ضحكوا علينا الشماليين

علي هيثم الميسري
الجمعة ، ٢٣ ديسمبر ٢٠٢٢ الساعة ١٠:٥٤ مساءً

     في العام 78 إغتالوا صاحب أبين الرئيس سالمين بعد أن إنقلبوا عليه وحينما سـُئلوا لماذا قتلتوه قالوا ضحكوا علينا الشماليين ، وفي العام 86 إنقلبوا على صاحب أبين الرئيس علي ناصر محمد وحينما سـُئلوا لماذا إنقلبتوا عليه قالوا ضحكوا علينا الشماليين ، وفي العام 90 دخلوا وحدة إندماجية مع حكومة صنعاء وسلموا علي عبدالله صالح كل ما يملكه الجنوب وتنازلوا عن المنصب الرئاسي والعاصمة عدن والعملة الدينار الجنوبي وطيران اليمدا مقابل ثمن بخس عبارة عن ڤيللا في صنعاء وصالون أبو دبة وحينما سـُئلوا لماذا عملتوا هذه الكارثة قالوا أيضاً ضحكوا علينا الشماليين ، إذاً أليس هؤلاء الرعاع الأقزام غير جديرين بالسلطة في الجنوب طالما وأنهم لا يمتلكون العقل الراجح والسياسة المثالية في إدارة البلد ومن السهل الضحك عليهم والتأثير على قراراتهم من قـِبـَل لاجئين شماليين جاءوا هاربين من نظام صنعاء مستغيثين بإخوتهم الجنوبيين .

     وفي العام 94 تغير الأمر تماماً بطريقة أخرى وحاولوا يستعرضوا قوتهم ودخلوا في حرب جنوبية شمالية متناسين أو غافلين بأن قوتهم التي كانوا يمتلكوها في عهد رجال أبين وشبوة وبرئاسة الرئيس علي ناصر محمد قد إنقسمت فإحتفظوا هم بنصف القوة والنصف الآخر قد رحلوا وإحتظنهم رئيس الجمهورية العربية اليمنية علي عبدالله صالح ، فخسروا الحرب شر هزيمة يجرون خلفهم أذيال الخزي والعار وتشرذموا شذر مذر وتلطخت أخشامهم بالتراب وحينما سـُئلوا أولئك الأغبياء الرعاع لماذا خسرتوا الحرب هنا تغير جوابهم وقالوا السبب هم الخونة الجنوبيين (( يقصدوا النصف الآخر من الجيش الجنوبي الذي نزح إلى صنعاء )) وقلنا لهم مابالهم الخونة الجنوبيين قالوا هم من أدخلوا القوات الشمالية إلى الجنوب ، طبعاً كان جوابهم مطابقاً للمثل القائل عذر أقبح من ذنب .

     بعد هزيمتهم النكراء والمخزية مرت السنين تلو السنين والمراحل تلو المراحل وهم منبوذين مقهورين متقهقرين لا نسمع لهم بنت شفه ، كبارهم أُقصوا من المشهد ومن مناصبهم وصغارهم تقوقعوا في منازلهم مشاركين نسائهم في أعمال البيت وتربية الأولاد ، حتى جاء عهد فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي وكان جـُلَّ همه إعادة مظالم الجنوب والجنوبيين بكافة شرائحهم ولم يـَكـُن عنصرياً ولم يأتي منتقماً لحرب 86 بل جاء أباً متسامحاً مع الجميع وأعاد لكل الجنوبيين كرامتهم التي أهدرها علي عبدالله صالح وأستوعبهم جميعاً وأعاد إلى الجنوب كيانه المفقود فأعاد للجنوبيين حكمهم الذاتي الغير معلن والغير رسمي ولو بسلطاته حتى لا يـُتـَّهم بالنزعة الإنفصالية ، فـَمـَكـَّنهم من إدارة محافظاتهم فكانت المحصلة هي أن كل محافظي المحافظات الجنوبية تقلدها شخصيات جنوبية وكل مدراء الأمن أيضاً كانوا جنوبيين وقال لهم بلهجته البدوية الأصيلة أزقروا الأرض . 

     كانت عبارة أزقروا الأرض هي القشة التي قصمت ظهر البعير فقصمت ظهر عدن وتحولت العاصمة عدن إلى كعكة تقاسمها قوم يأجوج ومأجوج أو كما يحلو لي تسميتهم تتار القرية الذين توافدوا إلى عدن بعد تعيين قائدهم وملهمهم زعيم الزاقرين على الأرض عيدروس الزبيدي محافظاً لمحافظة عدن بمعية السبهلل شلال علي شائع الذي تعين مديراً لأمن عدن ، فلم يتبقى شبر لأبناء عدن المنبطحين الذين شاهدوا محافظتهم تتقطع أوصالها وهم فاتحين ثغورهم ولعابهم ينساب من ألسنتهم دون أن يحركوا ساكناً أو يـُسكـِنوا متحركاً في مشهد مؤلم وحزين على عدن الجميلة ، بل ما زاد الطين بله أن بعضهم ذهب بعيداً والبعض جاء قريباً ليطبل لهم ويتغنى بهؤلاء الرعاع تتار القرية بأنهم هم الثوار الذين حرروا عدن وهم الذين سيحررون الجنوب من براثن قوى الإحتلال اليمنية ويعلنوا عن عودة دولة الجنوب كاملة السيادة .

     فخامة الرئيس القائد عبدربه منصور هادي لم يكتفي بأن مـَكـَّن الجنوبيين من إدارة محافظاتهم إدارياً وأمنياً بل زاد على ذلك بأن منح الجنوبيين مناصب ريادية وقيادية ووزارية ، فكما أعتقد بأن فخامته قلب المعادلة أو لنسمـِّها القاعدة قاعدة الرئيس السلف علي عبدالله صالح فجعل غالبية المناصب الوزارية في الحكومة اليمنية لشخصيات جنوبية .

    وكعادة أولئك أصحاب القرية التآمرية التي جـُبـِلوا عليها منذُ ما بعد إستقلال الجنوب وبدلاً من أن يقفوا مع من أكرمهم ومنحهم تلك المناصب بعد أن أعاد لهم كرامتهم وأصلح أشكالهم المتسخة ورونـَقَ هندامهم فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي ذهبوا ليتآمروا عليه وعلى كل جنوبي وطني محترم بدءً من الرمز الجنوبي الحر السياسي المخضرم الدكتور أحمد عبيد بن دغر حينما أعلنوا النفير ضده تحت شعار إسقاط حكومة بن دغر ، ومروراً بذئب عله المهندس أحمد بن أحمد الميسري حينما أعلنوا ضده النفير الثاني وأقاموها حرب عليه وإنتهت بهزيمتهم ولاذوا بالفرار لقراهم قبل أن تتدخل قوى إقليمية ظلامية وتحسم المعركة بالتهديد والوعيد ، حتى وصل الأمر إلى طي صفحة فخامة الرئيس المشير عبدربه منصور هادي وهنا أؤكد بأنه طي مؤقت لصفحته الناصعة البياض التي لم تتسخ ببيع ولو شبر واحد من أراضي الجمهورية اليمنية .

     وهاهم الآن أبناء وأحفاد الرفاق القرويين الموقعين على الوحدة الإندماجية الذين لا يصلحون لممارسة السياسة وهم أقرب للعسكرة من خوضهم السياسة أو تربعهم على عرش السلطة نراهم وقد تصدروا المشهد ، وهم أصحاب شعار إستعادة دولة الجنوب الشعار الذي من خلاله تحولوا من مشردين على قوارع الطريق وشحاذين لا يمتلكون قيمة حبة سيجارة إلى مليونيرات بطونهم متخمة والسبب أنهم يمتلكون قطيع أقل ما نقول عنه أغبى قطيع في العالم ، فمنهم من تربع على كرسي نائب الرئيس (( عضوين )) ومنهم من تقلدوا حقائب وزارية في حكومة الإحتلال اليمني كما يحلو لهم تسميتها وطبعاً هذه المناصب كانت مقابل التآمر على فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي . 

     والسؤال الذي أحب أن أطرحه والذي لأجله كتبت هذا المقال بعد توقف طويل عن الكتابة هو  : يا ترى بعد أن يجد هؤلاء القرويين الرعاع أنفسهم خارج أروقة السياسة وإبتعاد مؤخراتهم عن كراسي المناصب بعد إنتهاء أدوارهم في تمييع القضية الجنوبية ويعودوا من حيث أتوا لجبالهم وإتساخ هندامهم وعودة عقارب الساعة إلى ما بعد العام 94 حيث تكون زمام أمور الدولة لإخوتنا الشماليين حينما نسألهم لماذا فعلتوا ذلك هل سيكون جوابهم كما كان جواب آبائهم وأجدادهم هو (( ضحكوا علينا الشماليين )) ؟ طبعاً في هذه الحالة سيقع لهم بالشبشب .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي