رحلتي البحث عن وطن ( 1 - 2 )

رفيق علي هادي
الخميس ، ١٣ أغسطس ٢٠٢٠ الساعة ٠٦:٠٨ مساءً

من أحد المنافذ  اليمنيه  توجهت  عبر دوله خليجيه  إلى تركيا ومنها  إلى  الإكوادور ثم إلى اسبانيا ومنها إلى بلجيكا، كنت قد عزمت على العبور  إلى  المملكه  ألتي لا تغيب عنها الشمس، في جوار  الملكه  ألتي  لا يظلم  عندها  أحد،

ولكن كما يقال تأتي  الرياح  بما لا تشتهي  السفن، تزامن وصولي  اوروبا  مع فصل  الشتاء  بداية العام 2020, كلاجئ  لا مال لديا  لاستئجار سكن  وشراء  طعام وشراب لحتى وصولي  المملكه المتحده،  قررت تقديم لجؤ في بلجيكا لغرص الحصول  على مأوى  لحتى انقضاء  فصل الشتاء، لم يطل  البقاء  في بلجيكا فقد استبقتني السلطات  بقرار  الترحيل  إلى اسبانيا قبل أن احزم امتعة  الرحيل ، ولكن الاقدار  تهيئ  لك الظروف   وتختار  لك الزمان والمكان المناسب، فجأه  توقف كل شيئ  بما في ذلك  ترحيلي  وكما يقال رب ضارة  نافعه  هناك متضررين  من كورونا  وهناك  مستفيد  كنت أنا احد  ذلك  المستفيدين، تم اخراجي  من مركز  الترحيل   ومنحي  فترة اسبوع  لمغادرة  الأراضي البلجيكيه ذاتياً، ولكن هناك بشراً لأ تخضع إنسانيتهم لقوانين  السلطات، استضافتني  إحدى  العائلات  لفترة انتهاء  كورونا، نحن الآن على مشارف  المرحله  الاخيره  من فترة كورونا، في بداية  شهر  يوليو  كانت عقارب الساعه  تنذرني  بالمغادره إلى فرنسا  لاستئناف رحلتي  إلى مملكة  ألانسانيه، لم يكن لدي خيار  إلا الإنصياع لعقارب  ساعتي  والذهاب  فوراً إلى كاليه  كيف لا انصاع  وهي صديقتي  ألتي  صمدت  معي طوال سنوات تحت كل الظروف  لم تطلب  مني شيئاً، في كاليه فرنسا غابة  الوحوش  

هناك حيث يقتات  البشر  من لحوم  بعضهم، وكإني  في أحد الأوطان  العربيه  مره أخرى، المال  هو سيد الموقف، ستجد المهربين  بأسمى وهميه  وصور  موحشه لا يعنيهم  إلا كم ستدفع،

في بلم  الموت  بعد اسبوع  من وصولي  كانت إولى  محاولاتي  العبور  إلى وجهتي  الاخيره  في "رحلتي  البحث  عن وطن " عبر البحر  المجنون  كما يسمونه  كانت الطريقه    الوحيد  ألتي  يجب  أن اسلكها للوصول، في الساعه  العاشره ليلاً  بدأنا  السير  راجلين  إلى نقطة  الانطلاق، كل اثنين  مع بعض،

يفصل  الاثنين  عن الاثنين الاخرين  مسافه  يستطيع  كل منهم  رؤية  الآخر  في حال ضل أحدهم  طريقه، في جوار  الشاطئ  سنتقابل  مع وحوش وكإننا لم  نلتقيهم  من قبل، هم من كانوا  يبتسمون  لنا في الغابه وقت الإتفاق  وتسليم  المال، قال أحدهم أنا هنا لست الشخص  الذي أضحك  معكم  هناك، في تلك  اللحظه  تجتمع  عليك كل أحزان الارض  ورعبها،   حتى  لو هممت  على الإنسحاب  لن تتمكن  من إستعادة  مالك وقد تفقد حياتك، هنا ما يسمى  بالمسار  الوحيد  أو الإتجاه الإجباري، الجميع  يرتعش  خوفاً وبرداً وجوعاً، هناك مثل يمني يقول"البرد والجوع والمخافه"

التقيناها مجتمعه  في نقطة  الإنتظار  وكأنهم يمتحنوك  لترى  من البحر  مخرج  إلى إستعادة  ذاتك وحياتك من جديد  ولو لساعات  أو دقائق لأنكَ قد تفقدها  مره اخرى  في عمق البحر، ابحرنا  بعد منتصف  ألليل وخلال 15 دقيقه تعطل المحرك  ولم نتمكن  من إصلاحه  ثانيه، في الساعه  السابعه  صباحاً رميناه  في البحر  لكي  نخفف  من حمولة  البلم، التاسعه صباحاً بدأ الماء  يتسرب  إلى البلم، آذن  الجميع  بالهلاك، وفي اللحظه الآخيره قبيل  الظهر   انقذنا  خفر السواحل  الفرنسي  بعد إتصالات  منا ومناشدة  لأكثر من مره، في الرابعه عصراً كنا قد عدنا إلى "كاليه" منهكين  لدرجة  إن أحدنا  لا يستطيع التنفس  أو الحركه، نحن الآن في الاسبوع  الثاني  من تاريخ وصولي وفي نفس الموعد  بدأنا  بالتحرك  ثانية  إلى نقطة الانطلاق، هناك حيث تمر  الثواني  ببطء  وكإنها  متأمره  مع المهرب  لانهاكك وإذلالك، هذه المره  كان البرد قارصاً لدرجة  أن قلبي كان يرتعش  لوحده وكل جزء من جسمي يبرد  منفصلاً ، الخامسه  والنصف  على الشاطئ   صعدنا  بلم  الموت  لنبدأ  معاناه  جديده  إلا إنها اكثر  حريه  وأماناً حتى وإن كانت أكثر  خطوره، عندما  تختار  طريق الموت  بنفسك  يصبح  متعه هكذا كنت ارى  في البحر. التاسعه  صباحاً جأت ملائكة  الرحمه  لتنتشلنا من وسط  الأمواج لنمتطي  إحدى  سفن مملكة  ألانسانيه  هناك شعرنا  بإننا ولدنا  من جديد وبدأت دمائنا  تجري  بسلاسه  في عروقنا ألتي كانت جافه منذ المساء، عانقنا  هواء  انجلترا وتدفق علينا  بكل قوه  وكإنه يرحب بنا، قائلاً "مرحباً بكم في بريطانيا العظمى" Rafeeq Ali hadi

الحجر الصحفي في زمن الحوثي