لماذا على اليمن أن يحارب (القاعدة) بمفرده؟!

علي ناجي الرعوي
الاربعاء ، ٢٨ مايو ٢٠١٤ الساعة ٠٣:١٩ مساءً
 
الحرب الحالية التى يخوضها اليمن منذ أسابيع ضد الجماعات الإرهابية وعناصر تنظيم القاعدة والتي تتمركز خلاياها في عدد من المناطق والمحافظات ليست الحرب الأولى ولن تكون ربما الأخيرة فهذا البلد الذي لم يكن معروفاً بما يكفي في الغرب قبل الهجوم الانتحاري الذى استهدف المدمرة الأمريكية (يو اس اس كول) عام 2000م هو من سبق له وأن خاض سلسلة من الحروب والمواجهات الشطرنجية مع جماعات التطرف والإرهاب التى توافدت على أراضيه عقب رحلة العودة من أفغانستان إلا انه ورغم تعدد تلك المواجهات لم يفلح اليمن في القضاء على هذه الجماعات المتطرفة التي تمثل اليوم بالنسبة له أحد التحديات المركزية التي تتهدد مشروعه الجامع وتسعى إلى إفشال أهدافه وتعويق أي جهود لإخراج البلاد من أزماته الاقتصادية والسياسية بعد أن ظل الخطر الإرهابي في السنوات الماضية أكبر مستنزف للموارد المالية والبشرية وفاعلاً سلبياً أمام أي تقدم أو تطور على صعيد استتباب الأمن والاستقرار وتحقيق الحد الأدنى من معدلات النمو والنهوض.
 
ومع ذلك فان مايتضح من مؤشرات المواجهات الأخيرة انها التي تختلف كثيراً عن المواجهات السابقة حيث يشعر من يقودون هذه الحرب ضد الجماعات الإرهابية أنهم من يتحركون تحت غطاء من المشروعية الشعبية والإجماع الوطني الذي تعززت لديه القناعة من ان مستقبل البلاد أصبح مرهوناً بالنصر في هذه المعركة وتجفيف منابع الإرهاب والقضاء على منابته وإخراج تنظيم القاعدة والحركات التي تسير في فلكه من معادلة التمرد على الدولة ومع ذلك فلا يمكن الرهان فقط على هذه الإرادة والالتفاف الشعبي وراء الجيش والقوات الأمنية لتحقيق النصر على الجماعات الإرهابية التي تعتمد على أساليب الاستنزاف وحروب العصابات التي قد تؤدي عندما تتضح الخسائر البشرية والمادية إلى تهييج الرأي العام والضغط على الدولة ومطالبتها بالتوقف عن استنزاف مواردها في معركة لا تبدو مضمونة النتائج والالتفات إلى مصالح الناس التي تزداد سوءاً بفعل الانغماس في هذا الصراع المفتوح على أشده خصوصاً وان مثل هذا الشعور هو ما بدأ يتسرب إلى نفوس الناس بعد أن وجدوا أن العالم لا يكترث بمعاناتهم وتضحياتهم الكبيرة وان الدول الكبرى التي فشلت فيما مضى من السنيين في محاصرة التنظيمات الإرهابية وتطويق مشاريعها التوسعية ومن يغذيها ويدعمها قد تخلت عن التزاماتها في دعم اليمن في هذه المعركة لتعمد بعد ان استفحل الأمر عليها الى دفع العناصر الإرهابية إلى الفضاءات الهشة في المنطقة العربية لأن ما يهمها في الدرجة الأولى هو تجنيب أوطانها وشعوبها خطر تلك الجماعات المتطرفة حتى وإن كان الثمن هو إغراق البلدان العربية ببرك من الدماء والأشلاء.
 
وعلى أية حال فإذا ما إخذنا بعين الاعتبار مستجدات المعركة التي تخوضها اليمن اليوم ضد الإرهاب والتضحيات الكبيرة التي يقدمها فان ما يثير الاستغراب حقاً أن يترك هذا البلد يواجه مصيره مع عدو لا شكل له ولا صورة على أرض المعركة فقد يختبئ الإرهاب في ذهنية شباب يعصف بهم اليأس والبطالة أو في جماعة من الأشخاص يستبد بها الإحباط وهي من تظهر عاجزة عن توفير وسائل العيش لها ولأسرها بل ان الإرهاب هو من قد يصبح ملجأ لمن سدت أمامهم أبواب الأمل جراء الفقر الذي يطحنهم والبطالة التي حولتهم إلى أجساد بلا روح.
 
لذلك كان لابد لتلك الدول التي اتفقت عقب أحداث 11 سبتمبر 2001م من خلال عدد من المؤتمرات على أن مواجهة الإرهاب هي مسؤولية إقليمية ودولية قبل أن تكون مسؤولية بلد بعينه أن تبادر إلى إظهار حسن نيتها كاملة تجاه اليمن وأبنائه الذين ستبقى عيونهم شاخصة نحو تنفيذ تلك التوصيات على أرض الواقع ليتسنى لهم إكمال معركتهم وتخليص وطنهم من شرور الإرهاب الذي لا يستهدف اليمن فقط وإنما المنطقة والعالم أجمع.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي