الوحدة تاريخٌ متجسّد في اليمنيون حضارةً وتاريخ

أسعد عمر
الخميس ، ٢٣ مايو ٢٠١٩ الساعة ٠٣:٥٥ صباحاً


تتزامن الذكرى الذكرى الـ29 لتحقيق الوحدة اليمنية، في الـ22 من مايو المجيد للعام 1990م، واليمن تعيش مخاضات صعبة، بسبب الإنقلاب والتوسع للمشروع الحوثي المسنود إيرانياً، وما نجم عن ذلك من أضرار تهدد وحدة اليمن وسيادته وسلامة أراضيه.

وسط هذة المعمعة تبقى وحدة الشعب اليمني بكل معانيها الإنسانية هدف كل يمني حر، مهما كانت الصعاب، وأياً كانت الظروف، فلن يكون لأيٍ منا مكانته بحدود صغيرة، وستكون بكل تأكيد بلا سيادة أيضاً وخاضعة لأحكام الوصاية، وكلنا يعي حجم المطامع للدول الكبرى، ولدول أصغر شأناً وقيمةً ومكانةً من اليمن، وفي هذا دلالة وإشارة يجب أن يفهمها الجميع، والتي سيبقى الرهان لمواجهتها على الشعب اليمني، الذي امتلك على مدى تاريخه الضارب الجذور حضارةً عريقة، تجسدت فيها مظاهر التلاحم والترابط والتماسك الإجتماعي في مختلف المراحل.

إنه رهان له شواهده التاريخية، فرغم ما عرفه أبناء اليمن  من تعدد لنظم الحكم السياسية، وظهور لحكم الدويلات، إلا أن وحدتهم الإجتماعية كانت منبثقة ولا تزال من طبيعتهم الإنسانية، التي جعلتهم أصحاب حضارةً واحدة، حيث مثلت وحدة اليمنيين في طليعة نضالات رموزه الثورية، كهدف منشود ساد كل مراحل النضال الوطني.

ومع ذلك؛ علينا عند كل حديث عن الوحدة وشكلها أن نراعي ونعي ما تسببت به سنوات مضت تجاوزت الخمس عشرة سنة من التعبئة والتحريض على الإنفصال، كرد فعل على ممارسات الاقصاء والتهميش، التي عاشها أبناء الجنوب، وعدم التعامل معها بمسؤلية من قبل الأحزاب والمكونات السياسية، لمواجهة مخاطر الإنفصال بدلاً من التطنيش أو المجاراة واللعب بمشاعر المواطنين، وقد كان الأسواء في هذا السياق أنشطة تقسيم مكونات الحراك واستهداف نشطائه الصادقين من قبل أجهزة  النظام القديم، الذي استمراء مهمة غرس المندسين، ودفعهم للمزايدة باسم الجنوب، بدافع الهروب من الإستجابة لكل المطالب بالإنصاف وتجاهل المعالجات والحلول المطروحة.

ومهما كانت المعوقات والإختلالات التي اعترت مسيرة اليمن في ظل الوحدة، وما نتج عنها من آثار مست مشاعر بعض أبناء الشعب؛ فإن المشاكل لم تكن في المنطلقات والغايات، بل في الأساليب التي اتُبعت، والتي لا ينبغي الإستسلام لها، فأمامنا من الفرص الكثيرة لوضع الحلول الناجعة لكل المشكلات والإختلالات، من خلال إرساء أسس الدولة الاتحادية الحديثة، التي اختطها أبناء اليمن من خلال مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، التي ضمنت قواعد جديدة تضمن الشراكة العادلة في السلطة والثروة.

لتكن ذكرى تحقيق الوحدة فرصةً مناسبة للعمل على بعث كل القيم الجامعة للشعب اليمني، وتعزيز هويته الوطنية والإعتزاز بتراثه المجيد، وإحياء القيم الوطنية المتمثلة بالوحدة، والتلاحم، كمرتكز أساسي في مواجهة كل المخاطر التي تحيق بسيادته، وسلامة نظامه الجمهوري التعددي، ومجابهة كل مظاهر الإنقسام المناطقي والطائفي، والقضاء على أفكار وجماعات العنف والتطرف والارهاب.

ومما ينبغي التأكيد عليه هنا، أننا بكلامنا هذا لا نتجاهل من لهم مطالب مخالفة، وأعني هنا أصحاب دعوات الإنفصال، فمن حقهم ذلك، لكن المنطق والعقل يقتضي منهم ومنا أن نجعل القضاء على الإنقلاب وهزيمة المشروع الإيراني هو الهدف الرئيسي، الذي يجب أن نجتمع عليه أولاً، ومن بعد ذلك نتحول لحسم هذا الأمر، فليس بالمقدور فرض خيار الوحدة إذا ما أجمع أبناء شعبنا في محافظات الجنوب على هذا الحق، وهو الحال نفسه مع أبناء شعبنا في الشمال، فلا وحدة بالإكراه ولا إنفصال بالقوة.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي