صعدة ليست حوثية

علي قلي
الثلاثاء ، ٠٣ مايو ٢٠١٦ الساعة ١٢:٣٨ صباحاً
تتشكل محافظة صعدة إدارياً من خمس عشرة مديرية, وتسع دوائر انتخابية, وتنقسم قبلياً إلى قبيلتين كبيرتين وعريقتين هما خولان بن عامر, وهمدان بن زيد تمتدان إلى خارج الحدود الجغرافية لمحافظة صعدة وتنقسمان إلى قبائل كثيرة وقوية تتوزع على أراضي المحافظة.
 
وتتمتع المحافظة بإرث تاريخي وثقافي وامتداد جغرافي وتنوع مناخي ناتج عن الجمع بين أشكال التضاريس المختلفة كما تتميز بمحاصيلها الزراعية الفائقة الجودة كالرمان والعنب والبن والحبوب.
 
ويتميز أبناء المحافظة بعاداتهم وتقاليدهم وأخلاقهم ووفائهم وصفاء نواياهم وهو ما استغله الحوثيون والإماميون من قبلهم, منذ مجيء الهادي بن الحسين إلى صعدة في القرن الثالث الهجري, وجاءت معه وبعده نظرية البطنين وانتشر التشيع تحت غطاء الزيدية التي حاول الأئمة تحويلها مع مرور الزمن إلى الجارودية, ورغم ذلك ما يزال غالبية أبناء المحافظة يتوزعون في انتمائهم المذهبي على السنة والزيدية .
 
 
ويستطيع الباحث في شؤون الحركة الحوثية أن يكتشف أن أكثر المنتمين لها عقائديا لا يمثلون كل أبناء المحافظة ولكنهم ينحصرون في بعض المناطق كمنطقة ضحيان التي تتبع لمديرية مجز ومنطقة مران التابعة لمديرية حيدان ومناطق متفرقة في سحار وكتاف والصفراء ورازح وساقين بمعنى أن الحوثيين العقائديين المؤدلجين لا يساوون عشرة في المائة من أبناء المحافظة تساندهم نسبةٌ لا بأس بها من الجهلة والمنبوذين من المجتمع كاللصوص والقتلة وقطاع الطرق وضحايا التفكك الأسري وضعاف النفوس وهؤلاء يمكن أن يتركوا الحركة بمجرد ظهور تيار أقوى منها أو توافر ظروف معيشية أفضل.
 
 
أما أغلبية أبناء المحافظة فهم يرفضون الحركة الحوثية ولكنهم أغلبية صامتة نظرا لغياب الدولة وغياب النخب الفاعلة كالمثقفين وشيوخ القبائل والوجهاء الذين شردتهم الميليشيا الحوثية على مدى سنوات نشاطها ويشهد على ذلك المواجهات العنيفة التي كان ينتصر فيها هؤلاء على الميليشيا أيام الحروب الستة والتي كانت تنتهي بهدن تعمل على تحييد الأمن والجيش الحكومي وتجعل المناهضين للحركة الحوثية فريسة سهلة للميليشيا.
أما انتشار السنة في محافظة صعدة فقد ساهم فيه بشكل مباشر انطلاق الثورة السبتمبرية المباركة في العام 1962م التي عملت على نشر الوعي في كل محافظات اليمن بما فيها صعدة ومن ذلك انتشار المدارس والمناهج التعليمية والمدرسين القادمين من الدول التي لا تعاني من عقدة البطنين, وانشاءُ المعاهد العلمية وكذلك انشاءُ مركز دار الحديث بدماج على يد الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله الذي عمل على تكسير الصنمية المتمثلة بالتشيع والولاء الأعمى لذوي البطنين, كما كان للمملكة العربية السعودية دورها المبارك في نشر السنة من خلال توعية المقيمين على أراضيها أو من خلال الجهود الدعوية المختلفة التي كانت تصل للمحافظة كالكتب والأشرطة وغيرها.
 
 
وقد جوبه انتشار السنة في المحافظة بهجمات شرسة من قبل غلاة التشيع الذين رأوا في ,"الوهابية" كما يقولون, خطراً يهدد تسلطهم ويعري زيفهم, ويحد من هيمنتهم على فكر أبناء القبائل بشقيها الخولاني والهمداني, وينهي أساليب الغلاة في السيطرة من خلال نشر الفتن والخرافة والممارسات الشركية كالشعوذة والتعبد بالقبور ونذر النذور للصخور والجن, وتقديس السيد الفلاني وتقبيل ركبته, واستغلال خيرات المواطنين من مزروعات وثمار وثروات حيوانية, أو أخذ بعض الأموال تحت مسمى الزكاة, وهذه الممارسات كلها يسعى الحوثيون حالياً لإعادتها والشواهد تثبت ذلك.
 
 
أما العوام من أبناء محافظة صعدة فإنهم كانوا, إلى ما قبل ظهور الحركة الحوثية, يغلب عليهم الطابع القبلي أكثر من المذهبي فكانوا لا يقيمون وزناً للتفرقة المذهبية بحيث يتجاور السنة والزيدية ويتعايشون بلا تصادم, يحكمهم العرف القبلي ويتزاوجون فيما بينهم ما عدا الأسر التي تتعامل بالنظرة السُلالية حيث يرفض معتنقو نظرية البطنين من مدعي الهاشمية تزويج بناتهم لأبناء القبائل غير الهاشميين, إلا أن البعض منهم, وهم قلة, قد تمردوا على هذه النظرة الاستعلائية ولم يجدوا مانعاً من مصاهرة أبناء القبائل.
 
من خلال ما سبق يمكننا القول إن محافظة صعدة هي ذلك الجزء ,من الجسم اليمني, الذي أصيب بالسرطان الحوثي والإمامي فتُرك بلا علاج ثم بلا استئصال حتى استشرى خطره وتمدد في معظم أجزاء اليمن وصار علاجه صعباً.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي