هل سيترحم العراقيون على صدام حسين؟!

عمر الشارحي
الأحد ، ٣١ أغسطس ٢٠١٤ الساعة ٠٩:٢٦ مساءً
منذ دخول القوات الأمريكية إلى العراق في 20مارس2003 تغير حال البلاد تماماً في كل النواحي والجوانب،فبسقوط نظام صدام حسين سقطت الدولة العراقية إلى الحضيض وعمت الفوضى كل أرجاء البلد.
 
الكثير من العراقيين كانوا يؤيدون الغزو الأمريكي للعراق –غالبيتهم من الشيعة إن لم نقل كلهم- بزعم أن صدام حسين طاغية ويجب التخلص منه،مثل هؤلاء عززوا الثقة في نفوس القوات الأمريكية بالانتصار واستطاعت من خلالهم أن تحتل العراق بكل تلك السرعة والسهولة..
 
ما تعيشه العراق اليوم يثبت أن الغزو الأمريكي الذي دخلها بأكثر من ذريعة كان من ضمنها رفع الظلم عن كاهل العراقيين ،هذا يثبت أن هنالك مآرب أخرى سعت إليها القوات الأمريكية فلم تستطيع الولايات المتحدة أن تكسب صدام حسين في قائمة عملائها على الإطلاق فذهبت لتطبخ الأعذار والذرائع التي تمكنها من التخلص من شيء يؤرقها اسمه"صدام حسين" ونجحت في الأخير..!!
العراق اليوم ،والعراق قبل2003 مفهومان يختلفان عن بعضهما تماماً ،فعراق اليوم أشبه بحلبة مصارعة جماعية مفتوحة لمن شاء ،غاب فيها الأمن والاستقرار وبرزت فيها الكثير من القوى والمليشيات،وكما هو الحال في اليمن تفجر أنابيب النفط وتغيب الكهرباء عن عدة مناطق،بكل اختصار دولة تحوي أكثر من دولة،ولا حضور للقانون هناك.
 
وأنا بعيداً عن المشهد العراقي لكنني في الحقيقة أشعر بالأسف لكل ما يحدث للعراقيين ."اليزيديين" يهجروا من مدنهم وقراهم ثم يعدم الرجال على أيدي "داعش" كيفما شاءت ومتى شاءت فلم تعد هنالك دولة تحكم هواجس" الداعشيين "وتكف يداها عن العراقيين ،وكذالك نسائهم، أي "اليزيديين" تباع في شوارع العراق وأسواق الرق، تباع سبايا والجميلات لأمراء "داعش"،ما هذا إلا غيض من فيض لما يحدث خلف الكواليس،وهنا لا نستثني أولئكم المسيحيين الذين طردوا من بيوتهم لتصبح بعدهم خاوية على عروشها.
 
دولة العراق في أيام صدام حسين من الإجحاف أن نقارنها بدولة العراق اليوم ،كان لأحد يرفع صوته فوق صوت القانون ،وكان العراق يتمتع بجيش جرار قسمته الولايات المتحدة في حربها هناك،كانت الخدمات تصل العراق إلى كل حدب وصوب،ومن الممتع أن الجامعات العراقية كانت تحوي بداخلها قطارات صغيرة لنقل الركاب من الطلاب داخل الجامعة،واقتصاد وطني ينافس ويتطور ،ونفط كالماء جلب للعراقيين الخير الوفير.
بعد أن باءت الولايات المتحدة الأمريكية بالفشل للظفر بصدام حسين ضمن قائمة عملائها العرب بدأت تخلق له الذرائع والأقاويل حتى تصنع طريقة مفبركة ترى أنها شرعية لغزو العراق.أتهم صدام حسين بأنه يدعم أسامة بن لادن –زعيم تنظيم القاعدة مسبقاً- وأعتبر أنه من داعمي الإرهاب الرسميين في المنطقة الذين يشكلون خطراً على أمن المنطقة والعالم عموماً،كم وجهت إليه الكثير من التهم الأخرى أبرزها تصنيع أسلحة الدمار الشامل دون إذن ،وكذا عدم انصياعه لقرارات مجلس الأمن الدولي،بالإضافة إلى ما ذكرناه مسبقاً،ممارسته الظلم بحق العراقيين.
 
فهل للولايات المتحدة الأمريكية أن تنقذ العراقيين من ظلم "داعش" ومليشيات نوري المالكي اليوم؟هل لها أن ترجع كل من هجروا من منازلهم أو من هربوا من احتدام المعارك هناك؟هل لها أن توقف يد الظلم وتضمد جراحات العراقيين وتوقف نزيف الدم المباح على أراضي العراق؟
بكل تأكيد لا لن تستطع !لأنها لم تدخل العراق لأي سبب من الأسباب التي كانت تزعمها سوى أن صدام حسين لم يكن في صفها يوماً على الإطلاق لذالك وجدت التخلص منه بأي طريقة أمر حتمي ويجب تنفيذه.استغلت طبيعة المعارضة العراقية في كونها مذهبية لتقلع جذور صدام،لم يفكر العراقيون بالمستقبل وإلا لما فعلوا كل ذالك ،كانوا كلهم سيقاومون الاحتلال الأمريكي ليعود أدراجه،لكنهم لم يفهموا ربما ما كان يحاك خلف الكواليس ،لم يستطيعوا أن يدركوا قواعد اللعبة ،كانت كلها طلاسم مفبركة لم يقدر على فكها أحد سوى الأيام والسنيين التي أعقبت سقوط نظام صدام حسين.
السؤال هنا هل سيترحم العراقيون على صدام حسين؟هذا أمرٌ حتمي لا يستدعي الجدال فيه ،نظام سقط وتسقط معه دولة بأكملها إلى المستنقع تحكمها الطوائف والمليشيات،وتعم الفوضى والدمار كل شبرٍ من أراضي، ولا صوت يعلو اليوم فيه فوق صوت الرصاص ودوي المقاتلات في الجو.
حتماً سيقول العراقيون رحمة الله على صدام وإن كان ديكتاتورياً لم يدع الدولة لأحد ،كان رجلاً شجاع يمتاز بالحنكة والإقدام ،يجابه الولايات المتحدة الأمريكية دون خوف.
 
إذن ! سقط صدام حسين وسقطت العراق بأكملها ،سقط صدام حسين وترك تاريخ وبنية تحتية للعراق بكل أطرها،سقط صدام حسين وترك خلفه اقتصاد منتعش وبلاد تنعم بالرفاهية،لكن معارضيه لم يفلحوا في صنع أي شي للعراقيين،كل شيء تحول للأسوأ، وكل ما بقي من عهد صدام لم يعد اليوم باقياً،هاهو العراق وطنٌ يتسع لكل المخربين والمدمرين،ولا شك أن العراقيون سيقولون رحم الله صدام حسين.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي