في حضرة أمي

رفيق علي هادي
الأحد ، ٢١ مارس ٢٠٢١ الساعة ٠٤:٠٦ مساءً

على متن قطار الحياه السريع الذي ركبته ذات يوماً طفلاً فأبتعد بي ورحل دون أن يأخذ مني الأذن،

أحاول النزول لكن الابواب مؤصده جداً، أعطوني  هاتفاً لاتنفس من خلاله وأشم عبره رائحة أمي وعائلتي و وطني، يبدو إن خيار النزول او العوده إلى الخلف غير متاح في هذه الرحله الإجباريه، مؤلم جداً ان تستبدل أمك ووالدك ووطنك بجهاز إلكتروني تشاهدهم عبره تحاول الاختراق لكنك لا تتمكن، كل ما تتمناه مصافحة تلك اليد التي اصابتها الحياه القاسيه بخدوش وتتلمس خدود أمك المتجعده والتي تبدو انها جميله أكثر مما كانت عليه شابه، هناك فقط أستطيع العوده إلى طفولتي وأرى الحياه من النافذه التي كنت اراها ذات يوم ساخرا منها ومتهكماً، لكن الأقدار لها خيارات أخرى وقرارات شديدة القساوه والألم، حيث تصعقك بأخذ مالم تتوقع أن يؤخذ منك يوماً وتنهي اشياء لم يكن بحسبانك ان لها نهايه إطلاقاً، أسترق القطار من طفلوتي عشر سنوات ليرميني شاب عشريني في بلد آخر لا أعرف فيه أحد، لغه أخرى واشكال مختلفه  حتى الشوارع وحركات السير معاكسه لما تعودت عليه، وها انا ذا ابدأ من الصفر كما بدأت ذات يوم إلا أن الفرق إنني انطلقت من حضن أمي في بدايتي الأولى وعدت إليه وهذه المره لا حضناً ولا وطناً ولا أباً، ليس  لي وزراً في كل هذه الأحداث إلا إنني خُلِقتَ في وطن يسمى " أليمن " أجتاحه ألكهنه على حين غفله يحملون قلوب متوحشه وعقول متحجره لا دموع أطفال ونساء وكهول تلامس قلوبهم ولا مواقف واحداث وقصص وكلماات تخاطب عقولهم، مجرمون بالفطره وإرهابيون بالعقيده، بددو أحلامي وأحلام ملايين الأطفال والشباب، امهات فارقن الحياه كمداً  وأباء أصيبوا بالعمى قهراً  وارتحلوا جميعاً كما هو حال أمي وأبي دون أن اتمكن من وداعهم وكذلك الكثير من اليمانيون لم تتيح لهم الحياه بلقاء آخر، إلا أني أجلت لقائي بهم إلا حضرة العظيم الرحيم هناك سأقتص من المجرمون واعانق أمي وأبي بلهفه ثم نذهب إلى الجنه سوياً باذن الله،

الحجر الصحفي في زمن الحوثي