لن ترى الدنيا على أرضي وصيا

محمد بالفخر
الخميس ، ١٧ مارس ٢٠٢٢ الساعة ٠٥:١٩ مساءً

    هذه الأمنية التي صيغت خاتمةً في مفردات رائعة الفضول عبدالله عبدالوهاب نعمان الخالدة والمخلّدةِ لأسمه في الذاكرة الجمعية للشعب اليمني التي كتبها في منتصف سبعينيات القرن الماضي وأصبحت نشيداً وطنياً للجنوب اليمني (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) وبعد توقيع اتفاقية إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في 22مايو1990م صارت أيضاً النشيد الوطني للجمهورية اليمنية، وتغنى بها ورددها الصغير والكبير ويتم ترديدها كل يوم بدأً من الافتتاح اليومي للبث الإذاعي والتلفزيوني وفي طوابير الصباح المدرسية وفي كل الاحتفالات والمناسبات، وبها اختتم المايسترو الموسيقي الحضرمي محمد القحوم حفل السيمفونيات التراثية الذي أقيم بدار الأوبرا بالعاصمة المصرية القاهرة ليلة الخميس الماضي، 

ذلك الاحتفال الكبير الذي شاهده الملايين عبر القنوات الفضائية الناقلة وعبر الوسائل المختلفة المتاحة، وحضره جمع كبير من المسؤولين اليمنيين وفي مقدمتهم رئيس مجلس النواب وعدد من المستشارين والنواب والوزراء والسفراء اليمنيين وعدد آخر من الشخصيات الاجتماعية اليمنية وكذلك بعض الشخصيات من الدول العربية الشقيقة، إضافة الى عدد من المغتربين اليمنيين المقيمين في مصر، اكتظت بهم القاعة عن بكرة أبيها بحيث لم تجد مقعداً فارغاً كما قيل لي، فقد كانت ليلة من ليالي الخيال ربما كانت ليلة كوالالمبور الماليزية قبل ثلاث سنوات تساويها والتي كانت ليلة حضرمية صرفه، لكن ربما ليلة القاهرة فاقتها بالحضور الرسمي الكبير لرجالات الدولة اليمنية ورعاية الأخ المشير عبدربه منصور هادي رئيس الجهورية لها، وكذلك التغطية الإعلامية للقنوات الفضائية الرسمية وغير الرسمية، ومثل هذه المناسبات تدخل الى النفوس شيئاً من البهجة والسرور في خضم جراح الوطن التي مازالت تنزف دماً غالياً، 

فلهذا حظيت هذه الاحتفالية لدى عدد كبير من المواطنين اليمنين باهتمام بالغ لأنهم يبحثون عن لحظة فرح تنسيهم بعض آلامهم وهمومهم التي تكالبت عليهم من كل حدب وصوب، فلهذا رأينا تلك الأفراح والاحتفالات التي صاحبت فوز منتخب اليمن للناشئين ببطولة غرب آسيا لكرة القدم في شهر ديسمبر من العام المنصرم 2021م، توحدت معه القلوب في ظل الاختلافات السياسية على أرض الواقع، وها هي احتفالية القحوم للسيمفونيات التراثية كررت نفس المشهد في نفسية المواطن اليمني وبطريقة أخرى، فبعد سنوات من ضخ إعلامي مموّل وبكل الوسائل المسموعة والمرئية والمقروءة وخطاب تمزيقي  مناطقي وعنصري مقزز بلغت فيها البذاءات والاساءات مبلغها فيأتي المبدع محمد القحوم الحضرمي ليرد عليهم جميعاً ويقول لهم:

 (عشت ايماني وحبي أمميا 

ومسيري فوق دربي عربيا 

وسيبقى نبض قلبي يمنيا

 لن ترى الدنيا على أرضي وصيا) 

فشكراً للقحوم وشكراً للأخ الوزير معمر الارياني فقد كانت أفكاره ولمساته واضحة في البرنامج كاملاً وأهمها مقطوعة وطن الختامية،

وشكراً لمؤسسة حضرموت للثقافة وللداعمين لها بدون تخصيص أسماء فهم جميعاً مثلوا نقلة نوعية في الواقع الحضرمي وكما رأيناها بارزة في المؤسسة الأم (مؤسسة حضرموت للتنمية البشرية) ورعايتها لآلاف الطلاب الجامعيين،

صحيح قد يقول قائل وقد قالوا فعلاً أن الحفل كلّف ملايين الدولارات وحقيقة لم يرى أحدٌ من المتكلمين فواتير التكلفة، وأن الحفل في القاهرة وفيها آلاف المرضى القادمين للعلاج من مختلف المناطق اليمنية ومن حضرموت على وجه التحديد، وهناك أعداد كبيرة من جرحى الجيش الوطني الذين أصيبوا في معارك الشرف والبطولة ومعظمهم قد تقطعت بهم السبُل فلا يجدون حتى قيمة العلاج او تكلفة المصاريف اليومية، فحقيقة الأمر هم موجودون قبل الحفل وبعده، 

والسؤال هل لو لم يقم الحفل هل كانت ميزانية الحفل ستذهب إليهم؟ قطعاً الجواب لا. 

لأن الحقيقة تقع المسؤولية كاملة على عاتق الدولة اليمنية ومسؤوليها على وجه الخصوص ومن حضر منهم الحفل تحديداً والذين لو تبرعوا بنصف ما يستلموه لصالح المرضى أو جرحى الحرب على أقل تقدير لحلّوا المشكلة وكسبوا خيري الدنيا والآخرة، وكذلك الداعمين للحفل نذكرهم ايضاً بذلك وما على المحسنين من سبيل.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي