عبدالله عثمان فقيد اليمن والمملكة

محمد المقرمي
الجمعة ، ٠٤ سبتمبر ٢٠٢٠ الساعة ٠١:٤١ صباحاً

 

أسبوع مضى منذ رحيل عميد المصوّرين عبدالله عثمان غانم الذي وثّق بكامرته أولى انطلاقة الأندية الرياضية في المملكة ورافق نجاحها وتمكّن بقدراته الفنية إبراز نجوم الرياضة منذ ما يربو على ٤٠ عامًا، سخّر جهده وطاقاته وهواياته الفنيّة في التصوير حتى جمع أكبر ارشيف للرياضيين من بدايات نجومية اللاعب السعودي الشهير ماجد عبدالله الذي أسمى نجله الأول عليه حبًا فيه والرياضة مرورًا بالأجيال المتعاقبة إلى آخر أيام حياته.

من يرغب في معرفة أثر الفاجعة التي حلّت بمحبيه بعد رحيله المبّكر فليقرأ في الصحف والمواقع وفي تويتر تحت هاشتاج #عبدالله_عثمان ليعرف مدى حسرة أصدقائه ومحبيه عليه من الرياضيين بمختلف الأندية الرياضية والإعلاميين والصحفيين والمصورين؛ حيث كسب قلوب الناس ببساطته وتواضعه وتميزه في أدائه، كيف لا وهو من حفظ تاريخ الرياضة بأرشيف يحوي مئات الآف من الصور كفيلة بإنشاء متحف رياضي فنّي وفق مراحل تاريخ الرياضة السّعودية.

حاولت قبل أشهر أن أقتبس من وقته الثمين قليلاً لأجري معه لقاءً صحفيًا يوثق مسيرته الحافلة في التصوير الرياضي وكذا في تصوير أجيالنا نحن أهله في قريته المقارمة بمحافظة تعز اليمنية حيث وجدنا صورنا وصور أبائنا وأجدادنا في أرشيفه، كان يهدينا كل ليلة صورة في منتدانا الثقافي ليعود بنا إلى ذاكرة الزمن الجميل ويسرد لنا سيَر الأوّلين لنتعلم من تجاربهم، صور وثقها منذ وقت مبكر في بداية الشباب وخلال زياراته الصيفية لأهله في تعز، فهذه الثروة جديرة بالاحتفاء وكنت أودّ أن أوفّق في توثيق لقاء لكنّه أرجأه بسبب انشغاله المستمر وعدم حبه للظهور فقد سبق واعتذر لقنوات رياضية في المملكة وصحفيين أرادوا أن يجروا معه لقاءً يسرد فيه سيرته ومسيرته مع التصوير لما الصورة من أهمية في حفظ التاريخ، فهو لا يقل أهمية عن كبار المؤرخين الذين حفظوا تاريخنا كأخيه البروفسور أ.د.سفيان المقرمي أحد أكبر المؤرخين المعاصرين في اليمن.

لم يفقد الراحل الرياضيون في المملكة وحسب؛ بل فقده الجميع في اليمن والمملكة، فقده المغتربون في المملكة الذين كان يوجههم بنصحه الدائم ويقف معهم في كل قضية إنسانية، فقدته الأسر المحتاجة في قريته تلك التي كان يتفقدها بشكل دائم بصمت وهدوء، فقده المرضى الذين كان يساندهم بالأدوية وتكاليف العمليات، فقدته الأعمال الخيرية في قريته، رحل وبسمته حاضرةً في وجداننا، رحل وترك سيرة طيبة وبصمات إنسانية في قلوب أهله وجيرانه ومحبيه، رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى.

قال أخوه أستاذنا أحمد عثمان: "رحل أكبر الأعمدة التي جعلها الوالد سندًا لنا" عبارة بليغة موجزة تختزل معاني الفقد، تحمّل أبنائه الميامين بدر ومحمد وعبدالرحمن وعثمان المسؤولية بعده في بيته وهم جديرون بها، تقبّلوا الفاجعة بقلوب راضية بقضاء الله، أعانهم الله وألهم زوجته الصبر والسلوان على هذا المصاب الجلل الذي جاء بعد عامين من رحيل فلذة كبدها ابنهما البار ماجد ذلك الشاب الخلوق الذي لا يشبهه أحد في صفاته النبيلة، رحمهما الله جميعًا وأسكنهما الفردوس الأعلى.

 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي