الهجره بين الحلم والحقيقة ( 1 - 2 )

رفيق علي هادي
السبت ، ١٥ أغسطس ٢٠٢٠ الساعة ٠٢:١٤ مساءً

على متن الطائره بجوارك  يركب  رجل مع زوجته تبدو السعاده  عليهما 

تسترق أذنيك  اجزاء  من كلامهما وقد تبين إنهما ذاهبَين  لقضاء  إجازة  الصيف  في إحدى  الدول  الأوروبية، على الجانب  الآخر تقف شابه توحي  ملامحها  بأنها  من امريكا الجنوبيه ، في اثناء  الهبوط  قالت إنها ذاهبه  لقضاء  عطلة الأسبوع  مع صديقها  في مدريد، في المقعد  الأمامي  شاب منهمكاً في العابه يضع سماعات  على أذنيه يبدو  إنه يستمع  إلى موسيقى  اجنبيه، كلهم يحملوا  جوازات  تؤهلهم لدخول ذلك البلد  باستثنائك  انت. تجتحاك هموم الأرض  مجتمعه  عن ماذا ينتظرك  وماهو  التالي، تغمض عَينَيك رغم إنك تحاول  المقاومه لتستمتع   بمنظر  السماء  للوهله  الأولى، هاهي  تلك الشقراء  عاودت  مغازلتك   الآن مرتديه  أجمل  الملابس، تستيقظ  بسرعه  متوقعاً بإنك قد وصلت وفجأه  تكتشف  إن  ألطريق  أطول  مما تتخيل، على حدود القاره العجوز  تنتحر  أحلامك وتتبدد  طموحاتك، يبدو  إن  تلك المغازله  لم تكن حتى حلماً فمن  الأحلام  ما يتحقق، تستهل  وصولك  ببصمة  دبلن  والتي  ستطاردك  كظلك  في  ارجاء  القاره  العجوز، لن تستطيع  الإفلات  منها مهما حاولت الهرب، هي كالموت  قدر  محتوم  عليك الاستسلام له، تنهال عليك الاسئله  وتتغير  ملامح   المحقق، لم يكن هذا هو المتوقع، انا لا اريد اللجؤ  هنا يا سيدي، إما أن تبصم  وإلا ستعود إلى وطنك، هكذا يرد عليك مسؤل البصمه، لم يعد امامك  مجال للتراجع  أو المقاومة، عليك الاستمرار  إلى الأمام، على الورق  البيضاء  وضعت  بصماتي  العشر، مستودعاً السماء مستقبلي  وأحلامي، هلّي  بجزء من الراحه يا سيدي؟ نعم تفضل إلى مركز  التوقيف، ها أنا ذا مرمياً على أحد الأسره   لا أريد شيئاً غير النوم، يبدو  إنك  لا ترغب بالبقاء  هنا  كيف نعم وأهلها  يهجرونها  إلى بلداناً أخرى، ستكتشف  لاحقاً إن  غلطتك  الكبرى  كانت تلك البصمات  ألتي وضعتها  مرغماً دون حولاً  لك ولا قوه، كما ستكتشف  إن  تلك المغازله  لم يكن عليك الانصياع  لها فقد رماتك  في الشوارع  وحولتك  إلى مشرد بعد إن  كنت نائماً في منزلك أو حتى في منزل جدك أو أحد اقاربك  إن يكن منزلكم  قد هدمته  الحرب، كما ستكتشف إن المستقبل  تصنعه  أنت بنفسك  لا بلداً ولا قاره يمكنه  أن يساعدك  في ذلك، وستعلم  إن أولئك  المشردين في الأفلام الأمريكيه يعيشون  في أرصفة أوروبا وليست مجرد قصه أو روايه أو خيال، وأن كذبة  إبريل  الحقيقه  هي الهجره  إلى أوروبا  للحصول  على حياه جديده وآمنه  ومستقره، وإن غلطتك  العظمى  كانت تصديق  ذلك الحدس  والخيال   وإنه ما كان يجب عليك الانجرار  خلفه،  وإنك  كنت ستصنع  مستقبلاً أجمل  في إحدى  الدول  الصغيره، وإن الأحلام والخيالات لا يثِق بِها أحد، ستكتشف كل هذه التفاصيل عندما ترفضك الدوله الأولى متحججه  بتلك البصمه  ألمشؤمه، وكذلك عندما تضع رآسك على أحد الكراتين في زاوية إحدى الحدائق لتنام في العراء  تلتحف السماء وتفترش الأرض ، وعندما تاخذك الشرطه كمجرم حرب  إلى مركز  الترحيل، ستعرف  عندما تتغلق امامك  كل الأبواب وتبدأ افكارك  تتمحور حول  الإنتحار لانهاء هذه المهزله، ستتيقن من كل هذا عندما يتعذر  عليك الحصول  على وجبه  واحده  في اليوم، عندما تبدأ قطرات المطر  بالتساقط  وانت تقف وسطها  لتغتسل  رغماً عنك، عندما ترتجف أعماقك برداً وتتجمد أطرافك ولا يلتفت  لك أحد، كل هذه الأشياء ستعيشها  إن أستجبت لعاطفتك  ورغبتك  في الحصول  على  مستقبل  أفضل  في القاره  العجوز،

الحجر الصحفي في زمن الحوثي