عبدالرقيب عبدالوهاب.. لماذا اغتيل بطل السبعين؟! (14)

توفيق السامعي
الثلاثاء ، ٠٣ ديسمبر ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٣٤ مساءً

 

أبعاد تصفية عبدالرقيب ورفاقه

مثلت أحداث أغسطس الخط الفاصل لعهدين مختلفين في اليمن؛ خروجه من محتل ظاهر إلى محتل خفي وأشد تأثيراً ولا فكاك منه لليمنيين، وربما كانت إشارات البردوني في أشعاره إلى هذه النقطة تحديداً، في قوله:

فظيع جهل ما يجري وأفظع منه أن تدري

وهل تدرين يا صنعا من المستعمر السري؟!

غزاة لا أشاهدهم وسيف الغزو في صدري

وقوله:

يمانيون في المنفى ومنفيون في اليمن

جنوبيون في (صنعاء) شماليون في (عدن)

فقد صور الحال اليمنية في تلك الظروف وهو المؤرخ المعاصر والمتابع والشاعر الحصيف الذي يعكس الأحداث التاريخية أبياتاً شعرية بصورة بديعة، ومنها انقلاب نوفمبر الذي كان يعارضه، واعتبر انقلاب نوفمبر موتاً لثورة 26 سبتمبر، وليس كما يذهب إليه المهرطقون الذين يقولون إنه كان يتنبأ بأحداث الثاني من ديسمبر؛ فهي مغايرة لذلك تماماً.

ولــدت صـنعـــاء بسبتمـبــر كـي تلقـى المـوت بنوفمبـر

فـــي أول كـانــون الثانـــي أو فـي الثانـي مـن ديسمبـر

مادامت هـجـعـتـهــا حبلــى فـولادتـهـــا لـــن تـتـأخــــر

فهو كان يشير إلى كثير من الأزمات الحبلى بالأحداث والمفاجآت وهي التي توالت تباعاً بسبب الصراعات المختلفة في الصف الجمهوري.

بدا للمتابع في تلك الفترة أن اليمن يراد لها أن تلج عهداً جديداً لا مكان فيه لمعارض ولا لفارض رأي تجديدي؛ ليس عهداً نهضوياً بقدر ما كان عهداً تسلطياً ظاهره المشيخات، وباطنه قوى متعددة ومراكز نفوذ داخلية وخارجية بينها الإمامة التي لم تبرح مسرح الأحداث اليمنية بصور متعددة، حتى كان التخلص من كل الموانع أمام الاحتلال الخفي. 

كان الإرياني قد أورد في مذكراته مراد عبدالرقيب من هذه المعارضة القوية له، وهي أن عبدالرقيب كان يريد أن تسود المؤسسية والتعيينات المهنية والمنصفة في الدولة، قال عبدالرقيب: "نحن لا نريد تجزئة البلاد ولا تمزيقها، وإنما نريد تصحيح الأوضاع لتكون لكل اليمنيين، وحتى لا يتسلط المشائخ الإقطاعيون على الدولة ويستأثرون بكل شيء".

استئثار المشايخ بكل مستحقات الدولة جعلها في صراعات مستمرة وتخلف دائم؛ فقد كانت معظم ميزانية الدولة تذهب إلى خزائنهم الشخصية حتى ضاق بهم حلفاؤهم مما أدى إلى استقالة رئيس الوزراء النعمان من رئاسة الوزراء وكذلك رفض العيني تشكيل الحكومة مرتين إلا باتفاق إصلاح شؤون الموازنة العامة وعدم سيطرة المشايخ عليها، وكذلك استقالة رئيس الوزراء حمود الجائفي.

يبدو أن عبدالرقيب وزملاءه الجمهوريين الأبطال قُدموا كباش فداء في طريق المصالحة التي كان يسعى إليها الجميع بين الجمهوريين والإماميين داخلياً وخارجياً، وقد فهمنا من سياق مذكرات الإرياني أن المصالحة كان لا بد لها من ثمن وتضحيات من الجانب الجمهوري –كما قال-، ولا ندري هل يمكن فهم هذه التصفية ضمن هذه التضحية المقصودة أم تضحيات أخرى، فقد كان الجميع يدرك أن هؤلاء الأبطال الشباب هم الذين سيقفون سداً منيعاً وحجر عثرة أمام هذه المصالحة على حساب الجمهورية والثورة، وبالتالي تقدم رؤوسهم قرابين في مذبح هذه الغاية، وهذا تدعمه أحداث مماثلة ستأتي لاحقاً في زمن إبراهيم الحمدي وصولاً إلى عهد صالح.

يقول الدكتور حسن مكي: "ضغوط خارجية رامية إلى إقصاء المتشددين من الجمهوريين بهدف تهيئة الأجواء الملائمة للمصالحة المريحة، فضلاً عن تعصب الزعامات القبلية التي كانت تغذي تلك التناقضات أدت إلى التعجيل بتفجير الموقف في وجه الجميع في شكل أحداث أغسطس 1968 المأساوية". 

تقديم هؤلاء كبش فداء لمحناه واستنتجناه أيضاً من مدونات مسؤولي تلك الفترة، وكان النعمان أكثر صراحة من الجميع في أمرهم، لم يلبسهم لباساً طائفياً ولا تمرداً ولا عملاء للخارج، بل سماهم متأثرين بالخارج عن جهل، وهو أدق وصفاً لحالتهم من الجميع.

يقول النعمان، بسبب الآراء التي تدعو المواطنين للالتقاء على صعيد واحد الجمهوريين والملكيين بعد الدعوات السابقة للصلح: "ثارت ثائرة العملاء كما يسمونهم، ونحن نقول المتأثرين بالنفوذ الخارجي عن جهل، لما رأى هؤلاء أن الإرياني والقيادات بدأت ترجع إلى طريق العقل وتدعو الملكيين اليمنيين لأن يعودوا إلى بلادهم؛ لأن الوطن مشترك للجميع، ثار أولئك المتأثرون بالنفوذ الخارجي وقالوا إن الجمهورية ستباع للملكيين، وكأن الجمهورية سلعة في نظرهم وليست نظاماً؛ لأنهم لا يفقهون. وكان في هذا في 23 أغسطس سنة 1968، وليضربوا القصر الجمهوري الذي يعمل منه القاضي عبدالرحمن الإرياني والعمري وكل الأشخاص الذين بدأوا يتراجعون ويرون أن استرجاع اليمنيين اليوم إلى وطنهم أصبح أمراً لا مناص منه، وأنه لا فرق بين الملكي والجمهورية. كلهم يمنيون. فأنذر هؤلاء بوقف هذه الهجمات، فلم يقبلوا. أرسلت القيادة إلى القبائل، والقبائل هي القوة الضاربة في اليمن والتي لا تزال على خطتها. ودخلت القبائل إلى صنعاء وأطبقت على هذه الأسلحة: الصاعقة والمظلات والمدفعية والمشاة، على أربعة أسلحة ودمرت قواعدهم ومدارسهم، واستولت عليها وسيطرت على الموقف، ونفوا هؤلاء إلى الخارج. أ هـ

المستغرب أن البعض يبرر تصفية تيار عبدالرقيب الجمهوري العتيد للتصالح مع تيار الإمامة الرجعي الظلامي الموغل في دماء اليمنيين والالتقاء معهم؛ فكيف تستأصل قوات جمهورية حمتها بحدقات أعينها وافتدتها بمهج أرواحها للقبول بتيار الإمامة؟!

ومع أن عبدالرقيب ومن معه كانوا متهمين بإثارة الطائفية والمناطقية عند الإرياني وغيره إلا أن ما يدحض هذا الأمر هو حملات الاعتقالات التي طالت قبله بعض قيادات الثورة من شخصيات تعز كعبدالغني مطهر ومحمد الأسودي ومحمد قاسم غالب، ومحمد مفرح وقبل ذلك اغتيال وتصفية الشيخ عبدالقوي حاميم، والرابط المشترك بين كل تلك القضايا هو الموضوع الطائفي والمناطقي، وأيضاً حسبتهم أنصاراً للسلال، وما وجدنا تبريراً واضحاً لاعتقال وإذلال هؤلاء الثوار الكبار خاصة من قبل الإرياني وسنان اللذين لم يتركا شاردة ولا واردة إلا ودوناها في مذكراتهما، حت تعرف الأجيال اللاحقة لماذا اعتقل وأهين بعض الآباء المؤسسين للجمهورية!

شعر الضباط الذين فروا إلى خارج الوطن وتهربوا من مسؤوليتهم التاريخية في الحفاظ على الجمهورية والوطن، أنه لبسهم عار الهروب لن يستطيعوا الفكاك من هذا العار إلا بمحو شهوده، ومع أول بوادر النصر وكسر الحصار عادوا مجدداً ليركبوا على ظهر الانتصارات، وأن عليهم غسل هذا العار والتخلص من شخوصه وشهوده بفبركة التهم ضدهم والتعبئة لتصفيتهم، ولتحقيق مصالح خارجية في إزاحتهم من الطريق.

تبدو قصة عبدالرقيب عبدالوهاب قصة مفتعلة من الأساس، أو تم الدفع بها لتصل إلى ما وصلت إليه، إذا ما راجعنا ودققنا وحللنا أقوال وشهادات وكتابات الشخصيات البارزة في ذلك العهد، وقارنا بحملات وأحداث سابقة لتصفية عبدالرقيب ولا حقة بعده حتى نهاية السبعينيات، وتم إلباس حادثة عبدالرقيب لباساً طائفياً ومناطقياً للتخلص من فكرة بناء جيش حديث ومؤسسي مهني، ويبدو أن قوة فاعلة ثالثة هي من سير مسرحية تلك المواجهات وإحداث خلل في التوازنات في الجيش والحكم على السواء حتى لا ينهض الوطن بجيش داخلي قوي؛ لأنه بعد التخلص من عبدالرقيب عبدالوهاب جرت عملية جارفة في إنشاء عهد جديد يتلبس لباس الجمهورية ويفعل فعل الملكية؛ فقد أعقب عملية الاغتيال ملاحقة ومطاردة قيادة المقاومة الشعبية بشكل عام، وهذه المقاومة –كما يصفها كثير من الثوار ومعاصري الثورة- العامل الأهم في التخلص من الحصار وهزيمة الإمامة بشكل عام؛ كونها كانت أكثر تأثيراً وفاعلية وعدداً حتى من الجيش في فك الحصار؛ فقد كانت أكثر عدداً، وأخف حركة، وأقوى حسماً، وممولة تمويلاً ذاتياً، ومحللة من القيود الرسمية المقيدة لتحركاتها بعكس الجيش الرسمي؛ فهي التي كسرت الحصار من طريق الحديدة ومن يسلح ومن داخل العاصمة صنعاء (كان ثوار تعز قد أرسلوا عبر الطائرات 4 آلاف عنصر من المقاومة الشعبية مساندة للصاعقة والمظلات، كما يذكر عبدالغني مطهر أحد حاشدي تلك المجاميع)، وفتحت لهم السجون والمعتقلات لهم وللعناصر الحزبية المدنية، وتطبيع العلاقات والمصالحة مع الإماميين، ودخل ممثل الإماميين أحمد محمد الشامي وقاسم منصر إلى عضوية المجلس الجمهوري، وكان يصعب على الإرياني والقوى الجمهورية المحافظة تحقيق كل ذلك، في ظل وحدة فصائل قوى حرب السبعين يوماً.

وحتى رأسا الحكم حينها الإرياني والعمري يحمل كل واحد منهما الآخر قتل عبدالرقيب، والجميع يأخذ برواية علي سيف الخولاني في مقتله، وكأنه ليس لهم جهاز مخابرات ولا رجال يعرفون الحادثة بالتفصيل، مع أن رجال العمري هم من توجهوا لمحاصرته، بينما رجل العمري الشعيبي يقول إن العمري خسر بأولئك الأبطال كل فرصة لبناء جيش حقيقي؛ لأنه لم يكن يريد قتلهم، وأنه وجد نفسه وحيداً بدونهم ودون سند في معركة الوطن السياسية، وأنه بإزاحتهم وجد العمري نفسه مهزوماً أمام القوى الجمهورية المحافظة!

 وهذه الجملة الأخيرة تضع علامات استفهام كثيرة حول حقيقة إدارة عملية القتل منذ البداية وحتى النهاية!!

أعتقد أن خطر عبدالرقيب وصحبه تم تضخيمه كثيراً للتخلص منه قبل أن يكبر ويتمدد بهدف إعادة هيكلة الجيش وتدجينه لصالح القوى القبلية التي وجدت نفسها الأقوى في الساحة بعد أن صارت متحكمة بزمام الأمور وبالإرياني ومن معه؛ لأنه لم يكن بذلك العمق الكبير لا من ناحية القوة خاصة بعد تجريده من السلاح وكذلك لاضطراب وتخبط الساسة كمن يسير بغير بهدى إلا ما ينتظره الخارج منهم وبروز رؤوس متعددة لا رأساً واحدة في المشهد.

كما لم تكن الأمور السياسية قد ضبطت تماماً في الطبقة الحاكمة بعد الثورة؛ فما زالت رواسب العهد القديم حديثة التأثير عند الجميع خاصة وأن ضباطها وقيادييها كانوا من طبقة الحكم في العهد الإمامي، وبالتالي فإن القناعات والأفكار والمعتقدات لا تتغير بين عشية وضحاها ولا فترة وجيزة إلا من خلال مشروع ثقافي تنويري صلب مدعوم بقوة المؤسسات والجيش والقانون وسرعة فرضه على الأرض؛ فثقافة العهد البائد ما تزال تعشش في عقول الجميع، والدليل على ذلك النعرات المذهبية والمناطقية التي تخللت الأوساط الجمهورية بعد الثورة وكانت تحدث صراعات بين لحظة وأخرى في صفوف الثوار، ليس العامة فحسب بل كبار القيادات كالإرياني والسلال والعمري، وغيرهم، كما اعترف الإرياني والنعمان في مذكرتيهما بذلك، وأن القيادات المصرية في اليمن كانت تذكي هذه النعرات، وقد صرح الإرياني بها ومحملاً إياها أبناء تعز، أما البيضاني فقد كان شديد الوضوح في هذا الأمر مما جعله شخصية غير مقبولة، بل ومنبوذة من الجميع.

ما أثار استغرابي، بل وأذهلني، هو حديث النعمان الأب عن القوات المصرية واتهامها بأنها قوات غازية "وما حدث من حرب وانقسام كان بفعل الغزو المصري لليمن؛ فهو الذي أوجد هذا الشقاق، وأوجد الانقسام بين اليمنيين" (مذكرات النعمان صـ126).

لقد كان العمري شخصية حدية التصرفات، إيجاباً وسلباً، ومع تلك الشخصيات الطائفية المقربة منه فلا يستبعد تأثره بها؛ فقد كان يحيى المتوكل مدير مكتب العمري، وكان ضابط الاتصال بين العناصر الإمامية والجمهورية في الداخل والخارج، وكان عبدالقادر بن محمد شرف الدين أحد مستشاريه، ولابد لهاتين الشخصيتين من تأثير سلالي كبير على العمري في التعامل الطائفي في عهده، وخاصة على كبار الثوار، بينما كان علي سيف الخولاني ملاصقاً للعمري كظله يحاول التقرب منه لإزالة العار الذي لحقه من الهروب في تحمل مسؤولياته وهو رئيس أركان لمواجهة جحافل الحصار الإمامية، فما من طريق إلا وسلكه للتحريض على عبدالرقيب ورفاقه، كما يقول بعض أنصار عبدالرقيب وتياره، وهو ما يفسر لنا كيف عاد من عند العمري طالباً الأمان لعبدالرقيب ثم ما لبث أن أعلن مقتله بتلك الرواية التي سردها الإرياني، على الرغم من أن الشعيبي يبرئ العمري من التعصب الطائفي إلا أن شهادته له مجروحة كواحد من المقربين منه، وأثبتت خلافها الأحداث والتصفيات.

يحيى المتوكل الذي عمل مديراً لمكتب رئيس الوزراء حسن العمري يصفه بالأحمق، ويقول: "كان [العمري] شخصية عسكرية فذة وجمهورياً من الطراز الأول، لكنه كان أحمق في ردود فعله، والدليل الأكبر حادثة المصور الذي قتله، وأدى إلى خروجه من العمل السياسي والعسكري، لكن رغم ذلك كان دوره حاسماً في إنقاذ الثورة والجمهورية"(مقابلة شخصية مع الكاتب اللبناني فيصل جلول، موقع العربي21.( https://arabi21.com/story/1356542/).

من عمل في الجانب العسكري، طيلة الفترات الماضية، يدرك هذا الأمر جيداً وظلت تأثيرات أحداث عبدالرقيب في المعسكرات إلى عام 1995، وتلك قصة أخرى سنسردها في مكان آخر.

 ففي داخل الوحدات العسكرية كنا نسمع وبوضوح شديد، ويلقى على مسامعنا صباح مساء أن العسكرية لا تصلح إلا للشمال، وأن الحكم لا ولن يخرج من أيديهم أبداً، وأن بقية المناطق لا يصلح الحكام منها، وآخر هذا العهد ما اتفق عليه علي عبدالله صالح مع الحوثيين وقيامه بالتحالف معهم في إسقاط الجمهورية بعد انتهاء مصالحه منها، وكان دائم التهديد بهدم المعبد على من فيه بقوله المكرر: "علي وعلى أعدائي".

فبعد مجزرة جمعة الكرامة في 18 مارس 2011، حينما استقال معظم أركان حكمه، اجتمع بممثلي الحوثية في ساحة التغيير بصنعاء، وتحديداً خالد المداني ممثل حركة شباب "الصمود" وبعضاً من قيادة الحركة، وقال إن سلم السلطة فلن يسلمها إلا للحوثيين نكاية بعلي محسن والإصلاح، أو أنه على الأقل سيسلم للحوثيين صعدة والجوف وحجة وصنعاء وعمران، وهو ما ترجم عملياً إلى دعوة قائد الحرس الجمهوري حينها نجل الرئيس أحمد علي، قائدي لواءين في الجوف وفي صعدة لتسليم تلك الألوية للحوثيين، وفي حين سلم صاحب صعدة هرب صاحب الجوف ونزل الحوثيون من صعدة باتجاه الجوف للاستيلاء على اللواء 115 ميكا حرس جمهوري وعلى معسكر الأمن المركزي هناك، فأسرعت إليهما قبائل موالية للإصلاح في الجوف، ودارت اشتباكات عنيفة بينهم وبين الحوثيين وتسلمتهما قبائل موالية للدولة وللإصلاح وقبائل الجوف، وشكل ضربة قوية للحوثيين، ما جعلهم يشنون حرباً على المعسكرين ودارت مواجهات عنيفة وصولاً إلى الانقلاب الكلي والسيطرة على المحافظة بشكل تدريجي بعد كر وفر، كما هو معروف اليوم. 

ترجمت تهديدات علي عبدالله صالح عملياً في تحالفه مع الحوثي بعد تنحيته من السلطة بموجب المبادرة الخليجية في نوفمبر 2011، وقاد تحالفهما إلى الانقلاب على الدولة منذ بداية خطواتها الأولى عام 2011 وصولاً إلى السيطرة على صنعاء في 21 سبتمبر 2014.

اجتمع في تحالف الطرفين تحالف العنصريتين الإمامية والمناطقية؛ الإمامية كنهج ونظرية عقائدية تاريخية للطرف الزيدي الهادوي بالدعم الإيراني الإثني عشري، والعنصرية المناطقية القبلية لشمال الشمال بما تمثله الجغرافيا الزيدية وطرف القبائل التي كانت في طرف علي صالح على الدوام؛ فقبل ذلك تم تشتيت قبيلتي حاشد وبكيل حتى لا تناصران الجمهورية باستمالة بعض مشايخهما إلى ذلك التحالف ضد الطرف الجمهوري الذي تمثله أسرة الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر في العصيمات، وسلب منها قبيلة بني صريم بمشيخ علي حميد جليدان، فقسمها نصفين، واجتمع الجميع ضد اللواء 310 مدرع بقيادة العميد حميد القشيبي لتدميره؛ فقد كان حارس البوابة الشمالية لصنعاء وحارس محافظة عمران، ولو بقيت حاشد كتلة واحدة بدعم الدولة ما تجاوزتها الإمامة إلى صنعاء، ولكن الجميع تآمر عليها لتفكيكها وإضعافها وفي مقدمتهم صالح وهادي.

 

....يتبع

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي