تبدع أنامل المرأة التهامية في صياغة وصناعة وتجهيز عدد من الحرف اليدوية كموروث شعبي لا غنى عنه في الساحل الغربي من ميدي بحجة مرورا بالحديدة وحتى مدينة المخا في تعز.
ومن الحرف اليدوية المشهورة في تهامة: ” الظلة، والمهجان ، والظرف، والمعاشر، والمصارف، والمكانس، والكوفية الخيزران والتي تعد أغلى وأجمل ما يصنعه الإنسان التهامي منذ قرون.
وتعتبر الكوافي الخيزران رمزا للأصالة وموروثا عريقا يرتديه ملوك وحكام المناطق التهامية بشكل عام منذ قرون فيما ترمز الخيزران لعلو ومكانة من يرتديها فكلما كانت ذا جودة وصناعة أفضل كلما كانت أغلى ومن يرتديها ذوا شأن.
وتختلف أسعار الكوافي الخيزران كلا حسب لونها وجودتها فكلما كانت ناعمة وساطعة كلما كانت أغلى فيما تتراوح أسعارها من 3 آلاف ريال يمني إلى ما يزيد عن 50 ألف ريال (ما يقارب 80 دولارا).
وتصنع الخيزران من لحاء شجرة تسمى الخيزران المنتشرة في المناطق الصحراوية التهامية، ومن المملكة العربية السعودي ودول أخرى في بعض الأحيان حسب قول أحد العاملين في المهنة.
مصدر دخل
وتعتمد الكثير من الأسر التهامية على ما تنتجه أياديهم كمصدر دخل لتوفير احتياجاتهم اليومية في ظل حرب تشهدها البلاد منذ مطلع 2015 م تسببت في الكثير من المعاناة للإنسان التهامي بشكل خاص.
وعلى بعد أمتار من الشارع الرئيسي لمدينة باجل يتكئ محمد الملحاني على سرير مصنوع من الخشب والضبط، ومن حوله توجد منتجات حرفية أسعارها متفاوتة وهي مصدر دخله الوحيد منذ ما يزيد عن 20 عاما تقريبا.
وقال الملحاني الذي ورث محله عن أبيه إن التجارة في المنتجات المحلية لم تعد كالسابق بسبب استيراد أدوات مصنوعة بطرق حديثة يتم استعمالها كبدائل عن المنتجات المحلية كالطرابيل والمفارش وغيرها بديلا عن المهجان والذي يستخدم لتخفيف حبوب الذرة وغيرها إلا أنه يأمل ويعمل من أجل تطوير مهنته كمورث شعبي عصي عن الاندثار.
ويعرض الملحاني عددا من المشغولات اليدوية كالمصارف والمكانس والظلة والظرف وغيرها من المنتجات المختلفة الضرورية التي يحتاج إليها المواطن التهامي ولا يستطيع الاستغناء عنها.
وتختلف أسعار المنتجات المحلية كلا حسب جودته وطريقة استخدامه فعلى سبيل المثال يرتفع سعر القبعات النسائية عن القبعات الرجالية فيما تتفاوت أسعار القبعات النسائية وفقا لجودتها وتعدد ألوانها ودقة تفاصيلها.
وتستخدم القبعات ( الظلة ) المصنوعة من سعف النخيل وشجرة الطفي للوقاية من أشعة الشمس أثناء العمل في المزارع وأثناء التسوق.
ويحصل الملحاني على دخل محدود يتراوح ما بين 3 إلى 5 آلاف ريال يمني في الأيام العادية فيما يزيد ربحه في مواسم حصاد الذرة وغيرها من المزروعات ويوم الأربعاء (يوم مخصص للتسوق في مدينة باجل).
حرفة نسائية
وتتجه أم عبد الجبار إلى وادي النخيل والدوم الذي يبعد عن مسكنها نصف كيلو تقريبا لجلب لحا وسعف النخيل واحتياجاتها التي تصنع منها جميع الأدوات المستخدمة في الزراعة والزينة في البيت التهامي.
تقول أم عبد الجبار إنها تعتمد بشكل رئيسي على صناعة المشغولات التقليدية من الحصير حيث تنتج أنواع عدة منها الظلات بأنواعها والمصارف وغيرها إلا نها تتميز بصناعة الكوافي والمظلات التي تستخدم في الأعراس بشكل خاص.
ووفقا لأم عبد الجبار فليس من السهل الحصول على قبعات ذات جودته عالية بسهولة فالأمر يتطلب الكثير من الجهد والخبرة ابتدأ من إعداد وجز السعف من الشجر بشكل طولي أشبه بالخيط وانتهاء بالزخرفة والتصاميم المختلفة.
رؤية اقتصادية
ونتيجة للأيادي العاملة في إنتاج الأدوات والتقليد من أشجار النخيل وأشجار الدوم وغيرها، وينظر خبراء إليها إلى كونها رافدا للاقتصاد الوطني يجب الاهتمام به وتنميته من خلال دورات تدريبية ودعم مادي ومعنوي للأيادي العاملة فيها.
وقال عيسى الزبيدي أحد المهتمين بتجارة وتصدير أنواع المصنوعات الحرفية من الساحل الغربي إلى كثير من المحافظات اليمنية إن الحاجة ملحة لدعم العاملين في هذه الصناعات التقليدية من خلال برامج تدريب يسهم في صناعات حديثة وبما يتناسب مع السوق العالمي.
ويرى خبراء الاقتصاد إلى أن الصناعات التقليدية بحاجة إلى الاهتمام من قبل الجهات المختصة والعمل من أجل تطويرها بما يناسب الأسواق العالمية مع الاحتفاظ بالطابع اليمني العريق وبيعها بالعملة الصعبة بدلا من كونها محلية لا ترقى إلى ما تحمله من دلالات تاريخية عريقة منذ قرون.
*يمن مونيتور