وثقت منظمة سام للحقوق والحريات 32 جريمة إخفاء قسري وتعذيب تعرض لها المختطفون السياسيون جلهم في سجون مليشيا الحوثي.
جاء ذلك في تقرير استقصائي أصدرته المنظمة امس الخميس، بعنوان "سنوات الجحيم" ضمن مشروع مراقبة العدالة من أجل المناصرة والإصلاح القانوني وحقوق الإنسان في اليمن.
وقالت المنظمة في التقرير إنها وثقت 32 انتهاكاً طالت الحريات الشخصية في محافظتي صنعاء وعدن، خلال فترة الصراع من 2015 إلى 2023، تعرضت هذه الحالات -جميع الضحايا مدنيون- للاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري والتعذيب.
وأضافت: أن "جماعة أنصار الله (الحوثيين) مسؤولة عما نسبته 88 ٪ من أصل 32 حالة وثقها المشروع من المعتقلين السياسيين وغير السياسيين، ممن استهدفهم التقرير، ومسؤولة عن معظم جرائم الإخفاء القسري والتعذيب التي تعرض لها المحتجزون ممن تربطهم علاقات سياسية مع الأحزاب اليمنية".
وأشارت "سام"، إلى أن حالات الاعتقال والإخفاء والتعذيب الموثّقة في هذا التقرير اشتركت بعدد من السمات، أهمها: أنها جاءت بدوافع سياسية، وتشابهت في النمط، وجرت من دون أوامر قضائية، ولم يتم إبلاغ الضحايا بأسباب الاعتقال، كما أنهم أُخفوا قسريًا في الأيام أو الأشهر الأولى بعد الاعتقال، إضافة إلى توجيه تهم متشابهة لهم، تركز التحقيق حولها، وأبرزها الانتماء إلى حزب الإصلاح، والتخابر والعمل لصالح العدوان "التحالف العربي"، واتهام البعض منهم بتعكير السلم العام، بسبب كتاباتهم.
وخلص التقرير "إلى أن أطراف الصراع في اليمن، اتبعت في مراكز الاحتجاز طرقاً مشتركة في التعذيب، اتسمت بالتكرار في معظم الوقائع، وقد تمثلت فـي: (الضرب بالعصي والهراوات الحديدية والأسلاك الكهربائية في جميع أنحاء الجسد، وإجبار الضحايا على الوقوف منتصبين على أطراف أصابع القدمين لفترات طويلة، وصلت بعضها إلى أربعٍ وعشرين ساعة، إضافة إلى تقييد الأقدام بالسلاسل الحديدية أثناء التحقيق، وتصفيد اليدين لفترات طويلة مع تغطية العيون، والركل والصفع على الوجه، وكذا الحرمان من الماء والطعام (التجويع) لفترات طويلة، وصبّ الماء البارد على الجسم وتعريضه للبرد الشديد، والحرمان من الذهاب إلى دورات المياه وعدم السماح بالتعرض للشمس أو الحصول على الأدوية، والتنقل المستمر بين سجون وزنازين مختلفة وضيقة مليئة بالقاذورات والأوبئة والحشرات).
وسلط التقرير الضوء على حملة الاعتقالات التعسفية التي طالت العديد من الموظفين اليمنيين العاملين في وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية في العاصمة صنعاء، منذ 31 مايو/ أيار 2024، والتي توصف بأنها الأولى من نوعها في اليمن، وتهدد بصورة مباشرة الجهود الإنسانية وجهود المجتمع المدني في البلاد.
وأكدت "سام" أن جريمتي الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب تمثلا منذ عقود، منهجية متبعة لدى أطراف الصراع في اليمن، لقمع المعارضين، وإسكات الأصوات المخالفة لتوجهات السلطات، ونشر الخوف في المجتمع، وفرض أمر واقع بقوة السلاح، وهو ما تسبب في تقليص هامش الحريات، وفي مقدمتها الحريات السياسية، وحرية الرأي، وانتهاك الحقوق الأساسية لا سيّما الحق في الحياة.
وطالبت سام "الحكومة اليمنية بإجراء تحقيق شفاف وشامل ونزيه حول الادعاءات بانتهاكات حقوق الإنسان، بما فيها الاعتقال السياسي والإخفاء القسري والتعذيب".
كما دعت المنظمة إلى ضمان الوصول الكامل ودون عوائق للمراقبين الدوليين والمستقلين إلى الأراضي اليمنية، بما في ذلك السجون ومراكز الاحتجاز التي تديرها قوات المجلس الانتقالي وجماعة الحوثي والتشكيلات الأمنية والعسكرية المختلفة.
وشددت على "أن ضحايا الممارسات غير القانونية وأسرهم ينتظرون ضمان وصولهم إلى سبل الانتصاف، بما يشمل التعويض واسترداد الحقوق وإعادة التأهيل والترضية وضمانات عدم التكرار في كافة أنحاء اليمن، والتأكيد أن أي تسوية أو عملية سلام يجري التفاوض عليها تتضمن مشاركة فعالة للضحايا والناجين".