حضرموت أولاً

محمد بالفخر
الخميس ، ٠٣ سبتمبر ٢٠٢٠ الساعة ٠١:٤٤ مساءً

    مقال الأسبوع الماضي كان بعنوان (حضرموت قالت كلمتها) بعد الفعالية الجماهيرية الكبيرة للائتلاف الوطني الجنوبي التي أقيمت في مدينة سيئون حاضرة الوادي الحضرمي، وقد تعرضت لهجمة شرسة من خربشات ذباب وسائل التواصل المتشبعين بثقافة (ما أريكم الاّ ما أرى) والتي جسدوها واقعاً منذ نصف قرن أو يزيد بشعارهم النّكِد (لا صوت يعلو فوق صوت الحزب)،

فبدلاً أن تتم مناقشة ما تمّ طرحه في المقال أظهروا الإفلاس بالهجوم المباشر عليّ شخصياً ومن خلال أسمائهم المستعارة أو من خلال بعض الأسماء التي لم تعد تملك في وجوهها ذرةً من حياء حتى وإن جمعك بهم ذات يوم لقاءات وزيارات وصداقات وعيش وملح، وهذا أمرٌ ليس بمستغرب فأساتذتهم قتل بعضهم بعضاً وهم قد أكلوا على مائدة واحدة وخزنوا في ديوان واحد وجمعتهم أشياء كثيرة وفي مكانٍ واحد، وصدق فيهم قول الشاعر صالح بن عبد القدوس:

إذا قلّ ماء الوجه قلّ حياؤه

ولا خير في وجهٍ إذا قلّ ماؤه

حياءك فاحفظه عليك وإنما

يدل على فعل الكريم حياؤه.

الائتلاف الوطني الجنوبي يا سادة يا كرام رفع شعار (حضرموت أولاً) لاستعادة مكانتها وحقوقها وثروتها كإقليم مستقل من ضمن الأقاليم الستة لمشروع اليمن الاتحادي ومن خلال هذا المشروع ستستعيد حضرموت مكانتها وقيمتها وسيصبح أبناؤها هم من يديرون اقليمهم ويقدمون نماذج في التنمية والإعمار وقبله سيستعيدون ثقافة اجدادهم المبنية على التسامح والسلوك الحسن  مجسدين الأمانة واقعاً ملموساً في كافة مسارات حياتهم، ومن هنا كان حماسنا لمشروع الدولة الاتحادية الذي أراه انقاذاً للبلاد كلها مما تعانيه من أزماتها السابقة واللاحقة، ويأتي حماسنا لبرنامج الائتلاف الوطني الجنوبي لأنه واضح المعالم ومشروع وطني بحق ويسعى لتحقيق مشروع الدولة الاتحادية التي يراها حلاً للقضية الجنوبية برمتها ولكل القضايا الشائكة التي خلفتها الأنظمة السابقة، ومن وجهة نظري أراه أفضل الحلول المتاحة وأقلها كلفة محلياً واقليمياً ودولياً،

وأمّا ما نراه في مشاريع الآخرين ما هي الا مشاريع صنعت لتنفيذ اجندات طامعة في السيطرة على الأرض والانسان، على الأرض لنهب خيراتها والاستفادة من موقعها خدمة لأجندات أكبر والتي لم تعد خافية على كل ذي بصيرة، وفوق كل ذلك القضاء على الانسان فكرياً ومعنوياً بحيث يصبح مجرد رقم غير محسوب ضمن قطيع كبير سيصدق فيه قول الشاعر احمد مطر:

قطيعٌ نحنُ والجزّار راعينا

ومنفيون نمشي في أراضينا

ونتقبل تعازينا لنا فينا

فوالينا أدام الله والينا

رآنا امّة وسطاً

فما أبقي لنا دنيا

ولا أبقي لنا دينا.

وأقول للعقلاء لأهل حضرموت خاصة من باب التذكير فقط، هل فكّرت بجدية في الشعارات التي يرفعها باعة الوهم طالما أنك لا تريد أن تدرك أبعاد الاجندات التي تحركهم، هل فكرت بشعار استعادة الدولة؟ ماهي تلك الدولة المراد استعادتها؟ ستقول دولة الجنوب العربي وسأسالك ايضاً هل هناك دولة كان اسمها الجنوب العربي أم انه مشروع بريطاني هم من حاربوه اسمه اتحاد الجنوب العربي وحضرموت لم تكن بحال من الأحوال ضمن خارطة ذلك المشروع الذي مات في مهده ولم يرَ النور، ثم العلم الذي ترفعه بنجمة الماركسية الحمراء علم من أيها الرفيق؟

اليس هذا التيار وهذا الفكر هو من أسقط حضرموت وضمها اليها وقضى على هويتها وتاريخها وبمساعدة بعض السذج من أبنائها ممن ساروا في ركابهم كحال البعض الآن في النسخة المجددة؟ طبعا لن تكون لك إجابة! فقد أجاب عنك احمد مطر قبل أربعين عاما حين قال:

أفلح السحرُ

فها نحن بيافا

نزرعُ القاتَ

ومن صنعاء

نجني البرتقال.

ولهذا نحن مع حضرموت أولاً وثانياً ولن نرضَ لها البيع في سوق النخاسة.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي