نكتة وكلام جد .. ثلاثين سنة شريعة !!

نشوان صادق
الاثنين ، ٠٣ أغسطس ٢٠١٥ الساعة ٠٨:٤٣ صباحاً
"الصبريّ يجلس يشارع على قصبة ثلاثين سنة
والحوثي جاء يشتي يأخذ صبر بيومين !!
عاد في عقل ؟! "
 
وختم بهاشتاج "صبر تنتصر"
 
السياق في النكتة لم يركّز على كون صنف الرجل موضوع النكتة جيّداً أو سيئاً واكتفى بذكر الصفة المشتركة: الجلادة والصبر في الصراع مهما صغُر الشيء الذي يتصارعون عليه.
أعلمُ أنّ ذلك ليس موضوع كاتب الطرفة وتركيزه. غير أنّ ذلك من لبّ موضوعنا الذي سنتحدث عنه، وأرى أنّ وضع الرجل "ممدوحاً أم مذموماً يعتمد على ما يشارع عليه، ونحن - هنا - سنأخذ الرجل موضوع النكتة على أنه يشارع على الحق وذاك مصدر قوة للنكتة - فهؤلاء غصّة في قلوب المعتدي ولن يحول بين حقّهم وإحقاقه باطلٌ مهما صغُر ومهما طال الزمن في المطالبة برفع الظلم والحصول على الحقّ.
 
" من يسرقُ بيضةً،
   سيسرقُ جملاً "
هكذا اعتادت أن تقول أمهاتنا عندما تُبرر إحدى جاراتنا - متعاطفةً - سرقة أحدنا - ونحن أطفال - لشيءٍ بسيط. وأذكر جيداً القصة - المختلف في رواية أحداثها - التي أخرست بها أم حاتم الطائي ولدها الآخر عندما رآها تبكي على وفاة ابنها - أخيه - حاتم. وفي محاولةٍ للتخفيف عنها وعدها بأنه سيكون على الحال الذي كان عليه حاتم الطائي. لم تتوقف الأم عن البكاء "فحاتم - كما روت له - لم يكن يرضع وهو صغير إلا عندما يرى طفلاً آخر يرضع من ثديّ أمّه الآخر، في الحين الذي كان أخوه يبكي إذا أرضعت أمّهُ آخراً."
 
سنتذكر هكذا أمثالٍ وقصص عندما نتحدث عن تعزٍ، وذلك بعد جولةٍ في أمر صالحٍ والحوثيّ.
 
عجيبٌ أمرُ علي صالح والحوثيّ. أليس منهم وأتباعهم رجلٌ رشيد ؟
ألم يشهد "عبدالملك" ويعش "عليّاً" ما فعل الثُوّار به بصدورٍ عاريةٍ وهو لا يزالُ رئيساً يُحرّك ما يشاءُ - في العلن - ومتى شاء ؟
 
كيف زاغ بصره وأتباعه عن المفارقة في العزم والقوة ومقادير الحقّ بينه وبين المجتمع الذي انتصر عليه جزءٌ ثائرٌ منه في نصرٍ بدأ في فبراير 2011م ؟
 
سأبالغ: 
بكلّ العلوم، وبكلّ القراءات: "نسبةُ حدوث انتصار مجتمعٍ أعزلٍ على جبّار متغطرس" لا بد أن تكون أقلّ من انتصار ذاك المجتمع وقد زاد عتاده بينما الجبار المتغطرس زادت غطرسته وقلّ عتاده" 
 
انتصر عليه المجتمع الأعزل، قلّ عتاده وخارت قواهُ كمهزومٍ، وزاد عتادُ المجتمع وقويت عزيمتُه. وفي جولةٍ أخرى، وبعيداً عن المعجزات، ماذا - برأيك - تكونُ سنن الله ؟
 
سأنقلكم لسؤالٍ لطالما سألته نفسي وأجبت عنه وأعدته مراراً في كل مرة أدرسُ فيها الأحداث الأخيرة:
أين ذهب علي صالح قبل كرّته الجديدة ومن استشار ؟
 
في كلّ مرّةٍ وبتفكيرٍ بسيط أخلُص أنه لم يستشر حتى عقله، وأن الأمر كان يجب أن يتمّ فقط بدون تفكيرٍ في "كيف، وماذا بعد."
 
نجح في "كيفٍ" العشوائية، واصطدم في: "ماذا بعد؟"
 
كانت: " يشيبُ المرءُ على ما شبّ عليه " هي العبارة التي لخّصت المصير:  " ماذا بعد؟ "
وبالرغم من أنّ صالحاً يعرفُ تلك العبارة جيّداً، غير أنه لم يُسقطها على تعز التي يعرفها حقّ المعرفة. لماذا ؟ 
 
- تماماً لنفس السبب الذي لأجله تطمرُ  النعامة رأسها في التراب عند رؤيتها للخطر يُحدّق بها.
 
شبّ بعضُ رجال تعز - فرضُ الكفاية لتحقيق النصر - على رفض الظلم ومواجهة الطغيان بكلّ أشكاله منذُ نعومة أظفارهم.
   
وبذلك كانت تعز من خيار المحافظات في اتصافها بالعزّة ورفض الظلم وذاك في وضعها الطبيعي، فكيف تكونُ حين يتعالى الظلمُ ليطأ "رأسها" ساخراً من محاولاتها السلمية الأولى في رفضها و تحذيرها له.
 
" الصمت عارٌ "، و " الساكتُ عن الحقّ شيطانٌ أخرس"، وهكذا يُسمعُ المقاومون السابقون اللاحقون كلاماً من هذا القبيل، وهكذا يزدادُ عددُ أضدادكم في تعزٍ يا صالحاً - ليس من صلاحه إلا اسمه - ويا عبداً للملك - تألّه - ومن سار على شاكلتكما شاذّاً حضاريّاً.
 
ها قد رأيتم وترون "تعزاً" مستعدةً لأن "تشارعكم" - بكل الوسائل - ثلاثين سنةً وتزيدُ من أجل أصغر قضيةٍ تريدون أن تكسبوها بقوة السلاح والحقّ الإلهي المُدّعى.. فكيف إن كانت القضيّة: "فرض قانون الغاب: القوي يحكم" وإثبات حقيقة: " الثورة لا تُثمرُ إلا دماراً، ودماء الشهداء تمضي هدراً" 
 
"هذه تعز" .. "أليس منكم رجلٌ رشيد ؟!"
الحجر الصحفي في زمن الحوثي