لماذا العجب؟!

موسى عبدالله قاسم
الاثنين ، ٠٩ أغسطس ٢٠٢١ الساعة ٠٣:٠٠ مساءً

لا أعلم سبب اندهاش البعض من الحقائق التي تحدث عنها القائد العسكري الإمامي اللواء أحمد أبو حورية، أحد القادة العسكريين والمشايخ القبليين بمديرية سنحان، في مذكراته المنشورة مؤخرا وتأكيده فيها على أنه لم يكن يوماً مع الجمهورية هو وكل مديريته سنحان، بل وافتخر بقتاله لها في صفوف العصابات السلالية العنصرية على مدى ثماني سنوات!!

هذه هي الحقيقة المرة التي يجب أن نعلمها جميعا، لقد سُرقت الثورة منذ مطلع السبعينات بعد أن سطا عليها اللصوص والطارئين على الثورة، وبعد اجتثاث كل الأحرار المؤمنين بالثورة والجمهورية مبادئا وأهدافا وقيما عبدالله حسين الأحمر، مثلاً، قامت الثورة وهو في السجن تكبله القيود والأغلال، ولولا ثورة الأحرار لظل نزيل السجن إلى أن يشاء الله، لكنه وبعد خروجه منه والتحاقه بالثورة عمَد على مشيختها وإجهاضها من الداخل واختزالها في نطاق جغرافي معين أشار إلى ذلك في مذكراته زعماً، لسان حاله أنا الثورة والثورة أنا، فلم يعجبه الزعيم السلال وكان دائم القول كيف لابن حداد أن يحكم اليمن، كما ولم يعجبه الفريق حسن العمري ولا الارياني ولا الحمدي، وكان علي عبدالله صالح خطيئة من خطاياه الجسام على الثورة والجمهورية والدولة اليمنية برمتها. تم قتل أغلب الجمهوريين الحقيقيين ونفيهم أو التضييق عليهم وطردهم من أعمالهم وصلت بهم الجرأة حد سحب الجنسية اليمنية من أبرز رموز الثورة الدكتور عبدالرحمن البيضاني واستاذها احمد النعمان، وتحضَّن أحمد محمد الشامي وزير خارجية الامامة إلى اخر دورة من دورات الحرب ضدها، وعينوه في مجلس قيادة الثورة! والذي من اعماقه أنشأ مجلس حكماء اليمن الكيان الامامي الذي اختبأ في شرايين الجمهورية حتى أتى عليها من الداخل عند بلوغ صبيِّهم الحوثي، كانت أحداث أغسطس 68م إحدى الكبائر التي طالت الجمهوريين الحقيقيين أصحاب مشروع بناء الدولة الأفكار والمبادئ الثورية الخالصة، حد وصف الأستاذ البردوني، وبعدما تم التخلص منهم تسلق اللصوص الذين كانوا في صف العصابات الكهنوتية أمثال أحمد أبو حورية ومهدي مقولة والمُطاع وقاسم الروحاني وأحمد الوشلي وغيرهم الكثير الكثير، وهذين الأخيرين تقلدا منصب قائد لواء الثورة، اللواء الأول مشاة، أحد أقدم ألوية الجيش الجمهوري!!، وفعلا به وبمنتسبيه مالم تستطع فعله العصابات الهاشمية في الستينات فلماذا الاندهاش إذن؟ إذا كان اللواء علي محمد صلاح الذي كان يُفصّع في كل عرض عسكري، من الذين قاتلوا الثورة والجمهورية ثماني سنوات، فيما الكثير من الأحرار الذين دافعوا عنها قتلوا وسُحلوا في شوارع صنعاء أو أخفوا قسريا حتى اليوم أمثال القائد علي مثنى جبران!!

لم يبدأ عقد السبعينات إلا وكان ثوار سبتمبر وكل مجلس قيادة الثورة في عداد الموتى أو المنفيين قسرياً خارج حدود اليمن، بما في ذلك قائد الثورة الزعيم السلال، حتى الفريق العمري دُبّرت له مكيدة وأُخرج على أثرها من اليمن في منفى اختياريا، بل وظلّت عملية الإخفاء القسري إلى نهاية السبعينات في عهد حكم الحمدي حيث أُخفي أحد ضباط اللواء الأول مشاة الملازم عبدالعزيز أحمد عون، واحدٌ من شباب اليمن الأحرار المتنورين!!

هذه هي الجمهورية المظلومة، الجمهورية التي سطا عليها اللصوص وسفلة القوم، وأعادوا عصابات بني هاشم من شباك المصالحة بعد أن ركلهم الأحرار، وليس أمام أقيال اليمن اليوم إلا تدارك تلك الأخطاء الكارثية وقطع جذور أسبابها والتأسيس لدولة المواطنة والعدالة القومية وإعادة بناء اليمن الجمهوري القومي الاتحادي الجديد بعد طي صفحة الكهنوت السلالي العنصري.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي