11 فبراير.. الثورة مستمرة

عبدالباسط القاعدي
الأحد ، ١٢ فبراير ٢٠١٧ الساعة ٠٢:٣٤ صباحاً

احتاجت ثورة 26سبتمبر 8 سنوات لإخراس الصوت الأمامي، ولاحقا أصبحت ثورة كل الشعب يحتفل بها من أقصاه إلى أقصاه..

 

 كانت مناطقنا في محافظة حجة ملكية ورفعت السلاح في وجه الجمهورية وظلت كذلك الى وقت متأخر من سبعينيات القرن الماضي لكنها عادت لاحقا لتحتفي بثورة سبتمبر المجيدة..

 

أتذكر كيف كان الأهالي في قريتي ينتظرون موعد الاحتفال الرسمي والعرض العسكري بشغف ويتجمعون حول التلفاز الذي يتم التحضير لتشغيله في سوق القرية من الليلة السابقة بتوفير البترول الخاص بمولد الكهرباء.

 

وسعيد الحظ من يوفق للسفر الى صنعاء وشراء (ناظور) لمشاهدة العرض العسكري مباشرة.. ويرجع للقرية يحكي مجريات الحفل وكأنه عاد ظافرا من إحدى معارك التحرير.

 

أتذكر أيضا كيف كانت منازل القرية تضيء ليلا ب(التنصير) من خلال إشعال النار الناتجة عن خلط الرماد بمادة الكيروسين  كنوع من الاحتفاء بأعياد الثورة المجيدة.

 

مع مرور الوقت قضى نظام صالح على الثورة في نفوس اليمنيين، وراكم الاخفاق، وقاد عملية إحباط ويأس تحولت مع مرور الوقت الى جبال من الغضب والنقمة فكانت ثورة 11 فبراير المجيدة ضرورة لتصحيح مسار ثورتي سبتمبر وأكتوبر.

 

استغل صالح تسامح وسلمية الثوار وحاك المؤامرات والدسائس للإساءة للثورة التي أطاحت بنظامه الاستبدادي العصبوي واعادت الاعتبار لقيم الثورة، أعماه الحقد فذهب للتحالف مع قوى الكهنوت الرجعي ومخلفات الإمامة، وأغراهم بمقدرته على إعادة عجلة التاريخ الى الوراء إن وضعوا أياديهم الملطخة بدماء اليمنيين في أيادي بعض، وتجمع حوله الكثير ممن فقدوا مصالحهم غير المشروعة.

 

خدم عفاش والحوثي الثورة من حيث أرادوا الاساءة إليها..

خدموها حين انقلبا عليها تحت إغراء تسامح الثورة وتسامي الثوار، وكأن انقضاض تحالف قوى الشر والثورة المضادة على ثورة التغيير كان لازما لتعميد الثورة وتحويلها الى واقع معاش، ولعل المتابع يدرك ان الثوار تجاوزوا خلال المرحلة الانتقالية مسألة عدم اعلان يوم 11 فبراير عيدا رسميا مراعاة للوضع الحرج الذي كانت تمر به البلد، ورغبة في إنجاح المرحلة، ودعما لجهود الخيرين، وإثباتا عمليا للاخلاق العالية التي كان يتمتع بها الثوار وأهمها قيمة التسامح.

 

لقد أغرت سلمية الثورة وانضباطها العالي صالح في الأقدام على الخطوة التالية، لكنه حين ارتكبها يكون قد أحرق كل أشرعته من حيث لا يدري، وقضى على كل الفرص التي أتيحت له، ورسم بيديه المشوهتين خطا إجباريا للثوار لاستكمال ثورتهم كاملة غير منقوصة.

 

في 11 فبراير 2011م أشعل اليمنيون شرارة الثورة.. ولم يتوقف الفعل الثوري الذي مر خلال 6 سنوات بمراحل ومحطات ومنعطفات متنوعة..

 

أرادها الثوار فعلا ثوريا سلميا، لكن عفاش والحوثي جروها الى مربع العنف ظنا منهما أن الفرصة سانحة للالتفاف على إرادة التغيير..

 

فتح الثوار 18 ساحة لكن قوى الثورة المضادة جعلت اليمن ساحة واحدة..

 

جمعت ساحات الثورة كل اليمنيين من كافة المشارب والاتجاهات دون التنقيب في النوايا لكن أصحاب الطوية الخبيثة والفاسدة شاركوا فيها متربصين بها غير مؤمنين بأهدافها..

 

ولأن ثورة 11 فبراير المجيدة تنشد التغيير الذي يعيد الاعتبار لليمني وتاريخه وأمجاده، وتؤسس لدولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية فقد تعارضت مع أهداف قوى الانقلاب التي ظلت تتآمر طيلة الوقت وظنت وبعض الظن اثم ان الفرصة سانحة للانقضاض على احلام اليمنيين فارتكبت اكبر حماقة بحقها وبحق اليمن.   

 

ومثلما سطر الثوار بطولات أذهلت العالم في ساحات التغيير، ها هم الْيَوْمَ يواصلون صمودهم ونضالهم في ساحات الوغى ضد تحالف الكهنوت والاستبداد..

 

وخلال سني الثورة الست فقد الانقلابيون رصيدهم وخسروا قوتهم، وفِي المقابل تعاظمت مكاسب الثورة وقوي عودها والتف حولها اليمنيون ولا زالوا، حتى أولئك الذين كانوا في المنطقة الرمادية ينحازون باستمرار للثورة ضد قوى الشر التي أثبتت بسلوكها الأرعن أنها ليست سوى قوة تدمير وتخريب ليس إلا.

 

الْيَوْمَ يحتفل معنا بالثورة أناس كانوا ضدها الى الأمس القريب وهذا ليس عيبا، وغدا سيتنصل الكثير ممن ناصبوا الثورة العداء عن مواقفهم السابقة ويجب ان نشجعهم على ذلك.

 

وبالأمس تم الإعلان بأن 11 فبراير عيدا رسميا للجمهورية اليمنية: فهل كنّا بحاجة الى كل هذا الوقت لإعلان كهذا؟ يبدو الأمر كذلك.. وغدا سيحتفل الشعب اليمني من أقصاه الى أدناه بثورة فبراير المجيدة، حتى أولئك الذي كانوا يوالون الانقلابيين سيجدون أنفسهم في صف الثورة، وسيوقدون النار على شرف منازلهم احتفاء بفبراير العظيم وسيلبسون الثياب الجديدة..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي