روسيا هبة الثلج

أمين مصطفى شهاب
السبت ، ٣١ ديسمبر ٢٠١٦ الساعة ٠٦:٠٦ مساءً

الذي يحيطها من كل جانب والذي يسكنها منذ الاف السنين هو من حماها طوال تاريخها من المعتدين فقد تكسرت بسببه على ابوابها جميع الغزوات والجيوش فمن الدولة العثمانية العظمى التي  هزمتها ثلوج روسيا في ثلاثة حروب من اصل خمسة حروب.

 

 إلى نابليون بونابرت إلى الإمبراطورية السويدية  إلى أعظم جيش تشكل يوما في التاريخ حتى الآن وهو الجيش الالماني كلها تحطمت على أبواب روسيا كزجاج هش يكسره الجليد فالطريق الى روسيا غير متاحة بريا سوى أقل من ثلاثة اشهر في العام ثم تتشكل بعدها جدران الثلوج المميتة التي تكاد تبتلع الحياة كلها ناهيك عن الغزاة

روسيا التي يزيد عمقها الاستراتيجي عن تسعة آلاف كيلو متر ومساحتها تفوق السبعة عشر مليون كيلوا متر مربع وتلك هي القوة الحقيقية لروسيا المساحة والثلج .

 

وحينما غزا هتلر غرب اوروبا ذبحها من الوريد إلى الوريد ولم تسلم منه قرية أو مدينة ولم يترك فيها حجرا على حجر حتى الجزيرة البريطانية التي لم تصلها جيوشه وصلتها طائراته فاحالتها إلى ركام ولكنه حينما ذهب إلى روسيا واحتل منها مايقارب مساحة غرب اوروبا اوروبا كلها أو يزيد كان بالكاد قد وصل فيها إلى وسط شرقها ولم يستطع تجاوز مدنها الرئيسية مثل موسكو وستاليت جراد كما لم تستطيع طائراته أن تصل المصانع الروسية التي نقلها ستالين إلى الشرق فكانت صناعاتها العسكرية بمأمن من جيوش هتلر.

 

هذه الدولة العملاقة لاتخشى اوروبا ولا امريكا فهما لايستطيعانها بريا إنما تخشى بحرا آخر أعظم من ثلوجها يموج في داخلها ويعيش في ثلوجها من الخارج انها تخشى شعوب الاسلام التي تحيط بها من الجنوب تماما كما تخشى وسطها المسلم في القوقاز وجمهورياتها المسلمة من ابناءها على عكس الغرب فإن المسلمين إنما هم مهاجرون.

 

روسيا التي نراها في عهد الإمبراطور الجريح بوتين ضابط المخابرات الروسية الذي كان شاهدا على اذلال الغرب للاتحاد السوفييتي حين ادخله ريجان في سباق حرب النجوم أيام كانت امريكا تستطيع أن تحارب وتصنع وتزرع في وقت واحد وروسيا لاتستطيع الاثنين معا فهي أما تبني اقتصاد وتتحول إلى دولة داجنة كالمانيا بدون اسنان أو تستمر في عنادها ببناء القوة العسكرية وتموت جوعا وقد كان الاخير .

وقد بدا الاتحاد السوفييتي حينما انهار كعملاق أماته الجوع  يجثم على عشرة آلاف رأس نووية وهيروجينية ونيترونية لكنه لايملك حبة قمح او شعير

والآن يعتقد بوتين أن الزمن قد دار له واستوى وقد حان وقت لرد الصاع صاعين للغرب فروسيا  تملك من فائض القوة في مخزونات السلاح التقليدية مالا يتصوره احد وما تستطيع أن تحارب به عشرات السنين بتكلفة معقولة حسب تقديره وهو ما اكتشف خطاؤه بعد سنة من الحرب على سوريا.

كما ان الغرب وامريكا لم تعد تلك الدول التي تستطيع أن تحارب وتنتج معا فلم تعد تمثل امريكا سوى 22% من الناتج العالمي بعد أن كانت تمثل47%بعد الحرب الكونية الثانية كما الغرب تعيش دوله عالة على المانيا كما قد اصبحت أسيرة للتقنية عالية التكلفة باهظة الثمن فعلى سبيل المثال تكلفة الطلعة الجوية الواحدة لإحدى طائرات الناتو خمسين ألف دولار من دون قيمة الصواريخ التي تحملها الطائرة كما ان تكلفة الجندي الغربي الواحد مليون دولار سنويا ناهيك عن تكلفة سقوطه جريحا اوقتيلا فانها باهظة الثمن في مجتمع يحسب فيه للرأي العام الف حساب

 بينما في روسيا الديكتاتورية لن يجرؤ أحد على محاسبة بوتين المقامر الذي اختار الذهاب في اختبار القوة مع الغرب إلى أبعد مايستطيع ولهذا فطن الاتراك نفسية بوتين وكبرياءه هذا وقررت ان التعامل مع تلك النفسية الامبراطورية التي تملك بيدها الحل والعقد والاعتراف بمصالح روسيا في المنطقة هو اهون الشرين وإخف الضررين وها نحن نرى أولى نتائج ذلك التفاهم في وقف النار الشامل الذي يحفظ لبوتين ماء وجهه فينسحب بشرفه كما يقولون.

ولكننا قد نرى محاولة كل من ايران والنظام وحزب الله والغرب خرقة وتدميرة كما أن اتجاه تركيا مباشرة الى روسيا افسح الطريق بين العملاقين للنطاح المباشر كما وضع الأمريكان امام شعوبهم والتزامهم الادبي والعضوي في حلف الاطلسي فأما الدفاع عن غرب أوروبا صراحة أو التخلي عنهم صراحة.

وهذا يعني أما الاستسلام للروس وتسليمهم المنطقة أو الدخول بقوة في حرب باردة أو حامية مع روسيا وهو مارايناه من افخاخ الإدارة الديمقراطية التي وضعتها أما الرئيس الجمهوري القادم

لكن السؤال هو أين العرب من كل ذلك الذي يحدث وهل سيذهبون مذهب الاتراك ويعترفون بحقوق الروس في سوريا والشرق الاوسط ويتعاملون معها على اساس ذلك على الاقل مقابل إخراج إيران والشيعة من اللعبة أم سيستمرون في الرهان على امريكا والغرب الذي قد يكون وقد لايكون.

فلننتظر ان غدا لناظره لقريب

الحجر الصحفي في زمن الحوثي