أتعرفون ماذا تعني المواطنة ؟

محمد سالم بارماده
الاثنين ، ٠٨ نوفمبر ٢٠٢١ الساعة ٠٨:١٠ مساءً

يظن كثير من الناس حول العالم أن المواطنة تعني "حب الوطن"، ولكن الحقيقة أنها لا تعني ذلك فقط، بل هي مفهوم غربي بدأ قبل الميلاد مع الحضارتين اليونانية والرومانية، وكان له معنى خاص في هاتين الحضارتين، وكان هناك تمييز بين مضمون المواطنة في كل من مدينة "أثينا"، ومدينة "إسبارطة"، المدينتين اليونانيتين، ثم أخذ معنى آخر في مرحلة العصور الوسطى في أوروبا، ثم أصبح له معنى ثالث في العصور الحديثة.

 

ينعكس مفهوم المواطنة في فهم اليوم الأكثر شيوعاً للمواطنة كذلك، والذي يتعلق بعلاقة قانونية بين الفرد والدولة. فمعظم الناس في العالم مواطنون قانونيون في دولة أو دولة أخرى مما يخولهم ببعض الامتيازات أو الحقوق. وكونه مواطناً يفرض أيضاً واجبات معينة من حيث ما تتوقعه الدولة من الأفراد تحت ولايتها وبالتالي يفي المواطنون بالتزامات معينة تجاه الدولة، وفي المقابل يتوقعون من الدولة حماية مصالحهم الحيوية.

 

تعني المواطنة الانتماء السياسي إلى الوطن، والتسليم لشرعيته والخضوع لدستوره وقوانينه؛ فهي في الفكر المعاصر مرحلة أعلى من الجنسية، وتُعبر عن الكينونة الاجتماعية التي تشكل جسم المواطنة وروحها، وهو ما يعني في نظر العديد من المفكرين والمصلحين السياسيين أنه رغم التغيرات الجوهرية التي اعترت مفهوم المواطنة عبر حقب التاريخ وتقلباته بسبب الحملات العنصرية والاستعمارية، ظلت مفاهيمها تمتد على مساحة واسعة من الزمن الإنساني إلى السلطة والثقافة.

 

إن المواطنة الحقيقية تعني حسن الولاء والانتماء للوطن, والحرص على امن الدولة الوطنية, واستقرارها, وتقدمها, ونهضتها, ورقيها, كما تعني الالتزام الكامل بالحقوق والواجبات المتكافئة بين أبناء الوطن جميعاً دون أي تفرقة على أساس الدين أو اللون أو الجنس أو اللغة ... المواطنة تعني أن نتحمل واجب الحفاظ والذود عن سيادته وأمنه واستقراره ووحدة أراضيه، ومن يخالف ذلك وينتهكه إنما هو مخالف ومنتهك للعهد في الوطن الواحد.

 

في اللغة، تعني المواطنة الانتماء إلى الوطن، والارتباط الوثيق به وبثرائه وقيمه وتاريخه وثقافته ومقدساته ومثله ومبادئه , كما تعني المواطنة أن يتمتع المواطن بكل حقوقه المدنية والسياسية ، وأن يقوم بأداء كل واجباته تجاه وطنه الذي يشارك مع الآخرين في صياغته وبلورة هويته ومطامحه.

 

الخلاصة أن "المواطنة" مفهوم ذو مضمون ثقافي وسياسي واجتماعي واقتصادي، ولا يعني حب الوطن فقط، وهو مرتبط بتكون (الوطن-الأمة) نتيجة عناصر ثقافية وسياسية واجتماعية واقتصادية ودينية في عصور متتالية، وقد فشل الفكر القومي العربي الذي قاد المنطقة في المائة سنة الماضية في توليد قيمة "المواطنة" لأنه فشل في تحديد عوامل بناء الأمة، لذلك لجأ إلى الروابط الدنيا من طائفية وقبلية ، وعمل على إحيائها من أجل إحكام سيطرته على شعوب المنطقة, والله من وراء القصد.

 

حفظ الله اليمن وشعبها وقيادتها ممثلة في فخامة الرئيس القائد عبدربه منصور هادي من كل سوء وجعلها دوما بلد الأمن والاستقرار والازدهار.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي