سقوط طغيان العصابة.. سيتلوه عصابة

د. محمد شداد
الأحد ، ٠٨ ديسمبر ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٣٢ مساءً

 

في خضم هذه الأحداث والتحولات التاريخية، تتجلى عظمة العدل الإلهي وقوة الشعوب وصبر الأمم. تؤكد هذه المواقف النظرية القائلة: "دولة الظلم ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة". فالدولة العادلة تدوم ولو كانت كافرة، بينما الدولة الظالمة تزول ولو كانت مسلمة.

 

عندما يشتد ظلم نظام على شعب ويبلغ ذروته، يكون سقوطه سريعًا وغير متوقع. تمامًا كما حدث في سوريا، وردة الشام وشامتها. وإذا ظن الناس أن عصابات القهر قد لا تزول أبدًا، فليتذكروا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته"، وقوله تعالى: "بغتةً وهم لا يشعرون".

 

فرح نصف العالم الحر بسقوط نظام العصابة الذي أسس لحكم العصابات والأسر في الأنظمة الجمهورية. هذا النظام الذي زرع بذرة التوريث وفتح شهية رؤساء البلدان الجمهورية لهذا النهج، ما أدى إلى كوارث على الشعوب.

 

سقط نظام استمر قرابة 54 عامًا، متحكمًا بآلة قمعية لا مثيل لها. سجون كـ"سجن تدمر" و"سجن صيدنايا" تحولت إلى مسالخ بشرية، وغرف الملح التي حفظت فيها جثث الموتى جراء التعذيب كانت شاهدة على بشاعة الجرم. نظام قلع الأظافر، سلخ الجلود، وانتهاك الأعراض واغتصاب الحرائر علنًا وأمام أعين أزواجهن، لم يكن سوى جانب من فصول مأساة الشعب السوري.

 

لقد كان نظام العصابة العلوية مثالًا للانحلال من قيم الدين والعروبة والأخلاق. لم يترك هذا النظام أداة من أدوات القهر والتعذيب والإهانة إلا واستخدمها بقسوة ضد الشعب السوري الحر. عصابة انتشرت في مفاصل النظام في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، كما أشار الرئيس السوري الأسبق أمين الحافظ حين قال إنهم خدعوا الجميع، ثم انقلبوا على من مكّنهم.

 

لم يتوقف النظام عند حدود ظلمه الداخلي، بل استدعى كل عصابات الإجرام الدولية لقتل الشعب السوري. من مرتزقة "فاغنر" الروسية، إلى مجرمي الحشد الشعبي العراقي، ومجرمي حزب الشيطان اللبناني، وقادة الحرس الثوري الإيراني وميلشياته الذين أعملوا القتل في الأبرياء بدوافع طائفية خبيثة.

 

وصلت الوحشية ذروتها عندما استدعى النظام القوات الجوية الروسية لتدك الأحياء السورية على رؤوس ساكنيها. كان الهدف إرسال رسالة للعالم بأن روسيا قوة دولية، بعد انهيار إمبراطوريتها بسبب سياساتها القاسية وظلمها العابر للحدود.

 

سقطت هذه العصابة الإجرامية التي فاقت بجرائمها أبشع صور الاحتلالات الأوروبية. لكن هل يتوب المجرمون قبل أن تأتي لحظة الطوفان الشعبي الذي لن يصده شيء؟

 

أما إلى اليمن، يمن الروح وروح الفؤاد، فأقول: لقد أشرقت بيارق الأمل في السماء، وعبارة "قادمون يا صنعاء" ستكون كما صدح بها الشباب، سيكتبها التاريخ بحروف من نور، كما خُلِّدت عبارة شباب ثورة 26 سبتمبر: "الجمهورية أو الموت"، عبارات باقية وستبقى شاهدة على إرادة الأمة اليمنية في استعادة الحق المنتهب.

 

إن إرادة الشعوب لا تُهزم، والتاريخ لا ينسى، بل يكتب بعناية زوال الظالمين وبزوغ شمس الحرية.

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي