عاصفة الصيف تقتلع النظام وتبدد أحلام إيران

راميا محجازي
الأحد ، ١٩ ابريل ٢٠١٥ الساعة ٠٨:٠٩ صباحاً
منذ انطلاق العاصفة حزم في اليمن، والسوريون يدعون إلى أن تدخل العاصفة الأراضي السورية، وتنهي معاناة السوريين مع النظام الأسدي – الإيراني.
 
ربما كان لصوتهم وقع لأول مرة عند القادة العرب، حيث انتشرت في الآونة الأخيرة تقارير صحفية وتحليلات وتغريدات لكتاب مقربين من السلطات السعودية ومنهم جمال خاشقجي، أن العاصفة فعلا في طريقها شمالا إلى سوريا، بهدف الإنهاء على ما تبقى من النظام الأسدي في سوريا، ودحر القوات الإيرانية الداعمة له خارج الحدود.
 
ترافقت هذه الأنباء التي وردت عبر وسائل إعلامية عربية وأجنبية، مع إعلان منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية أن بحوزتها أدلة دامغة على تورط النظام السوري في استخدام الأسلحة الكيماوية الشهر الفائت بالمناطق التي تخضع لسيطرة الثوار، وقد جددت المنظمة دعوتها مجلس الأمن إلى إحالة ملف سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
 
فهل سيكون لدعوة المنظمة هذه المرة قبول عند مجلس الأمن الدولي؟
 
من الواضح أن السلطات السعودية تسعى لشراكة تركية –قطرية من خلال المباحثات المستمرة والتي تجري على قدم وساق بين الأطراف، من أجل الوصول إلى اتفاق حول الشأن السوري، فالأسد جار ثقيل الظل على الحكومة التركية، والنفوذ الإيراني في المنطقة أو الخطر الإيراني بات عابرا للحدود، ومقلقا بشكل جدي، وخصوصا في تاريخنا الحديث، الذي أثبت فيه النظام الإيراني أنه من أشد الأنظمة عدائية للعرب والمسلمين اليوم، وبأنه يسعى للتمدد والتوسع على حساب المنطقة العربية.
 
اتفاق نووي مع رفع للعقوبات الأمريكية والأوروبية عن إيران يلوح في الأفق في حال التزمت إيران بإطار الاتفاق النووي الأخير وتدفق لصواريخ وأسلحة ذات طابع دفاعي من الحليف الأشرس لإيران روسيا التي ما إن تم الاتفاق النووي حتى سارعت إلى رفع الحظر المفروض على إيران بشأن صفقات أسلحة متطورة، والبداية كانت تزويدها بصورايخ إس 300 المضادة للطائرات، والتي تمنح منظومة الدفاع الإيرانية قوة لاعتراض وإسقاط أنواع متعددة من الصواريخ كالأرض -أرض والصواريخ البالستية وغيرها.
 
بعيدا عن ضجيج التصريحات الدبلوماسية حول الأهداف الإنسانية من أي عمل عسكري فوق الأراضي السورية، وبعيدا عن مصطلحات حماية الشرعية، أو نصرة الشعوب المظلومة، إذا كانت الأسباب الرئيسية والحقيقية لعاصفة الحزم، هي وصول النار للثوب السعودي من الطرف اليمني، هو الذي دفع لتدخل سريع لحماية أمن المملكة إضافة إلى تلقين الذراع الحوثي لإيران تأديبا معتبرا، فإن قرار وصول العاصفة حزم إلى الأراضي السورية ما هو إلا لتحجيم الدور الإيراني في المنطقة، بحسب التعديلات الثلاثية (السعودية– القطرية– التركية) لترسيم المنطقة بشكل أكثر أمنا وأمانا للمصالح الاستراتيجية والإقليمية لهذه الدول في المنطقة مع الأخذ بعين الاعتبار رفع المعاناة عن الشعب السوري.
 
على كل حال؛ لا نعتقد بأن دخول العاصفة حزم في الأراضي السورية سيكون بالشكل والسرعة التي دخلت فيها العاصفة حزم الأراضي اليمنية، فالنظام السوري يختلف من حيث الإمكانات الدفاعية والعسكرية، إضافة إلى أن طبيعة التورط الإيراني في سوريا ودرجته يختلفان من حيث البنية والعمق عن اليمن، وأخيرا لا بد من النظر إلى طبيعة الصراع المعقد على الأراضي السورية، من ناحية وجود التنظيمات المتطرفة كتنظيم الدولة، إضافة إلى الخلافات والنزاعات بين فصائل المعارضة المسلحة التي تستنزف قوتها و تسحب من تحتها تدريجيا غطاء الشرعية الشعبية والدولية، وخصوصا عندما تترافق مع ممارسات خاطئة وغير مسؤولة لسنا بصدد التوقف عندها في هذا المقال، ولكنها من الاعتبارات القوية التي تسهم في تأخر أي تدخل حاسم ضد نظام الأسد، والأهم هو أن أي عمليات عسكرية على الأراضي السورية لا بد أن تدعم بغطاء شرعي قد يكون عبر تجريم الأسد لاستخدامه أسلحة محرمة دوليا منها غاز الكلور والسارين، اللذين تحدثت هيومن رايت وتش عن أدلة دامغة لإدانة الأسد في استخدامها عبر سلاحه الجوي، وبالتالي  يكون التدخل تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
 
قوات التحالف الدولي مازالت تضرب في عمق الأراضي السورية المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة وعلى الرغم من أن نظام الأسد، كرر عبر وسائل الإعلام استنكاره التعدي على السيادة والشرعية بحكم أن الضربات لم تكن عبر التنسيق العلني والمباشر معه، إلا أنه يقوم بدعمها وتأييدها وخصوصا أنها تتجنب الاقتراب من سلاحه الجوي والمناطق التي لا زالت تحت سطوته ناهيك عن أنها منحته مزيدا من الأريحية في ضرب الأراضي السورية بحجة تواجد منظمات إرهابية ومتطرفة عليها.
 
بكل تأكيد لن تكون ردة فعل النظام مشابهة في حال استُهدف على أراضيه، وسيقوده هذا إلى تحريك منظومته الدفاعية بكل طاقاتها، خصوصا أنه يدرك بـأنها معركة بقاء، وربما هي معركته الأخيرة في المنطقة، وعليه قد نسمع قريبا عن قبول بالمطالب التركية السابقة كالمناطق الآمنة والحظر الجوي. 
 
لم يعد من المقبول في الشأن السوري الحديث عن أي حلول سياسية، ما يأخذ بقوة السلاح لن يسترجع إلا بقوة السلاح خصوصا عندما يكون الصراع صراع بقاء كحال النظام الأسدي، وأي مفاوضات وحلول سلمية وسياسية ستكون بين الفرقاء السياسيين السوريين وسيأتي دورها بعد القضاء على رأس النظام، نأمل من عاصفة الصيف أن تقتلع النظام وتبدد الحلم الفارسي، وتجعل أعمالهم هباء منثورا.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي