تعز... المدينة الحالمة بالدولة المدنية الحديثة، باتت اليوم تختزل وجع الوطن كله. صوتها الشعبي لا يزال يردد: "كفى فوضى، كفى جوعًا، كفى انتظارًا بلا أفق".
وكما جاء نداء الحكمة من رجل الأعمال الوطني الحاج عبد الواسع هائل سعيد، من قلب تعز: كفى استنزافًا لأرواح اليمنيين، كفى تشريدًا وتجويعًا... أنقذوا ما تبقى من الوطن قبل أن يسألنا التاريخ: أين كنتم حين مات اليمن؟
لقد آن الأوان لتعز أن تتحول من مدينة متعبة إلى نموذج للنهوض، ومن ساحة أنين إلى ركيزة تُبنى عليها الدولة اليمنية المنشودة.
تعز بين تطلعات الدولة وواقع الغياب
تعز لم تعد فقط مدينة تُحاصر، بل أصبحت ساحةً لمأساة مركّبة. أزمة مياه تخنق أحياءها، والجوع يتسلل إلى بيوت أهلها، والراتب لا يكفي سوى لشراء خبز بالكاد يسد الرمق. تفشّي الدولرة في الإيجارات يزيد من معاناة السكان، ويعمّق الفجوة بين إمكانياتهم وحاجاتهم.
محاولات تطمين الناس بمشاهد رمزية – كتقطيع سلاح مضبوط – لم تعد تقنع أحدًا، بينما الفوضى الأمنية تتصاعد، ودماء "مرسال" التي سالت غدرًا لا تزال بلا عدالة. وفي ظل هذا الواقع، يتصاعد صوت الشارع مطالبًا بتنفيذ وعود القيادة المتأخرة لأكثر من نصف عام.
الاستجابة جاءت عبر تدوير مدراء المديريات، باستثناء الساحل، ما يثير تساؤلات حول دوافع الانتقائية في الإصلاحات. تغيير مدراء المديريات الناجحين قرار خائب. أزمة مستشفى الثورة كشفت فشل الإدارة في إيجاد حلول جذرية، مقابل الاكتفاء بامتصاص الغضب عبر تعيين بعض النشطاء كمستشارين بلا صلاحيات.
وفي خضم هذا المشهد، تبرز أصوات نسائية جريئة تدعو للتغيير الحقيقي، وتطالب بمكانٍ في صناعة القرار. قالت إحدى الناشطات: "أعطونا الفرصة، فإن مُنعت صلاحياتنا سنفضح المعيقات، وإن مُنعنا سننسحب بشرف".
هنا، أحاول تقديم برنامج إنقاذي للنهوض بتعز.
1. تعزيز الأمن وبسط سلطة القانون:
التنمية لا تبدأ من دون أمن. لا بد من إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، تطهيرها من الفاسدين، وتمكين الكفاءات النزيهة. يجب أن تكون قضية اغتيال "مرسال" آخر فصول الفوضى.
2. نقل الصلاحيات للسلطة المحلية
تعز تملك الجاهزية الإدارية والكفاءات المؤهلة. نقل الصلاحيات للسلطات المحلية يجب أن يتم فورًا، استنادًا لوعود رئيس مجلس القيادة.
3. معالجة الأزمات الخدمية العاجلة:
• المياه: تشكيل لجنة طوارئ لإعادة تشغيل الآبار، وتوفير الصهاريج بالتعاون مع المنظمات الإنسانية.
• الغذاء: دعم الأفران لتوفير الخبز بأسعار مناسبة، مع رقابة فعالة لضمان وصول الدعم لمستحقيه.
• الإيجارات: ضبط سوق الإيجارات ومنع التعامل بغير العملة المحلية.
4. إصلاح الإدارة المحلية
لا يكفي التدوير، بل لا بد من تقييم الأداء، ومكافأة الناجحين، ومحاسبة الفاشلين، مع تمكين الشباب والنساء من مواقع القرار بعيدًا عن المحاصصة والمحاباة.
5. مكافحة الفساد وتنمية الموارد
تعز قادرة على توليد مواردها. حصر الأوعية الإيرادية وتحصيلها بشفافية، مع إشراك المجتمع والإعلام في الرقابة، خطوة أساسية للنهوض.
6. التعليم: بوابة المستقبل
يجب إعلان تعز "عاصمة التعليم في اليمن". تأهيل المدارس والمعلمين، وإطلاق مبادرة لاستقبال طلاب من مختلف المحافظات تحت شعار: "تعليم تعز لليمنيين".
7. تحرير المدينة وفك الحصار
تحقيق الأمن يشترط فتح الطرقات وربط تعز بالمخا، وليس العكس. ينبغي استثمار موقعها الاستراتيجي لإعادة ربطها ببقية الوطن.
8. جذب الاستثمارات والسياحة الداخلية
بتنوعها الثقافي والجغرافي، وسلامة بيئتها الاجتماعية، يمكن لتعز أن تتحول إلى مركز جذب استثماري وسياحي، بشرط توفير مناخ آمن ومشجع.
رسالة إلى القيادة الشرعية
إن كنتم جادين في مشروع بناء الدولة، فابدؤوا من تعز. فإن تعافت، تعافى معها اليمن. سلّموها زمام المبادرة، فهي تمتلك ما لا يمتلكه غيرها: نساء كالألف، شباب بألف مشروع، ومثقفون يحمل الواحد منهم ألف حل.
تعز اليوم لا تنتحب فقط، بل تنادي، تتحرك، وتبادر. إنها تنتظر قرارًا شجاعًا يطلق العنان لقواها الحية للبناء، قبل أن تُجبر على التوجّه نحو الخيار الآخر... ذلك الخيار الذي يعرفه الجميع جيدًا.
فلا تتركوها وحدها... ساعدوها على النهوض.
ختامًا... بوصلتنا البناء والعدالة
تعز لن تقف عند الشعارات الموسمية، بل تنشد عدلًا نقيمه، ومواطنة نصونها، وتنمية تستحقها.
لن تُبنى بالمماحكات، ولا بالميليشيات المتصارعة، بل بالمكونات المتصالحة، والعقول الناضجة، والتضحيات المستمرة، والسواعد المؤمنة بوطنٍ واحد.تستمد هذه الكلمات من نداء رجل الأعمال الوطني عبد الواسع هائل سعيد، الذي طالما دعا إلى إنهاء معاناة اليمنيين وإنقاذ الوطن.
تعز أولى بهذا العدل، وأجدر بأن تُنصف...
فهي رافعة المستقبل، ومفتاح اليمن الجديد.
تعز لا تطلب المستحيل... فقط تطلب أن تُنصف.
-->