السلام عند "الحوثية"، هدنة مهما طالت، لحرب أخرى، وستكون أشد وطأة.
وتسعى "الحوثية" لتثبيت أركان قوتها عبر نفي المرجعيات وتأسيس شرعية تكون هي المتحكم فيها لاستمرار بناء القوة.
وكما قال الكاهن الصغير عبدالملك: "سنحارب إلى يوم القيامة"، من أجل ولايتهم، التي يرونها، دينا وحكما واستعلاء واستيلاء وقرارا إلهيا.
ولو تم رصد الانتهاكات المتنوعة للحوثية، العسكرية والحقوقية، وعمليات النهب التي تزداد وجمع الإتاوات منذ انتهاء المشاورات، سنجدها كثيرة.
فالحوثية تبحث عن تهدئة لتأمن وتتفرغ للإيذاء وإذلال يمنيين كمدمن مريض.
لذا لن يتحمل الشعب اليمني، مهما كانت الضغوط، شرعنة دجالين وجريمة محترفة.
كما أن "الحوثية" في كل إجراءات بناء الثقة، قبلتها خلال المشاورات شرط إعطاء الأمم المتحدة في كل ملف حق الإشراف، والهدف من ذلك إضعاف حق الشرعية في الهيمنة على القرار والسيادة، وفضلت "الحوثية" الوصاية الأممية علی السيادة الوطنية والشرعية.
أما شعارات "الحوثية" فكاذبة، وحربها تدار في حق اليمنيين من أجل أن يحكموا بلادهم، وأجنداتها مركزة على تهميش الشرعية والمرجعيات.
والمشكلة ليست في "الحوثية" فطبيعتها وكهنوتها لن يتغير أو يتبدل، فقط تغير في الأشكال وحسب الظروف والحاجة.. بل في اليمنيين الذين يقاتلون معها، ويساعدونها في هدم نظامهم الجمهوري، وتغيير هويتهم، لتحكمهم العنصرية كعكفة بلا إرادة، والأقبح من يسوقها وقناعاته أن ولايتهم تهدم المواطنة من جذورها.
وحالياً سلطة "الحوثية" تتهاوى، وستجد نفسها تنظيما مغلقا على نفسه، وستجدون الحديدة كسلطة ومجتمع جمهوري نافيا للولاية، بمجرد أن تشتغل السلطة المحلية.
فسيحدث التحول فور الانتقال من إشراف اللجان الحوثية إلى إشراف الأمم المتحدة، من مشرفين حوثيين إلى مشرفين أمميين، والأمم المتحدة لديها أنظمة ولوائح، ستحترم السلطات المحلية.
وسيتم إنهاء سلطة المشرفين واللجان الشعبية، وتعود الحديدة لأهلها، وستتحرك الجبهات لكسر شوكتها في أماكن أخرى، أكان التزمت بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في السويد أم لم تلتزم فالسقوط قادم والمسألة مسألة وقت.
الجميع أصبحوا يدركون اليوم أن الحوثية لا تريد دولة ولا شرعية ولا مرجعيات ولا دستورا، تريد نظام وصاية على اليمن.
فقد قبلت بتسليم الحديدة، للسلطة المحلية بإشراف أممي، وإنهاء سلطة المشرفين ولجانها، وترتيبات أمنية خارج سيطرة الحوثية.
وطالبت "الحوثية" بإصرار بدور قيادي للأمم المتحدة بما يعني وصاية لأنها لا تثق باليمنيين.
وهذه خطوة أولی نحو تفكيك المشروع الحوثي تدريجيا في كل المدن التي ما تزال تحت سيطرتها.
المشكلة بالخضعان الذين مازالوا مصدقين شعارات الحوثية الزائفة لعلهم يفقهون أنها تجرهم فقط إلى محارق الموت.
"الولاية" بدلاً عن النظام الجمهوري
ولا شك أن "الحوثية" تسعى إلى تغيير النظام الجمهوري، وتحويله إلى "ولاية" بجمهورية ذليلة، كمرحلة أولى، ويشرف عليها "الولي" المتحكم بالدولة والدين، بزعم أنه مختار من الله ووارث النبوة والمعبر عنها ، وكل المؤسسات لابد أن تعكس ولايته باعتباره "إرادة الهية".
ولذلك تسعی "الحوثية" تغيير دين الناس، لتصبح "الولاية"، الدين كله وبدونها لا دين!
و لن تكتفي "الحوثية" بتغيير نظامنا الجمهوري، بل إن تثبيت حكم "الولاية السياسية" بالقوة والقهر والإخضاع والإذلال.
حسين الحوثي "كهنوت مركب"
وكما نصت ملازم حسين الحوثي، فإن "الولاية" هي "الدين كله"، ولا يصح الدين إلا بها، ومهما بلغ تدينك، فأنت شيطان إن لم تؤمن بالولاية السياسية والدينية، وهذا بالطبع "كهنوت مركب".
وأسس حسين الحوثي في ملازمه، لعقيدة "إسلاموية"، لتبرير محاربة اليمنيين والعرب تقوم على:
- من يرفض ولايتهم شيطان وأن طبق الدين بحذافيره!
- المسلم غير المؤمن ب"الولاية" خائن وأخطر من اليهود والنصارى على الإسلام وقتاله واجب.
- إمكانية الاتفاق مع الكافر بالإسلام أما المسلم رافض "الولاية" فكافر.
وحسب ملازم حسين الحوثي، المسلم الذي لا يقاوم "الولاية"، باعتبارها العقيدة المركزية في الدين -حسب ما يرى- بين خيارين إما تعديل موقفه بالإيمان بالولاية أو الصمت وقبول حكمها السياسي، أما من يناهضها ولو بالكلمة فيعتبر شيطانا، وتم استخدام داعشي إعلاميا لتبرير الشيطنة، فكل مناهض للولاية داعشي!!
ولهذا فإن "الحوثية" عبر منظومتها العقدية، لم ولن تنتج، غير الحروب الدائمة، والنزاعات المستدامة، والانقسامات الحادة، بما يعني أنها تقود اليمن في القرن الواحد والعشرين إلى فوضى مستدامة، لإقامة ولاية عنصرية، نافية للتعايش، والهوية والمواطنة، وتدير جولات من عمليات الهدم، لأي تراكم للتنمية بكافة أبعادها.
الانقسام الوطني يخدم "الحوثية"
الديسمبريون، خبروا الحوثة ومناوراتهم وخداعهم وباطنيتهم أكثر من غيرهم، ويرون "الحوثية" حاليا كما هي حقيقتها، لا كما حاول الكثير بمن في ذلك جماعة ديسمبر تسويقها سابقا، كتكوين طبيعي يمكنه أن يكون شريكا مثله مثل بقية أطراف الحركة الوطنية.
فالحوثية بحكم طبيعتها وتكوينها وكهنوتها، قنبلة ناسفة لوجودنا كدولة ومجتمع.
"جماعة فبراير" مع "جماعة ديسمبر" مع بقية الوطنيين بعضهم جالس يجتر الماضي من وراء تنامي "الحوثية" وسطوها على بلادنا.
هذه لم تعد المشكلة، والعمل لابد أن يركز على التكتل والمواجهة وإنجاز الأهداف، وبعد أن ننقذ جمهوريتنا، ونحرر المجتمع من سيطرتها، نتحه إلى المستقبل، وعلينا أن نترك خلافات الماضي للمؤرخين.
-->