاحقها من سرعته، ليصبح بمحاذاتها. وزرعت قوات الكوماندوز متفجرتين موقوتتين على جانبي السفينة، على ارتفاع متر فوق الماء، وفقًا لمصدر اطلع على التحقيق الذي أجري لاحقًا. وبعد 20 دقيقة أحدثت المتفجرات فتحتين في هيكل السفينة.

تعرضت عدة ناقلات لهجمات مماثلة في البحر الأحمر، خلال فصلي الخريف والشتاء الماضيين، وهي هجمات نسبها بعض المسؤولين إلى الحوثيين، الحركة المتمردة التي تدعمها إيران في اليمن. لكن إيران نفت ضلوعها في أي من هذه الهجمات، التي يخلص التقرير إلى أنها، مثل الهجمات الإسرائيلية، لا تهدف إلى إغراق السفن بل توجيه رسالة، مفادها: «إنك تهاجمنا هنا، ونحن سنهاجمك هناك»، على حد قول المحلل السياسي غيس غوريشي، الذي كان مستشارًا لوزارة الخارجية الإيرانية في شؤون الشرق الأوسط، مضيفًا: «إيران وإسرائيل تنقلان حربهما السرية إلى المياه المفتوحة».

هكذا تحاول إسرائيل كبح جماح النفوذ الإيراني في المنطقة

تسارعت حرب الظل المحتدمة منذ فترة طويلة بين إسرائيل وإيران خلال السنوات الأخيرة. ويذكر التقرير أن إيران تقدم التسليح والتمويل للميليشيات في جميع أنحاء المنطقة، ولا سيما في سوريا والعراق، واليمن، وغزة، ولبنان، حيث تدعم حزب الله، العدو اللدود لإسرائيل.

حاولت إسرائيل كبح جماح نشر القوة الإيرانية من خلال شن غارات جوية منتظمة على الشحنات الإيرانية برًا وجوًا، وغيرها من شحنات الأسلحة والبضائع الأخرى المتجهة إلى سوريا ولبنان. ويرى محللون أن تلك الهجمات جعلت تلك الطرق أكثر خطورة، وحولت على الأقل بعض عمليات نقل الأسلحة والصراع إلى البحر.

سعت إسرائيل أيضًا إلى تقويض البرنامج النووي الإيراني من خلال تنفيذ عمليات اغتيالات وتخريب على الأراضي الإيرانية، وتشير أصابع الاتهام إلى الجانبين في تنفيذ هجمات إلكترونية، من بينها هجوم إيراني فاشل استهدف شبكة مياه بلدية إسرائيلية في أبريل (نيسان) الماضي، وضربة إسرائيلية انتقامية استهدفت ميناء إيرانيًا رئيسًا.

توجهت أصابع الاتهام إلى فيلق القدس الإيراني في تفجير قنبلة بالقرب من السفارة الإسرائيلية في نيودلهي، خلال شهر يناير (كانون الثاني). واعتقل 15 من المليشات المرتبطة بإيران الشهر الماضي في إثيوبيا بتهمة التخطيط لمهاجمة أهداف إسرائيلية وأمريكية وإماراتية. 

لا أحد يريد تصعيد الصراع إلى مستوى المواجهة القتالية المباشرة

كل هذه الأحداث ترسم صورة صراع غير معلن لا يريد أي من الطرفين تصعيده إلى مواجهة قتالية مباشرة. يؤكد ذلك الخبير العسكري الإيراني حسين داليريان، الذي قال لصحيفة «نيويورك تايمز»، أثناء نقاش على تطبيق «كلوب هاوس» يوم الخميس: «لا إسرائيل ولا إيران تريدان تحمل المسؤولية علنا ​​عن الهجمات؛ لأن ذلك يرقى إلى مرتبة عمل حربي ستترتب عليه عواقب عسكرية. بيد أن الهجمات التي تستهدف السفن على هذا المستوى لا يمكن أن تحدث بدون وجود دولة تقف وراءها». وأضاف: «نحن في حالة حرب، لكنها ليست معلنة».

يشير التقرير إلى أن هذه الديناميكية تعقّد الجهود المحمومة التي تبذلها إدارة بايدن لإعادة صياغة الاتفاق النووي المبرم في عام 2015، والذي يفرض قيودًا على برنامج التخصيب النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات. وانسحب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق في عام 2018، وأعاد فرض العقوبات، إلى جانب حزمة من العقوبات الجديدة.

يلفت مدير برنامج إيران في مجموعة الأزمات الدولية، علي فايز، إلى أن هذا التصعيد يرفع سقف الثمن السياسي الذي ستدفعه إدارة بايدن لتخفيف القيود الاقتصادية المفروضة على الإيرانيين. وحين تخوض إيران هذا النوع من الصراع الانتقامي مع إسرائيل، مع الضغط المفروض على الوجود الأمريكي في المنطقة، فإن العودة إلى الاتفاق النووي تصبح أكثر صعوبة

يذهب محللون إلى أن إيران تريد أن تواصل استفزاز إسرائيل، وفي الوقت ذاته تسليح ودعم حلفائها في الشرق الأوسط، سواء لمحاصرة إسرائيل بين وكلاء طهران المدججين بالسلاح، ومنح إيران أوراقًا أقوى في أي مفاوضات نووية مستقبلية.

أهداف الهجوم الإسرائيلي على السفن الإيرانية

تعتقد القيادة الإسرائيلية أن الصفقة النووية السابقة لم تكن كافية، وتريد إفشال أي فرصة لإحياء اتفاق مماثل. وقال مسؤول إسرائيلي: إن الهجمات جزء من إستراتيجية أوسع نطاقًا لإجبار طهران على القبول بفرض قيود أكثر صرامة وأطول مدى على طموحاتها النووية، فضلًا عن فرض قيود على برنامجها للصواريخ الباليستية ودعمها للميليشيات الإقليمية.

 

تضمنت تلك الحملة، كما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» سابقًا، هجومًا إسرائيليًا على موقع نووي إيراني كبير في يوليو (تموز)، واغتيال كبير علماء الذرة الإيرانيين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ولم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن أي من العمليتين.

قال محللون ومسؤولون: إن الهجوم الإسرائيلي على السفن الإيرانية له هدفان؛ الأول هو منع طهران من إرسال معدات إلى لبنان لمساعدة حزب الله في بناء برنامج صاروخي دقيق، تعتبره إسرائيل تهديدًا إستراتيجيًا، والثاني هو تجفيف مصدر إيراني مهم لعائدات النفط، بالتضافر مع الضغط الذي فرضته العقوبات الأمريكية. فبعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على صناعة الوقود الإيرانية في أواخر عام 2018، أصبحت الحكومة الإيرانية أكثر اعتمادًا على عمليات الشحن السرية.

«فلوتيلا 13».. ذراع البحرية الإسرائيلية الطولى لمواجهة إيران

أما فرقة النخبة المسؤولة عن تنفيذ هذه الهجمات فهي وحدة كوماندوز في البحرية الإسرائيلية تسمى «فلوتيلا 13» شاركت في عمليات سرية منذ السنوات الأولى لتأسيس دولة إسرائيل، وفقًا لما نقله التقرير عن المسؤولين الإسرائيليين والمسؤول الأمريكي. 

قال مسؤولون إسرائيليون إن اثنتين من السفن التي هاجمتها إسرائيل كانت تنقل معدات لبرنامج صواريخ حزب الله، من بينها جهاز يستخدم في صنع وقود صلب للصواريخ، قال المسؤولون الإسرائيليون إنه كان سيحل محل جهاز قديم دمرته غارة جوية إسرائيلية استهدفت بيروت في أغسطس (آب) 2019. 

كما استهدفت الضربات الجوية الإسرائيلية السابقة على قوافل وشحنات إيرانية في سوريا معدات لصنع صواريخ موجهة، وفق التقرير. وكانت الناقلات التي استهدفتها إسرائيل تنقل النفط الإيراني إلى سوريا، منتهكة العقوبات الأمريكية، وهي شحنات تقدر قيمتها على الأرجح بمئات الملايين من الدولارات.

وقال المسؤولون الإسرائيليون: إن سوريا دفعت لإيران نقدًا، أو من خلال تقديم مساعدة لوجستية لأعضاء في فيلق القدس الإيراني المتمركزين في سوريا، وهو فرع من الحرس الثوري، ولحزب الله.

ضرب 3 أهداف بحجر واحد

يلفت التقرير أن الرئيس السوري بشار الأسد، المثقل أيضًا بالعقوبات، في حاجة ماسة إلى النفط. وإيران، التي أنهك اقتصادها تحت وطأة العقوبات الأمريكية، تحتاج إلى السيولة. كما تضرر حزب الله بشدة من الأزمة الاقتصادية والسياسية الحادة في لبنان، والهجوم الإلكتروني على منظومته المالية.

 

 

وبالتالي فإن الهجمات الإسرائيلية وسيلة لمنع إيران من بيع النفط إلى سوريا، والحصول على الأموال، وتسليمها لحزب الله، على حد قول سيما شاين، رئيسة الأبحاث السابقة في «المخابرات الإسرائيلية (الموساد)».

وقال المسؤول الأمريكي: إن الهجمات عادة ما تستخدم ألغام لاصقة، وطوربيدات في بعض الأحيان. وقال مسؤول إسرائيلي: إنها تستهدف عمومًا محركات السفن أو مراوحها. وقال المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون: إنها تهدف إلى شل السفن وليس إغراقها.

سفن حراسة روسية ترافق الناقلات الإيرانية

تصاعدت الهجمات في نهاية عام 2020، مع اقتراب انتهاء ولاية ترامب. وردًا على ذلك، قال المسؤول الأمريكي إن الحرس الثوري الإيراني بدأ في سرية مرافقة الناقلات عبر البحر الأحمر، قبل أن ترافقها سفن روسية، حليفة إيران، مع ترك مسافةٍ مع الناقلات عبر البحر المتوسط. وأضاف المسؤول أن الهجوم على «شهر كورد» وقع عندما كانت سفن الحراسة الروسية بعيدة بما يكفي لكي يتمكن الإسرائيليون من شن هجوم. 

 

ولا يجزم التقرير بمدى فاعلية الحملة الإسرائيلية، وينقل عن المسؤول الأمريكي قوله: إن بعض السفن المستهدفة أجبرت على العودة إلى إيران دون تسليم حمولتها. وقال الإيرانيون المرتبطون بوزارة النفط الإيرانية إن السفن تعرضت لأضرار طفيفة في جميع الحوادث، ولم يصب أفراد طواقمها بأذى، وأجريت الإصلاحات في غضون أيام قليلة.

وقال المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون إنه لا توجد علاقة بين الحملة الإسرائيلية والتسرب النفطي الأخير الذي خلف أطنانًا من القطران على شواطئ إسرائيل ولبنان.

تكلفة الحرب البحرية الإسرائيلية ضد إيران

يسلط التقرير الضوء على قلق الخبراء البحريين الإسرائيليين من أن تكلفة الحرب البحرية قد تتجاوز فوائدها. فبينما يمكن للبحرية الإسرائيلية أن تتواجد بقوة في البحر الأبيض المتوسط ​​والبحر الأحمر، فإنها أقل فعالية في المياه القريبة من إيران؛ وهذا يمكن أن يجعل السفن المملوكة لإسرائيل أكثر عرضة للهجمات الإيرانية أثناء مرورها على الشواطئ الغربية لإيران في طريقها إلى موانئ الخليج، كما يقول الأميرال الإسرائيلي المتقاعد شاؤول خوريف، الذي يرأس الآن مركز أبحاث السياسة البحرية والإستراتيجية في جامعة حيفا.

وكتب خوريف في بيان أن «المصالح الإستراتيجية الإسرائيلية في الخليج، والممرات المائية المرتبطة به ستنمو بلا شك، ولا تملك البحرية الإسرائيلية القدرات اللازمة لحماية هذه المصالح».


الحجر الصحفي في زمن الحوثي